الوطن

منصوري التقى وفدَ نقابة الصحافة: لا فسادَ في المركزيّ والعمل على السكّة الصحيحة

 

أكّدَ حاكم مصرف لبنان بالإنابة د. وسيم منصوري أن “لا فسادَ في مؤسَّسةِ مصرف لبنان المركزيّ، لأنَّنا أعدنا العمل إلى السكّة الصحيحة”، لافتاً إلى أنَّ الادّعاء على حاكم مصرف لبنان له تداعيات سلبيّة جدّاً في العلاقات مع الدول الخارجيّة”. وأعلنَ أنّ “هناك فائض موازنة 800 مليون دولار لأوّل مرّة منذ 50 سنة”.
كلامُ منصوري جاءِ خلالَ استقباله نقيب الصحافة عوني الكعكي مع وفدٍ من النقابة. وأشادَ الكعكي في بداية اللقاء، بأداء منصوري الذي “استلمَ مهمّته في أصعب الظروف، وقد اتخذَ بعضَ التدابير الإيجابيّة بالنسبةِ للمودعين، وتمكّنَ من إدارةِ الأزمة وزيادة موجودات المصرف المركزيّ بالعملةِ الصعبة”.
ودارَ نقاشٌ مع منصوري، وسأل الكعكي عن إمكان وجود حلول لمشكلة أموال المودعين والمصارف فأجابَ منصوري “منذُ استلامي عملتُ على تغيير صورة مصرف لبنان عند الناس الذين أصبح في استطاعتهم الاطّلاع على كلِّ ما يريدون. وقبل استلامي كان لديهم صورة سلبيّة عن المصرف، أسوأ من الواقع الحقيقيّ للمصرف، وعند عرض الأرقام الحقيقية حول الأموال الموجودة في المصرف حدثَ ارتياحٌ عند الناس، وبدأ المسار المعاكس والتحسُّن. وهنا لا بدّ من شكر الصحافة التي واكبت الأمر وأنصفت مصرف لبنان”.
وتابع “حاولتُ عند استلامي تغيير سياسة عمرها أكثر من ثلاثين سنة، وهي سياسة اعتماد الدولة اللبنانيّة على الاستدانة من المصرف المركزيّ، فتواصلَ مصرف لبنان مع الدولة اللبنانيّة من أجلِ تحسين الجباية وتوحيد سعر الصرف وتخفيف المصاريف، وتنظيم ماليّة الدولة، وبالتالي لم يعُد هناك هدرٌ وفسادٌ والسبب الرئيس هو ضبط الإنفاق وتكريس الشفافيّة، ونتيجة لذلك أصبحَ هناك فائض موازنة 800 مليون دولار لأوّلِ مرّة منذ 50 سنة”.
أضاف “أيضاً ألغيّتُ منصّة صيرفة، وأوقفتُ شراء الدولار من السوق، وعرضتُ بيع الليرة، وبذلك تمكّنتُ من تثبيت سعر الصرف حتّى اليوم”.
وبالنسبةِ للودائع، أكّدَ منصوري أنّه “لا تقعُ أيّ مسؤوليّة على المودع، ولكن مع الأسف هو من يدفعُ الثمن ولا يعرفُ حتّى الآن متى ستعودُ أموالُه وقد جرَت دراسة جميع الودائع”، مشدّداً على أنَّ “مبدأ الـ”هيركات” يجب أن يطبّق بطريقة مدروسة، سوف تعرض الأرقام على الحكومة الجديدة، على أمل أن يجري توزيعٌ عادلٌ لأموالِ المودعين”.
وقال “أمّا بالنسبةِ للخارج، فقد أصبحت علاقة لبنان مع المصارف المراسلة أكثر من ممتازة ، من دونِ أيّ تحفّظ أجنبيّ على التعامل، وكان هناك تنويه بعمل مصرف لبنان الذي قامَ بكلّ واجباته لمساعدة الدولة على الخروج من الأزمة”.
وأردفَ “الحرب التي اندلعت ونزوح أكثر من مليون ونصف المليون من اللبنانيين، كان لا بدّ من تأمين الحّد الأدنى من المقوّمات، وهذا تحدّ كبير للدولة، وعلى الرغمِ من ذلك، تمّت معالجة المشكلة وضخّ الدولارات، وبعد انتخاب الرئيس جوزاف عون، رئيساً للجمهوريّة، زادَ الطلبُ على الليرة اللبنانيّة، والاحتياطات بالعملات الأجنبيّة الى تحسُّن”.
وأبدى منصوري تفاؤلَه بالمرحلة المقبلة على لبنان، وقال “هناك أخبار إيجابيّة من ناحية صندوق النقد، وهو مؤسَّسة دوليّة يحرّكه عامل تقني، إضافةً إلى العامل السياسيّ، أيّ الدول التي تقرر تمويل دولة وتشكيل حكومة جديدة، فهذا يشجّع على مساعدة لبنان”.
وأوضحَ أنَّ “استقرارَ سعر الصرف هو الأهّم، أمّا عمليّة تغيير سعر الصرف، فهذا الأمر يحصلُ ضمن آليّات مدروسة، ولا يهدفُ لمصلحة أحد، وفي حال دعت الظروف إلى دعم سعر الصرف، عندها سأتدخل لتغيير السعر، ولكنَّ استقرار سعر الصرف لم يكلّف المركزيّ شيئاً منذ آب حتّى الآن، بل على العكس حقّقَ أرباحاً بقيمةِ ملياريّ دولار إضافيّ، والاستقرار النقديّ هو الأرضيّة التي يُبنى عليها الاقتصاد والدولة”.
وعن البطاقات المصرفيّة وقبولها في الخارج، أجاب “لا علاقة لهذا الموضوع باللائحة الرماديّة، بل يعود لوضع لبنان الماليّ والاقتصاديّ والعقوبات على حزب الله، وأحياناً لا تعمل البطاقات في الخارج لأسباب تقنيّة، هناك عروض من بنوك أميركيّة للتعامل مع مصرف لبنان وهي مشجعّة جدّاً”. وقال “وسائل الدفع الإلكترونيّة منّظمة، وتجري متابعتها من قِبل مصرف لبنان المركزيّ”.
وردّاً على سؤال عن إعادة الاعمار، قال “هو أمرٌ يتعلّقُ بالجهّة الممّولة، أمّا بالنسبة للمودعين، فالحّلُ بانتظار وضع خطّة، وأحاولُ دائماً أن أقدّم ما هو مستطاع ولا أعدُ بما لا أستطيعُ تنفيذَه”.
وأكّدَ أنَّ “قانون إعادة هيكلة المصارف، شبه جاهز ولكنّ المشكلة هي بتوزيع الخسائر وهي ليست صغيرة ودمجُ المصارف سيحصلُ في المستقبل”.
أمّا بالنسبة للدولة التي استهلكت أموال المودعين، أوضحَ منصوري أنّه “يجب التمييز بين أملاك الدولة التي يجبُ أن تبقى للدولة لأنّها للأجيال القادمة، وبين المداخيل التي تأتي من أملاك الدولة ومؤسَّساتها العامّة، والتي لا تأتي كما يجب، وفي حال تّمت المعالجة، يمكن تخصيص جزء من المداخيل لإعادة أموال المودعين، وأيضاً يمكن تأجير العقارات، والإدارة السليمة باستطاعتها السير بحلول واعدة، هناك أفكار جيّدة في لبنان ولكن يجب ترجمتها بالأفعال”.
وتمنّى على الحكومة الجديدة “وضع خطّة عمل طويلة الأمّد وواضحة من البداية، وأن تُحدّد الحقوق والواجبات ويجري العمل عليها طيلة العهد أي طيلة السنوات الست”.
وعن طباعة فئتيّ المليون والخمسمائة ألف، أكّدَ أنّه “يجب اتخاذ قرار من مجلس النوّاب وهذا ما لم يحصل”، معتبراً أنّه “لم يعد ملائماً الآن” وتابع “نحن ننتظر لنصل إلى فكرة جديدة إيجابيّة، كإمكان التغيير في العملة، يلحق التغيّرات التي جرت أخيراً”، متمنّياً الوصول إلى “صيغةٍ لعملةٍ جديدة نعملُ عليها، وحلمي أن تعود الليرة إلى سابق مجدها”.
وعن الادّعاء الأخير في القضاء، لفتَ منصوري، إلى أنّه سلّمَ “كلَّ المستندات المطلوبة إلى القضاء، وعلى أساسها تمّ توقيف حاكم مصرف لبنان السابق”، وقال “أمّا بالنسبة إليّ فحصلَ الادعاءُ عليّ من قبل القاضية غادة عون، بسبب التزامي قرار مدعي عام التمييز القاضي الحجار، ولكن جرى سحبُ الادّعاء بحقّي لأنَّه عن غيرِ وجهةِ حقّ، والادّعاء على حاكم المصرف المركزيّ، وهو في سدّةِ الحُكم والعمل، يضرُّ بمصلحة لبنان، لأنه يؤدّي إلى قطع علاقتنا مع المصارف المراسلة، ويجعلنا نضطّرُ إلى التوضيح من جديد بكلّ التفاصيل، ونعودُ بالمراسلات إلى مرحلة الصفر”.
وختمَ منصوري مؤكّداً أنّ “لا فسادَ في مؤسَّسةِ مصرف لبنان، لأنَّنا أعدنا العمل إلى السكّة الصحيحة، والحاكم يتخذ قراراته ضمن سياسة المصرف وليس اعتباطيّاً، فقد تمّ تغيير آليّات المحاسَبة في المصرف كلّها، والادّعاء على حاكم مصرف لبنان، له تداعيات سلبيّة جدّاً في العلاقات مع الدول الخارجيّة، ومن المهمّ أن يؤخذَ هذا الأمرُ بالاعتبار قبل فعل الادّعاء”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى