الضفة الغربية والحرب الخشنة

لم تتأخر قيادة كيان الاحتلال السياسية والعسكرية عن التصرف وفق نتائج الحرب التي تقول بفشل ذريع في إنهاء المقاومة في غزة ولبنان، فسارعت إلى ما تعتبره ترتيب البيت الداخلي الذي تشكل الضفة الغربية ساحته الرئيسية، منتقلة إلى البحث بأمن “إسرائيل الصغرى”، بعدما صار الحديث عن إسرائيل الكبرى أضغاث أحلام، لأن من فشل في احتلال قطاع غزة الذي لا تزيد مساحته عن مئات قليلة من الكيلومترات المربعة وفرض السيطرة عليه واضطر للتوقيع على اتفاق ينص بالانسحاب الكامل من القطاع، وفعل المثل في جنوب لبنان، لا يملك أهلية الحديث عن توسّع بحجم شعار “أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل” حيث المطلوب احتلال مئات آلاف الكيلومترات المربعة.
في الضفة الغربية يقاتل كل جيش الاحتلال بكامل مقدراته، ومعه مئات آلاف المستوطنين المسلحين، وتعاونه أجهزة السلطة الفلسطينية، والهدف مطاردة مئات المقاومين، الذين يتخذون من مخيم جنين معقلاً لهم، تسانده مجموعة مدن ومخيمات، يتنقل المقاومون بينها ويحمي بعضهم بعضاً، وخلال شهور يحاول الاحتلال كسر إرادة المقاومة ويفشل.
رأى أبناء الضفة الغربية مشهد غزة وعرفوا ماذا ينتظرهم، حيث تهجير الضفة الغربية مشروع قديم جديد، وحيث الاستيطان لم يبق جغرافيا صالحة لقيام دولة فلسطينية، وحيث يصرح قادة الكيان علناً بأن ضم الضفة هو خيار جدي وإنهاء صفتها كأرض فلسطينية محتلة، ولذلك يصبح الصراع الذي يخوضه الاحتلال ويفرضه على الفلسطينيين وجودياً وصفرياً، لا مكان فيه لتسوية في منتصف الطريق، ويجب أن ينتهي بانتصار فريق وهزيمة الفريق المقابل.
لن يتراجع الكيان عن حربه الخشنة في الضفة الغربية ولن يتراجع المقاومون، وليس بعيداً سوف نشهد الحلقات الأكثر خشونة بانضمام المستوطنين لمحاولة وضع اليد على أراضي الفلسطينيين وأملاكهم والاعتداء على كل وجوه الحياة للفلسطينيين، الذين لن يتأخروا عن تشكيل خط أمان وحماية للمقاومة، وسوف تشهد الضفة الغربية حرباً من نوع جديد بين المستوطنات والمدن والبلدات الفلسطينية، سوف ترسم وجهة المستقبل.