الحاضر الغائب…
أولاً، لست أدري ما السيّئ في ان تكون المقاومة في صفوف المعارضة، وان لا تتشبّث بحصّة من الحكم في السلطة التنفيذية، ولعلّني لا أبالغ إذ استشعر بأنّ إرادة الله، حتى، وبغضّ النظر عن ما طرأ من تسلسل دموي للأحداث قبل أربعة عشر قرناً، كانت أن يكون آل البيت في صفوف المعارضة، وأن يترفعوا على أن يكونوا جزءاً من السلطة التنفيذية، فذلك أبعث للنقاء والصفاء وشفافية الممارسة، ونأياً للنفس عن دهاليز وممارسات أصحاب النفوذ الميكيافيلية الملتوية…
لقد ثبت بوقوع الأمر، وليس تنظيراً او استشرافاً، وبما لا يدع مجالاً للشك أو التأويل الآن، ومنذ وقف إطلاق النار المتفق عليه، والمبرم بين الدولة اللبنانية والكيان اللقيط لـ 60 يوماً، أنّ المقاومة هي مطلب وجودي بالنسبة للبنان، وأنّ على كلّ المتخرّصين بوجوب تسليم السلاح أن يبلعوا ألسنتهم وأن يؤدّوا واجب الامتنان والشكر لكلّ التضحيات والدماء التي بذلها حزب الله على مدى عقود من أفراده وقياداته وعلى رأسها حبيب الله وسيد شهداء الأمة من دون تمنّن أو استعلاء، ودفاعاً عن كلّ لبنان بكلّ أطيافه، وعن كلّ الامة بكلّ مشاربها…
أنا أدعو، ثانياً، سواءً في لبنان أو في غزة ان يشتمل الإعمار في ما يشتمل، حينما ننتقل إلى مرحلة إعادة الإعمار بناء الملاجئ القادرة على الاستيعاب والحماية، والتي تفي بالشروط العالمية المتقدّمة، مستفيدة من تجارب الماضي لحماية كلّ الديموغرافيا في حالة اندلاع أيّ صراع في المستقبل، لنزع تلك الورقة الابتزازية من يد العدو الجبان، والذي يستمتع باستهداف المدنيين، ومن ثم يجبرنا على تقديم التنازلات، واللهاث وراء وقف إطلاق النار، رغم أنّ وضعنا من الناحية الاستراتيجية هو الأفضل، ويدنا هي الأعلى، ولكن انكشاف مدنيّينا دائماً لضربات العدو القذرة يجعلنا نشرع في تقديم التنازلات…
سويسرا، هي دولة محايدة لا تتورّط في الحروب مع أيّ كان، ولكن القانون السويسري لا يعطي رخصةً للبناء للراغبين في البناء إذا لم تتضمّن خطة البناء أنشاء ملجأ بمقاييس معينة لقاطني البناء.
نحن في حالة حرب ضروس منذ مئة عام، ونواجه عدوّاً لئيماً لا يلتزم بذرّة من قوانين الحروب المعروفة لبني البشر منذ آلاف السنين ولا بأخلاقياتها، حريّ بنا ان نكون الأكثر اهتماماً في حماية مدنيّينا في حالة الحرب، دعونا نطلق حملة جهاد الملاجئ، لنحمي شعوبنا من مروق هذا العدو الجبان…
لا يمكن، ولا يجب أن نرضى بأن يقوم هذا العدو بحماية مسوخه الشاذة الكريهة، ونتمنّع نحن عن توفير الحماية لشعوبنا البطلة الصابرة المجاهدة، والذين، بالمعبرة الإلهية، يوازن حذاء طفل لدينا كلّ “بني إسرائيل” الضالين الخارجين، بل هو أوزن منهم برمّتهم بالمعيار الربّاني.