اتفاق وقف النار في غزة: انتصار ثمين للمقاومة وتكريس فشل أهداف الحرب الصهيونية
حسن حردان
إنّ قراءة بنود اتفاق وقف النار غزة وتبادل الأسرى الذي تمّ التوصل اليه بين المقاومة الفلسطينية وكيان الاحتلال الصهيوني، تؤكد نتيجتين مهمّتين:
النتيجة الأولى، تحقيق المطالب الأساسية التي كانت تشدّد عليها قيادة المقاومة لإجراء عملية تبادل للأسرى في كلّ مراحل المفاوضات غير المباشرة..
النتيجة الثانية، تسليم «إسرائيلي» بهذه المطالب التي كانت ترفضها حكومة العدو برئاسة بنيامين نتنياهو طوال الـ 15 شهراً الماضية من عمر الحرب «الإسرائيلية» على غزة، مما كان يعطل في كلّ مرة التوصل إلى اتفاق.
فالاتفاق تضمّن المطالب التالية التي كانت تشدّد عليها المقاومة هي:
أولاً، موافقة حكومة العدو على وقف نهائي للحرب على غزة بشكل واضح.
ثانياً، انسحاب جيش الاحتلال من كلّ قطاع غزة الى المواقع التي كان يتواجد فيها في غلاف غزة قبل اندلاع الحرب.
ثالثاً، رفع الحصار وإدخال المساعدات الإغاثية العاجلة من غذاء وطاقة ودواء وتجهيزات طبية، وبيوت جاهزة للإيواء.
رابعاً، عودة النازحين من جنوب القطاع إلى شماله من دون أيّ عوائق.. مع حرية الحركة والانتقال.
خامساً، إعادة إعمار قطاع غزة وفق روزنامة زمنية واضحة.
سادساً: تبادل الأسرى على ثلاث مراحل تضمّنها تنفيذ الاتفاق، تحقق للمقاومة إطلاق آلاف الأسرى ومن ضمنهم الأسرى المحكوم عليهم بالمؤبدات والأحكام العالية.
ومن خلال التدقيق في هذه البنود التي تضمّنها الاتفاق يتبيّن التالي:
1 ـ انّ حكومة العدو لم تتمكن من استعادة الأسرى الصهاينة بالقوة، وهي أجبرت في نهاية المطاف على القبول بصفقة لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين في إطار صفقة شاملة.
2 ـ انّ حكومة العدو أجبرت على التفاوض غير المباشر مع قيادة المقاومة لإنجاز صفقة تبادل الأسرى، بعد ان فشلت في القضاء على المقاومة، التي لم تتوقف عن مواصلة القتال حتى اللحظة الأخيرة، واضطّرت حكومة العدو إلى التسليم بوجودها في قطاع غزة، وبالتالي فشلت في فرض إدارة عميلة لها في القطاع.. وإعادة بناء ومستوطنات صهيونية.
3 ـ انّ حكومة العدو فشلت في فرض الاستسلام على الشعب الفلسطيني، الذي فاجأ العالم كله بصموده الأسطوري ورفضه محاولات تهجيره عن القطاع، وأحبط مخطط شطب حق عودته إلى أرضه ودياره وتصفية القضية الفلسطينية.
انطلاقاً مما تقدّم يمكن القول، وبكلّ وضوح، إنّ جيش الاحتلال الصهيوني نجح في تدمير القطاع وارتكاب مجازر نازية مهولة، لكنه فشل في إخضاع الشعب الفلسطيني وكسر إرادته والقضاء على مقاومته، وإنهاء قضية فلسطين، التي عادت إلى الواجهة بقوة، وحظيت بتأييد وتضامن واسع وغير مسبوق على مستوى الرأي العام العالمي، فيما أصبح كيان العدو في عزلة دولية وقادته ملاحقين من قبل محكمة الجنايات الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وكيانهم يحاكم في محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب ابادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني.
في المقابل فإنّ كيان العدو مُنيَ بخسائر فادحة غير مسبوقة، حيث قتل وأصيب الآلاف من ضباطه وجنوده، ودمّرت المئات من دباباته ومدرّعاته وآلياته.. كما تكبّد خسائر مالية واقتصادية كبيرة، تقدّر بعشرات المليارات من الدولارات، في حين بات نتنياهو وحكومته يواجهون الاتهامات في الداخل الإسرائيلي بالمسؤولية عن الفشل العسكري، ومقتل العشرات من الأسرى، وأعداد كبيرة من الجنود الصهاينة بسبب الرفض المستمر لعقد مثل هذه الصفقة لتبادل الأسرى التي عرضها الرئيس الأميركي جو بايدن في أيار الماضي، ورفضها نتنياهو، لأنها تضمّنت إنهاء الحرب والانسحاب من القطاع.