رفض مصري أردني علني لدعوات ترامب لاستقبال مهجرين من فلسطينيي غزة / غارات إسرائيلية جنوباً وتساؤلات تطال جدية الانسحاب ضمن مهلة 18 شباط / الحكومة مكانك راوح وتضارب في النصائح الخارجية والداخلية للرئيس المكلف
كتب المحرّر السياسيّ
أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي رفض مصر بصورة قاطعة للمشاركة في تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر والأردن، وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي قد أعلن موقفاً أردنياً مشابهاً يوم أول أمس، ويوم أمس أعلن الرئيس السيسي أن «ثوابت الموقف المصري التاريخي تجاه القضية الفلسطينية لا يمكن التنازل عنها بأي شكل من الأشكال، وأن الأسس الجوهرية التي يقوم عليها الموقف المصري ثابتة وراسخة»، مضيفاً أن التساهل أو السماح بأي مخطط لتهجير الفلسطينيين أمر غير وارد، لما يشكله من تهديد مباشر للأمن القومي المصري.
وأضاف السيسي: «مصر عازمة على العمل مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب للوصول إلى السلام المنشود القائم على حل الدولتين»، مؤكداً أنّ هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق تسوية عادلة ودائمة للقضية الفلسطينية، كما شدد الرئيس المصري على رفض الشعب المصري لأي محاولة لفرض سيناريو التهجير، قائلاً: «لو طلبت من الشعب المصري هذا الأمر، سيخرج كله للشارع ويقول لي لا تشارك في ظلم وتهجير الشعب الفلسطيني».
في جبهات غزة ولبنان ارتباك إسرائيلي بائن، يبدو معه حجم المرارة التي يستشعرها قادة الكيان من التسليم بنهاية الحرب بنتائج تعلن الفشل في تحقيق الأهداف، وهذا ما يحضر في محاولة تصنيع مشاكل تعرقل تطبيق اتفاق غزة، والتذرع بحجج واهية للتنصل من الالتزام بالاتفاق مع لبنان، وأمس أعلنت المقاومة في غزة عن الإفراج غداً عن ثلاث رهائن في سياق إحباطها لافتعال أزمة من جانب الاحتلال تمثلت باعتبار الإفراج عن الرهينة ارئيل يهودا شرطاً لمواصلة تطبيق الاتفاق، ويأتي تبادل اليوم من خارج جدول التبادل المتفق عليه ويفرج بموجبه الكيان عن 120 أسيراً مقابل 3 أسرى من بينهم يهودا، بينما في لبنان سجلت غارات إسرائيلية جديدة بواسطة طائرات مسيّرة على تقاطعات طرق وأودية وقرى في جنوب لبنان، وسط تساؤلات عن جدية التزام الكيان بالانسحاب الكامل مع نهاية المهلة التي فرض تمديدها الجانب الأميركي حتى 18 شباط، بينما يعتقد مراقبون للسلوك الإسرائيلي، خصوصاً إذا تمّ الانسحاب الأميركي المرتقب من سورية، أن جيش الاحتلال يرغب بإعادة تجديد مفهوم المعركة بين حروب التي كان ينفذها في سورية ضد المقاومة لتشمل لبنان وسورية، بحيث يواصل حرب الاستنزاف المتقطعة على جبهة لبنان وتوسيع توغله على الجبهة السورية، خصوصاً مع اطمئنانه إلى الدعم الأميركي.
في الشأن الحكومي مراوحة في المكان وسط تضارب في تفسير العقد والمطالب وتوسع مراوح التجاذبات الداخلية والخارجية حول التشكيلة الحكومية، يرافقها حراك داخلي وخارجي يترجم بنصائح للرئيس المكلف نواف سلام، كل منها يضغط باتجاه. وقالت مصادر متابعة إن الأميركي نفسه يرسل أكثر من إشارة متعاكسة، ونقلت المصادر رغبة رئيس الجمهورية بتسريع تشكيل الحكومة، مع حديث عن مهلة سعوديّة حتى نهاية الأسبوع لولادة الحكومة.
بقي الوضع الأمني في الجنوب في واجهة المشهد الداخلي في ظل استمرار العدو الإسرائيلي بالاعتداء على أهالي القرى الحدودية وصولاً الى استهداف مدينة النبطية وجوارها بغارات، بعد يوم واحد فقط على القرار الأميركي الذي فرض على الدولة اللبنانية بتمديد قرار وقف إطلاق النار حتى الثامن عشر من الشهر المقبل، ما يحمل علامات استفهام عدة حول أسباب هذا التمديد وما يبيّته الاحتلال الإسرائيلي وعجز الدولة اللبنانية عن مواجهة القرار الأميركي ولا حتى منع الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب خلال هذه المدة.
ووفق خبراء في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، فإن الجيش الإسرائيلي يُصرّ على البقاء في نقاط تشكل التلال الحاكمة في القطاع الشرقي لا سيما تلة العويضة التي تعتبر تلة استراتيجية نظراً لارتفاعها وإشرافها على عشرات القرى اللبنانية وصولاً الى مزارع شبعا وكفرشوبا، إضافة الى أن هذه التلال الحاكمة تشكل امتداداً للجولان وقمة جبل الشيخ في سورية التي تحتلها «إسرائيل» وذلك لضمان الأمن الإسرائيلي من جبهتي لبنان وسورية، إضافة الى أن قرى القطاع الشرقي هي الأقرب جغرافياً للمستوطنات الإسرائيلية، وإذا لم تضمن «إسرائيل» أمن هذه المستوطنات فلن يعود المستوطنون اليها، وبالتالي الحرب لم تحقق هدفها الرئيسي أي استعادة الأمن للشمال وإعادة المستوطنين اليه.
وعلمت «البناء» أن رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون يواصل إجراء الاتصالات بالمسؤولين في واشنطن والأمم المتحدة للضغط على «إسرائيل» لوقف عدوانها على الجنوب لا سيما بعد الغارات على النبطية التي تشكل خرقاً فاضحاً لاتفاق وقف إطلاق النار.
وفي موقف أميركي يعكس التغطية الأميركية للاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، ذكرت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» أن الوزير بيت هيغسيث أبلغ نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس اليوم بأن الولايات المتحدة «تدعم تماماً حق «إسرائيل» في الدفاع عن نفسها».
وواصل الاحتلال الإسرائيلي خرقه لاتفاق وقف النار الممدد حتى 18 شباط، حيث تقدمت آلية إسرائيلية معادية باتجاه طريق الطيبة – القنطرة، قرب مقهى الشلال، وأطلقت النار في الهواء لترهيب السكان. ونفذ جيش الاحتلال، عملية نسف جديدة في بلدة كفركلا سمع صداها في أنحاء المنطقة. كما ألقت مسيّرة إسرائيلية قنابل على بلدة بني حيان. واعتقل جنوب العدو أربعة مواطنين كانوا يتفقدون منزلهم عند أطراف بلدة مارون الراس ، قبل أن يطلق سراح 3 منهم، كما أطلق النار على شخصين آخرين أصيبا بجراج أثناء محاولتهم التقدّم في البلدة، كما احتجز سيارة لـ«كشافة الرسالة» الإسعاف الصحيّ في البلدة كانت تحاول نقل الجرحى، في وقت أصرّ أهالي مارون الراس على الدخول لقريتهم لتفقد منازلهم. وأطلق العدو النار على الأهالي المتجمّعين وعلى سيارة إسعاف تابعة لـ«كشافة الرسالة الإسلامية» عند مدخل مارون الراس.
وألقت محلقة إسرائيلية قنابل صوتية على تجمع المواطنين عند مثلث شقراء – مجدل سلم – حولا ما أدّى إلى إصابة مواطنين اثنين. وأفيد بإصابة مواطنين اثنين جراء إلقاء مسيرة إسرائيلية قنابل صوتية على تجمع مواطنين في وادي السلوقي قرب استراحة اكاسيا. واستكمل جيش الاحتلال ولليوم الثالث على التوالي أعمال جرف المنازل والبنى التحتية في حولا وميس الجبل ومركبا، وقام بإزالة عدد من الأشجار بين كفركلا وبرج الملوك.
وأعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة الحصيلة الإجمالية لاعتداءات العدو الإسرائيلي أمس.
وأشارت جهات ميدانية لـ«البناء» الى أن الإرباك يسيطر على جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ يوم الأحد الماضي حيث واجه الجنوبيون بصدورهم العارية الآلة العسكرية الإسرائيلية، ما دفع بالاحتلال الى اتخاذ إجراءات أمنية من ضمنها تحصين مواقعه في التلال والقرى ورفع السواتر الترابية وتعزيز الرقابة والدوريات تحسباً لتعرضه لعمليات عسكرية، وذلك بعد التهديدات التي أطلقها الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم.
وإذ لفتت مصادر مطلعة على موقف المقاومة لـ«البناء» الى أن المقاومة الشعبية المسلحة ستكون الوسيلة الوحيدة المتاحة أمام أهالي الجنوب إذا استمرت الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب وعدم انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي المحتلة وفشلت الجهود الدبلوماسية بإلزام العدو الانسحاب الكامل في الثامن عشر من الشهر المقبل. وفي سياق ذلك، رأى رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد في تصريح، أن «العدوان الصهيوني الغادر والمُدَان على بلدتي النبطية الفوقا وزوطر الجنوبيَّتين ليلَ (أمس الأول)، هو مصداقٌ جديدٌ للتهديد الدائم والمتواصل الذي يمثله الكيان الإسرائيلي ضد شعبنا وبلدنا وضد أمن واستقرار شعوب ودول منطقتنا كافة، وأن غض الطرف الدولي المزمن عن تجاوزات هذا الكيان الغاصب وتماديه في الاعتداءات، أوصله إلى ما هو عليه اليوم من تنمُّرٍ وعربدةٍ وتجاوز لكل القواعد والمعايير والقوانين الدولية والإنسانية، الأمر الذي يؤكد ويعزّز قناعتنا وقناعة كل الشعوب الحرة في العالم في حقها المشروع في تحمل المسؤولية الوطنية والأخلاقية ومقاومة الاعتداءات والتصدي للمعتدين. وقال «إن حق شعبنا في لبنان بالتصدي للاحتلال وللاعتداءات الإسرائيلية هو حق مشروع ومقدس يمارسه في التوقيت والمكان اللذين يراهما مناسبين لإفشال أهداف العدو وحفظ أمن لبنان وسيادته ومصالحه».
على خط التأليف، واصل الرئيس المكلف نواف سلام مشاوراته واتصالاته لتأليف الحكومة في ظل جملة عقد لا تزال تقف عائقاً أمام ولادة الحكومة، أهمها وفق ما تشير مصادر مطلعة لـ«البناء» الضغط الداخلي على الرئيس المكلف لا سيما من كتلتي التغييريين والقوات اللبنانية الذين تكتلوا لتحريض الرئيس المكلف لعدم تمثيل ثنائي حركة أمل وحزب الله في الحكومة وخاصة عدم منح وزارة المالية للرئيس نبيه بري، والثانية عقدة التمثيل المسيحي وتوزيع الحقائب على الطوائف المسيحية، وتوزيع الحصص بين رئيس الجمهورية والأحزاب والكتل المسيحية، إضافة إلى إشكالية تمثيل الكتل السنية المتعددة وحصة كتلة التغييريين الذين يختلفون على الأسماء المطروحة لتمثيلهم في الحكومة، فضلاً عن ضغوط خارجية على الرئيس المكلف لتأليف حكومة تكون بعيدة عن حصص للأحزاب لكي تنطلق الى معالجة الأزمات واتخاذ القرارات من دون تعطيل.
وأفادت مصادر إعلامية بأن رئيس الحكومة المكلف تلقى نصيحة إقليمية بعدم الاستعجال وعدم الخضوع لأي ضغط داخلي لتشكيل حكومة مستقلين تعكس حقيقة النهج الإصلاحي. وتحدثت عن رسالة دبلوماسية وصلت إلى لبنان نصحت سلام بأن يشكل حكومة مستقلة تحديداً في وزارة المال ولا مانع أن يكون شيعياً.
ووجّه العضوان في الكونغرس الأميركيّ دارين لاهود وداريل عيسى رسالة إلى الرئيس عون والرئيس المكلف سلام، أكدا فيها التزام إعادة بناء البلاد. وقالا: تحت قيادتكما، أصبح للبنان الآن فرصة للنمو كدولة مستقلة وذات سيادة ومزدهرة. ومن هذا المنطلق، نشجعكما على التركيز على بناء دولة قائمة على سيادة القانون، والقضاء على الفساد، وإبعاد النفوذ السياسيّ والطائفيّ، وتحرير البلاد من التأثيرات الضارة لـ«حزب الله».
وأكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون انه سيعمل على تنفيذ خطاب القسم لأن ما يحتاجه اللبنانيون هو ان يعيشوا بكرامتهم. وشدد على ضرورة الابتعاد عن المناكفات وسياسة الزواريب الضيقة وتناتش الحصص، معتبراً أن « كل الوزارات هي للبنان كما هو مجلس الوزراء»، لافتاً الى ضرورة ان تتمثل الطوائف فيه من خلال النخب التي لديها استقلالية القرار.
وجددت أوساط الثنائي الوطني لـ«البناء» تأكيدها بألا مشكلة بين الثنائي والرئيس المكلف وأن لا عقدة في التمثيل الشيعي في الحكومة، وتم الاتفاق مع الرئيس المكلف على هذا الأمر، وما اتهام القوات وغيرها بوجود عقدة شيعية وتهديد سلام بالشارع إلا ذريعة للتغطية على العقد الأخرى المتمثلة بالمسيحية والسنية، وتحريض الرئيس المكلف على الثنائي، وأوضحت الأوساط أن وزارة المالية حسمت لصالح النائب السابق ياسين جابر.
وفيما علمت «البناء» أن تكتل التغييريين لوّح بتنظيم تظاهرات ضد الرئيس المكلف تعيد مشهد أحداث 17 تشرين 2019 بحال لم يستجب لمطالب التغييريين، شدد سلام بعد لقائه رئيس الجمهورية في بعبدا أمس، على «أنني لن أتراجع عن أي معيار من المعايير التي حددتها منذ اليوم الأول لتكليفي بهذه المهمة، والأفضل أن أكون أنا مصدر هذه المعايير، وليس الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي. وهذه المعايير هي:
أولاً: حكومة تقوم على مبدأ الفصل بين النيابة والوزارة.
ثانياً: حكومة تقوم على الكفاءات الوطنية العالية.
ثالثاً: حكومة لا مرشحين فيها للانتخابات البلدية أو النيابية.
رابعاً: حكومة لا تمثيل فيها للأحزاب.
ولفت سلام «الى اننا نسمع من البعض أنه لا يوجد تطبيق لوحدة المعايير خلال عملية التشكيل، وأقول إنه عندما يتم تشكيل هذه الحكومة فليأت عندها هذا البعض وليقل لنا ما إذا كنت قد أخليت بها من خلال عدم تمثيل أي مجموعة من المجموعات التي يتوجب تمثيلها بحسب المادة 95 من الدستور، فأحاسَب عندها. المعايير ذاتها ستكون مطبّقة على الجميع، والكلام عن عدم الالتزام بتطبيقها لا يجب التوقف عنده. أعود وأكرر بأنني لن أتراجع عن هذه المعايير، ولكنني أيضاً من أنصار المرونة في التعاون مع الجميع وسأبقى على هذا النهج، وواثق أنني سأتجاوز الصعوبات، وإن شاء الله نشكل حكومة تحظى بثقة اللبنانيين التواقين إلى الإصلاح من أجل انتشال لبنان من أزماته العميقة والحادة، واستعادة رصيده العربي وحشد الدعم الدولي له».
وأوضح بأن هناك من يتحدث عن عقبات وتأخير، وأؤكد أنني لست من يؤخر ولست من يضع العقبات. وإذا كان هناك من عقبات فسنتجاوزها. اما بخصوص المهلة، فإنني أعمل للانتهاء من تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن. وفيما يتعلق بالحقائب ومن سيتولاها، يجب انتظار التشكيلة الحكومية، ولن نتناقش اليوم في هذا الموضوع.
وذكر سلام بأن الحكومة ستكون من 24 وزيراً، وليس من 14 أو 30، لان ما كان يُسمّى بحكومات وحدة وطنية مؤلفة من 30 وزيراً، كانت فعلياً حكومات شلل وطني، وهي عبارة عن مجلس نواب مصغّر وهو ما لا نريده، بل نرغب في حكومة فاعلة على أكبر قدر ممكن من التجانس، وقادرة على الحكم. أما سبب عدم تشكيل حكومة مصغرة، فيعود إلى أننا أمام المهام التي نواجهها حالياً، من المفترض أن يكون لكل وزارة وزير.
وشدد على أن المبدأ العام الذي سأبقى متمسكاً به، هو أن ليس هناك من وزارة تحتكرها طائفة، كما ليس هناك من وزارة ممنوعة على طائفة، وهذا ما سنلتزم به.