اقتصاد

ما الذي تعنيه العقوبات الأميركية الجديدة لأسواق النفط؟

 

بعد إطلاق إدارة بايدن المنتهية ولايتها جولة جديدة من العقوبات ضد روسيا، ارتفع خام برينت بشكل حادّ في جلسات التداول يومي 10 و13 يناير، فهل سيستمرّ هذا المنحى التصاعديّ لأسعار الخام؟
عن هذا السؤال أجاب كبير الباحثين في مركز المصلحة الوطنيّة والمستشار في مجال المخاطر السياسية لقطاع الطاقة والعملاء الماليين الأميركي غريغ بريدي، في مقال نشره «ذا ناشيونال انترست»، جاء فيه:
من غير الواضح بعد كيف ستتعامل إدارة ترامب المقبلة مع تطبيق هذه العقوبات.
لقد أغلقت جلسة التداول، 13 يناير الحالي، عند 81.01 دولارا لبرميل خام برنت، بزيادة تجاوزت 5%، وهو أعلى مستوى له منذ أغسطس الماضي. ومع الجدل عما إذا كان هذا التوجه سيستمر، إلا أن هناك عدة عوامل قد تحدّ من أي ارتفاع إضافي لأسعار النفط.

تفاصيل العقوبات الجديدة وتأثيرها على السوق

تستهدف العقوبات الجديدة عدة قطاعات في قطاع الطاقة الروسي، بما في ذلك شركتا «غازبروم نفط» و»سورغوت نفط غاز»، إلا أن الأهم هو استهداف «الأسطول الشبحيّ» من ناقلات النفط القديمة التي تسهل صادرات النفط الروسيّة، ما يسمح للكثير منها بتجاوز سقف السعر المحدد بـ 60 دولاراً للبرميل بموجب العقوبات الأميركية والأوروبية. كما قيّدت الإجراءات الجديدة بعض الاستثناءات التي سمحت للبنوك بمواصلة تسوية المعاملات المتعلقة بصادرات الطاقة الروسية.

هدف العقوبات

بعد بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا، كان إطار العقوبات المفروض من الولايات المتحدة وحلفائها يهدف إلى تقليل عائدات روسيا النفطية دون إحداث صدمة سعرية كبيرة تؤثر على الاقتصاد العالمي. وبالفعل، نجح هذا الإطار إلى حد كبير، وإن كان الخصم الفعلي المفروض على الصادرات الروسية قد تقلص خلال السنوات الثلاث الماضية.

السياق العالمي وتأثيرات السوق

كانت المخاوف من تضييق السوق في عام 2022 مرتفعة. ولكن، ومع زيادة الإنتاج النفطيّ من الولايات المتحدة وغيرها من الدول غير الأعضاء في «أوبك»، وتباطؤ نمو الطلب العالمي عن التوقعات، اضطرت «أوبك+» إلى تعزيز خفض الإنتاج لفترات أطول مما كان متوقعاً، وهو ما خلق فائضاً كبيراً في القدرة الإنتاجية الاحتياطية، ما شجّع المسؤولين الأميركيين على استهداف الصناعة النفطية الروسية بطرق تهدف إلى تقليص أحجام التصدير.
وقد استهدفت العقوبات الأخيرة 183 ناقلة نفط بالاسم، مع تهديد بفرض عقوبات على أيّ جهة تجارية تسهّل عملياتها، بما في ذلك مشغلو الموانئ. وتقدّر شركة «غولدمان ساكس» أن هذه الناقلات كانت تنقل نحو 1.7 مليون برميل يومياً من النفط الخام الروسي، أي حوالي 25% من إجمالي الصادرات الروسية و42% من الصادرات البحرية.

ردود الفعل الدوليّة وتداعيات السوق

أعلن مشغلو الموانئ في كل من الصين والهند، وهما أكبر الأسواق لصادرات النفط الروسية، أن الناقلات المعاقبة لن يسمح لها بالتفريغ. وقد أدّى ذلك إلى ارتفاع كبير في معدلات استئجار الناقلات غير المعاقبة، نظراً للمرونة المحدودة في سوق الناقلات. في الوقت نفسه، سعت المصافي للحصول على إمدادات بديلة، خاصة من الشرق الأوسط وأفريقيا والقارة الأميركية.

التحديات المستقبلية لإدارة ترامب

هناك مخاوف متزايدة بشأن احتمال تشديد إدارة ترامب المقبلة تنفيذ العقوبات على إيران، ما قد يحدّ من صادراتها التي ارتفعت إلى 1.7 مليون برميل يومياً، معظمها إلى الصين. ومع ذلك، قد يتمّ تعويض هذه الخسائر بسهولة من خلال إنهاء تخفيضات الإنتاج لدى «أوبك+». ولكن إذا أضيفت خسارة مليون برميل يومياً من الصادرات الروسية، فسيغير ذلك من السردية السائدة بشأن فائض الإمدادات في السوق خلال عام 2024 وسط انخفاض الأسعار.
فقد أسفر التحرك المفاجئ من جانب الولايات المتحدة بشأن العقوبات عن سحب الفارق في السوق، وارتفاع الفرق بين الأسعار الفورية وأسعار العقود المستقبلية لمدة عام بأكثر من 5 دولارات للبرميل الواحد.
لا يزال من غير الواضح كيف ستتعامل إدارة ترامب مع تطبيق العقوبات، كما ظهر في تراجع طفيف في الأسعار خلال جلسة التداول يوم 14 يناير، فيما تشير تجارب السنوات الأخيرة إلى أن السوق دائماً ما تجد وسيلة للحفاظ على تدفق الأحجام، ولو إلى وجهات جديدة وبأسعار مخفضة. ولكن، إذا تم تشديد تطبيق العقوبات على روسيا وإيران في عام 2025، فقد يكون ذلك خبراً ساراً لبقية منتجي «أوبك+»، الذين قد يتمكنون أخيراً من زيادة صادراتهم دون التسبب في انخفاض كبير بالأسعار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى