أخيرة

اللوحة الثانية من ذاكرة الأفق الجمالي

 

في اللوحة الأولى كان الكلام على قرية «ضهر صفرا» جبل الصباح، وفي لوحتي الثانية سيرافقني الربيع في حبّي الكبير!
يوم قرّر الربيع أن يولد في مكان، اختار رحم سورية، وعندما جاء المخاض غادره ليستقرّ في ربوعها حقولاً من الياسَمين وشقائق النعمان، وكروماً من العنب والزيتون، ورفوفاً من العصافير والفراشات. وأعلن، بكلّ وضوح، أنه لن يسمح لربيع آخر أن يحلَّ مكانه.
وسوريةُ، في حبها الكبير، عرَفتْ كيف تتصالح مع الشعوب المعروفة يومذاك، فلم تبخل عليها بما ابتكرت، ولم تحرمْها من خيرات أرضها، ولم تستأثر بما وصلتْ إليه في إيمانها بوحدانية الإله فنشرته في الآفاق. بدأ ذلك مع أدونيس «ربّ الإنبات والإخصاب الفينيقي الذي اتخذه الإغريق ربّاً» كما جاء في «معجم الأساطير».
وعبر التسعة آلاف من الأعوام لم تتوقف سورية الطبيعية عن صناعتها للأحداث، ففي شرقها وضع «حمورابي» أوّل قانون مدنيّ مكتوب، ووضع «چلجامش» أول ملحمة في التاريخ. وفي الوسط «بيت لحم» مهد الخلاص. ودمشق أول عاصمة كما يجمع المؤرّخون، ومنها خرج «بولس الرسول» ليبشّر بالمسيحية، ومنها خرجت الراية الأمويّة لترتفع في سماء الأندلس. وفي بيروت تأسّست أوّل أكاديمية حقوقية، وكان ذلك قبل المسيح بسنوات.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى