أولى

خيارات نتنياهو ضيّقة الهوامش

 

– بالرغم من كثرة التعليقات التي توحي باحتمالات جدية للعودة إلى الحرب في غزة أو تأجيل انسحاب قوات الاحتلال من جنوب لبنان، فإن المراقبين للمشهد الإقليمي ينتظرون نتائج اجتماع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب لرؤية الاتجاه النهائي لمسار الأحداث.
– نيّات تمديد الاحتلال وتصعيد الحرب لا تأتي من فراغ في كيان الاحتلال، فإضافة إلى القوى التي تنطلق من خلفيات عقائدية نحو مشروع استئصال الفلسطينيين وإبادتهم وتوسّع كيان الاحتلال، هناك الشعور العام الذي يجتاح الكيان بخسارة الحرب، خصوصاً بعد مشاهد ترافق كل عملية تبادل أسرى في غزة وتحمل معها عناصر القوة الفلسطينية ومعها مشاهد الفلسطينيّين يعودون بمئات الآلاف إلى شمال غزة رغم الدمار الكامل فيه، ومثلها مشاهد المقاومة الشعبية التي ظهرت بوجه بقاء الاحتلال في القرى الحدوديّة في جنوب لبنان وما أظهرته من بسالة وروح استشهادية ترافقها أعلام المقاومة وصور شهدائها، بحيث سادت الرأي العام في الكيان ونخبه وقادته حالة من الإحباط اختصرها رسم كاريكاتيري صحافي ينقل عبارة نتنياهو عن النصر المطلق ويقول له “نعم لكن لحماس”.
– هوامش الانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وكذلك في لبنان تبدو ضيقة، وغير قادرة على إقناع أحد داخل الكيان وخارجه، إذا استثنينا إشباع رغبات وتلبية دعوات تنطلق من دون حسابات واقعية للمناداة بالعودة إلى الحرب. فما توفر لكيان الاحتلال من زمن ومقدرات وتعبئة نفسية ومساندة دولية وإمكانات عسكرية وتسليحية ومالية غير قابل للتكرار. وإذا كان هذا هو سقف ما تحقق فما سوف يتحقق من مواصلة الحرب أدنى بكثير حكماً، لأن الجيش أضعف ومعنوياته أدنى، والمجتمع منهك والعالم سئم الحرب وتمديد المهل لربحها، والرأي العام الخارجي والغربي خصوصاً لم يعُد كما كان، والرأي العام الداخلي لم يعُد يثق بالجيش ولا بالقيادة السياسية ولا بالقبة الحديدية.
– في واشنطن تتبلور قناعة بأن الحل العسكريّ لم يعُد هو بوليصة التأمين التي تحتاجها “إسرائيل”، بل الشرعية العربية الإسلامية التي يختصرها التطبيع مع السعودية، حيث المضي في تنفيذ الاتفاقات في غزة ولبنان شرط للتفاوض، وحيث الدولة الفلسطينية هدف التفاوض، ونتنياهو الذاهب لبحث مستقبل الحرب ربما يعود وهو يحمل “مشروعاً انتحارياً للسلام” كما يقول بعض المعلقين في الصحف العبرية.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى