ترامب ونتنياهو وإيران
![](https://www.al-binaa.com/wp-content/uploads/2024/08/تعليق-سياسي-نيو-720x470.jpg)
تقوم عقلية الرئيس الأميركي دونالد ترامب كمقاول وتاجر على ثنائية، منح كل طرف ما يرغب به ونيل مقابل أكثر أهمية. وهكذا فاجأ الرئيس ترامب ضيفه بنيامين نتنياهو بمشروع تهجير غزة وتوطين سكانها في الأردن ومصر، واعتبار مستقبل غزة عهدة أميركية، بمثابة هدية غير متوقعة لإنقاذ نتنياهو من خطر مواجهة ضغوط السير بالقبول بدولة فلسطينية كثمن للحصول على التطبيع مع السعودية، ومخاطر الذهاب بالكيان إلى حرب أهلية وتقويض حكومة نتنياهو، لكن هذه الخطة الافتراضية التي لا يحتاج نتنياهو للتحقق من كونها قابلة للتحقيق يكفي للترحيب بها أنها منحته القدرة على القول إن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يمكن تنفيذه دون الشعور بالهزيمة لأن اليوم التالي في غزة صار مسؤولية أميركية.
بالمقابل لم يعُد بمستطاع نتنياهو الدخول في نقاش وخلاف مع الرئيس ترامب حول إيران، والتمسك بنظرية الحاجة للحرب عليها، فقد صار ملف إيران كلياً ملفاً أميركياً، خصوصاً أن ترامب بادر إلى استباق لقائه بنتنياهو لتوقيع قرارات عقوبات على إيران وإصدار تهديدها بحقها، لكن ترامب لم يمتنع عن القول إن الحل التفاوضي متاح وهو المفضل، وإن المطلوب هو أن تقدم إيران ما يكفي لطمأنة الغرب بأن ليس لديها نية امتلاك سلاح نووي.
على الضفة الإيرانية يفعل ترامب الشيء نفسه فيخاطب القيادة الإيرانية بالاستعداد لصفقة حول الملف النووي، ربما تكون شروطها مقبولة إيرانياً، لكنه يحمل باليد الأخرى طلبات من إيران تتصل بمستقبل ملفات الصراع في المنطقة، خصوصاً حول اليمن ولبنان والعراق وفلسطين، وربما يعرض استعداداً للاعتراف بنفوذ إيراني ومراعاة للرؤية الإيرانية في بعضها مقابل رفض الانخراط الإيراني بدعم بعضها الآخر، أو المطالبة بضغوط إيرانية على القوى المعنية في هذه الساحات لقبول حلول معينة لقاء الاعتراف بالنفوذ الإيراني فيها.
العصا والجزرة ليست هي الاستراتيجية الأميركية في عهد ترامب، وقد جرّبت مع إيران من إدارات أميركية سابقة، بل المقايضة هذه المرة بين ملفات وملفات، وربما يكون الهدف ما هو أبعد من المقايضة بذاتها، وصولاً إلى إحداث انقسامات إيرانية حول الموقف من عرض المقايضة، لجهة توصيف المهم والأشد أهمية؟