قمّة لبنانيّة ـ فرنسيّة ثمّ اجتماع رباعيّ في القصر الجمهوري / عون لماكرون: لانسحاب «إسرائيل» ضمن المهلة المتفق عليها /الرئيس الفرنسيّ: سننظم مؤتمراً دوليّاً لحشد التمويل لإعادة إعمار لبنان
أكّدَ رئيس الجمهوريّة جوزاف عون في مؤتمرٍ صحافيّ، عقب انتهاء محادثاته مع الرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون في قصر بعبدا، أهميّة تثبيت وقف إطلاق النار وانسحاب «إسرائيل» من الأراضي التي لا تزال موجودة فيها ضمنَ المهلة المتفق عليها في اتفاقِ وقفِ إطلاق النار. ودعا لإعادة الأسرى فضلاً عن إعادة إعمار القرى والمناطق اللبنانيّة التي تهدّمت جراء العدوان “الإسرائيليّ” الأخير.
من جهّته أكّدَ ماكرون “أنَّنا نواصل مساندة لبنان ليبسطَ سيادته على كلّ الأراضي اللبنانية”، معتبراً أنَّ “بقاء لبنان بمنأى عن التدخلات الخارجيّة شرط لاستمرار تنفيذ وقف إطلاق النار” وقال “سنستمرُّ في دعم الجيش لمواصلة انتشاره في الجنوب، وسنعمل مع لبنان على ترسيم الحدود عندّ الخطّ الأزرق، وسننظم قريباً مؤتمراً دوليّاً لحشد التمويل لإعادة إعمار لبنان”.
وكان الرئيس الفرنسيّ بدأ أمس زيارةً رسميّة للبنان لتهنئة الرئيس عون بانتخابه وعقدَ محادثات تناولت سُبل دعم لبنان. وكان في استقباله في مقرّ كبّار الزوار في المطار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والسفير الفرنسيّ في لبنان هيرفيه ماغرو. ورافق ماكرون وفدٌ يضمُّ في عداده الموفد الرئاسيّ الفرنسيّ إلى لبنان جان إيف لودريان.
وظهراً وصل ماكرون إلى القصر الجمهوريّ حيث كان في استقباله الرئيس عون. وبعد عزف النشيد الفرنسيّ ترحيباً بالضيف الفرنسيّ، انتقل الرئيسان لعقد قمة لبنانيّة – فرنسيّة.
وخلال لقاء ثنائيّ عبّر عون عن “شكر اللبنانيين للجهود التي بذلتها فرنسا في مساعدة لبنان، سواء عبر موفدها الخاص لودريان أو من خلال اللجنة الخُماسيّة التي ساهمت في إنهاء الشغور الرئاسيّ وانتخاب رئيس جديد بعد فترة طويلة من الفراغ السياسيّ”.
كما أكّدَ عون أهميّة استئناف عمليّات التنقيب عن النفط في البلوكات البحريّة اللبنانيّة، مطالباً ماكرون بالتوجيه إلى شركة “توتال” لاستئناف أعمالها في هذا المجال.
وفي ختام اللقاء، أعربَ عون عن تطلّعه لملاقاة رؤساء دول الاتحاد الأوروبيّ بعد تشكيل الحكومة اللبنانيّة، مؤكّداً “أهميّة تفعيل الشراكة بين لبنان وأوروبا، وما تمثّله من فرصة لتعزيز التعاون في مختلف المجالات”.
ثم عقد الرئيسان مؤتمراً صحافيّاً وقالَ عون في كلمته “السيّد الرئيس، تأتون اليومَ لتهنئتنا. وأنتم تدركون أنَّ التهنئة هي للبنان. ولكلِ لبنانيّ. للذين صمدوا وناضلوا وتمسّكوا بوطنِهم وأرضهم. للذين عادوا إلى بيوتهم المدمَّرة أمس، وهم يبتسمون للغد. وللذين رحلوا وعيونُهم علينا. أو سافروا، وأيديهم على حقيبةِ العودة، ينتظرون وننتظرُهم. قد يطولُ الكلامُ عما يحتاجُ إليه وطنُنا الآن. في السياسةِ والاقتصادِ والأمنِ وشتّى المجالات. لكنّني اليوم، باسمِ شعبي، وباسمي شخصيّاً، أتمنّى منكم السيّدَ الرئيس، أمراً واحداً فقط. أنْ تشهدوا للعالم كلِه، بأنّ ثقةَ اللبنانيين ببلدِهم ودولتِهم قد عادت. وأنّ ثقةَ العالمِ بلبنانَ يجب أن تعودَ كاملة. لأنَّ لبنانَ الحقيقي الأصيل قد عاد. أمّا الباقي كلُه، فنحن وأنتم وأصدقاؤنا في العالم، قادرون عليه”.
من جهته، أكّد ماكرون في كلمته أنَّ فرنسا تقف إلى جانب لبنان وتلتزم العمل معه، معتبراً أن “انتخاب الرئيس أعادَ الأملَ لهذا البلد”.
وتوجه لعون قائلاً “انتُخبتم رئيساً للجمهوريّة ومن 9 كانون الثاني عاد الربيع في فصل الشتاء وفخامة الرئيس أنتم الأمل ورئيس الحكومة سيجسّد هذا الأمل فانتخاب اللبنانيين لك أكّدَ مطالبتهم بالتغيير وإنعاش لبنان، سوف ندعمُكم وسندعمُ هدفَكم بلبنان ذي السيادة وهذا شرط لحماية لبنان من الاعتداءات ولاستمرار وقف اطلاق النار مع إسرائيل الذي كان نجاحاً دبلوماسيّاً”.
وقال “نتطلّعُ لانسحابٍ كاملٍ للجيش الإسرائيليّ وأن يكون السلاح فقط في يد الجيش اللبنانيّ، وسنعمل على تجنيد المجتمع الدوليّ لمساعدة لبنان في كلّ المجالات ويجب تعزيز عمل يونيفيل للتتمكّن من إنجاز مهمّتها، سنستمرُّ في تدريب الجنود اللبنانيين وننوّه بتطبيق القرار 1701 وسنعمل معكم لترسيم الحدود على طول الخط الأزرق”. وشدّدَ على وجوب تشكيل حكومة جديدة سريعاً.
وبعد المؤتمر، عُقد اجتماعٌ رباعيّ ضمَّ إلى الرئيسين عون وماكرون رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. وغادرَ الرئيس برّي قصر بعبدا، واكتفى بالقول “إن شاء الله خيراً”.
وصباحاً عقد ماكرون وميقاتي اجتماعاً ثنائيّاً استمرَّ قرابة ثلاثة أرباع الساعة.
وردّاً على سؤال عمّا إذا كان البحث تناول موضوع قرب انتهاء المهلة المحدّدة للانسحاب “الإسرائيليّ” من جنوب لبنان قال ميقاتي “الاجتماعُ الأول الذي سيعقده الرئيس ماكرون هو مع الضابطين الأميركيّ والفرنسيّ المعنيين بآلية تنفيذ التدابير المتعلقة بوقف اطلاق النار والتطبيق الكامل للقرار 1701، وبالتأكيد سيطلعنا الرئيس ماكرون في اجتماع بعبدا عند الظهر على نتيجة هذا اللقاء. واعتقد أنَّ الأمور تسير بإتّجاه إتمام الانسحاب في الوقتِ المحدَّد”.
بدوره، قال ماكرون أنّه “سيجتمع مع الضابط الأميركيّ عضو لجنة مراقبة وقف إطلاق النار ولبنان دخل مرحلةً جديدة”.
ثم انتقلَ ماكرون إلى مقرّ السفارة الفرنسيّة في المتحف حيث وضع إكليلاً من الزهر على ضريحِ الجنديّ المجهول. بعدها، جالَ الرئيسُ الفرنسيّ في منطقة الجميزة في بيروت، يرافقه وزير الخارجيّة جان نويل بارو والمبعوث الفرنسيّ إلى لبنان جان إيف لودريان والسفير الفرنسيّ هيرفيه ماغرو، في حضور محافظ بيروت القاضي مروان عبّود، وجالوا في أرجائها واطلعوا على أوضاع المنطقة بعد إعادة ترميم ما تضرّرَ فيها جراء انفجار 4 آب 2020، وهي الزيارة الثانية لماكرون للجميزة بعد أن كان زارها عقب الانفجار.