الضفة الغربية والفولاذ الفلسطيني
حمزة البشتاوي
كما يتميّز الفولاذ بقوته التي تفوق قوة الحديد، يتميّز الفلسطينيون بإرادتهم الصلبة بمواجهة عملية السور الحديدي وما سبقها من عملية السيوف الحديدية كحرب إبادة على قطاع غزة.
وقد بدأت عملية السور الحديدي التي أطلقها جيش الاحتلال في 21 كانون الثاني 2025، أيّ بعد يومين من بدء هدنة غزة، وفي اليوم التالي لتنصيب دونالد ترامب، بهدف القضاء على المقاومة وتعويض الفشل الكبير الذي أصاب جيش الاحتلال خلال الحرب والعدوان على غزة ولبنان.
ويمارس جيش الاحتلال في هذه العملية العسكرية نفس الممارسات الوحشية التي ارتكبها في قطاع غزة باستهداف المدنيين وتدمير البنى التحتية خاصة شبكات الطرق والمستشفيات وقطع المياه والكهرباء وتشويش شبكات الاتصال وتعطيل الحياة العامة وتهجير السكان، في استهداف ممنهج للحاضنة الشعبية للمقاومة، من خلال العودة إلى ما يُسمّى (عقيدة الضاحية) التي تشمل ضرب الحاضنة الشعبية للمقاومة وصولاً للعمل على ما يمكن تسميته بعقيدة جباليا التي تعني إبادة الحاضنة الشعبية للمقاومة.
ويستخدم جيش الاحتلال وجهاز الشاباك في هذه العملية أساليب جديدة في عمليات الاقتحام والانسحاب عبر استخدام شاحنات بلوحات فلسطينية وسيارات مخصصة لنقل الألبان والأجبان خوفاً من استهداف المقاومة للدبابات والمدرعات، ويستخدم كذلك الطائرات المُسيّرة خوفاً من المواجهة المباشرة مع المقاومين وتكبّد خسائر فادحة في صفوف جنود وضباط الجيش والشاباك.
ويسعى الاحتلال بعملية السور الحديدي التي تعدّ الأوسع منذ عملية السور الواقي عام 2002 أثناء انتفاضة الأقصى إلى استهداف مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية التي تضم نحو 800 ألف لاجئ بدءاً من مخيم جنين، حيث يشكل اللاجئون الحاضنة الشعبية للمقاومة وعملها انطلاقاً من المخيمات التي تشكل معضلة كبرى للاحتلال بسبب توسع أشكال المقاومة فيها وزيادة عدد الشبان المنخرطين فيها حتى من خارج الفصائل الفلسطينية، وشعور الفلسطينيين بأنهم يحققون الإنجازات بفعل المقاومة التي تعزز الشعور بالكرامة الوطنية، كما تشكل مشاركة عناصر وضباط من الأجهزة الأمنية الفلسطينية ومن مختلف شرائح المجتمع الفلسطيني بالمقاومة القلق الأمني الأبرز لجيش الاحتلال و اجهزته الأمنية.
ويتوقع أن تؤدي المشاركة الواسعة بالمقاومة إلى توسيع رقعة المواجهة مع جيش الاحتلال لتشمل إضافة لمدن ومخيمات الشمال مدنَ ومخيمات وسط وجنوب الضفة حيث الكثافة الكبيرة للمستوطنين والمستوطنات.
وترتبط الأهداف الأساسية لعملية السور الحديدي بتعزيز الاستيطان والتمهيد لمخططات الضمّ ومنع الاحتفالات بالإفراج عن الأسرى، وتعويض الفشل الذي أصاب جيش الاحتلال والمستوى الأمني والسياسي في غزة ولبنان وتكرار محاولة العمل على تطويع الإرادة الشعبية الفلسطينية الفولاذية، كما تهدف العملية أيضاً إلى إضعاف السلطة الوطنية الفلسطينية وتحميلها ما تسمّيه حكومة الاحتلال الفشل في وضع حدّ للمقاومة.
ويشدّد الوزراء الأكثر تطرفاً في حكومة نتنياهو على ربط الأهداف الأمنية للعملية بالاستيطان الذي يعتبر الركيزة الأولى والأهمّ في المشروع الصهيوني والعمل على إقامة ثكنات ومواقع عسكرية داخل وفي محيط المستوطنات وعلى المرتفعات واعتبار ذلك جزءاً من الدوافع السياسية للحفاظ على وجود الكيان الإسرائيلي عبر بناء المزيد من المستوطنات وسط المراكز السياسية والاقتصادية بالضفة لفرض أمر واقع يمهّد إلى رفع الصفة الاحتلالية وتطبيق ما يسمى مفهوم الحدود الأمنية ولكن هذه الأهداف كانت ولا تزال تصطدم بالإرادة الفولاذية للشعب الفلسطيني.