أولى

عملية الكوماندوز في تياسير تهز الكيان وتردّ على عنجهية ترامب

 

 حسن حردان

 

فاجأت عملية الكوماندوز، التي نفذها فدائي فلسطيني في قلب معسكر ـ حاجز جيش الاحتلال في تياسير شرق طوباس بالضفة الغربية المحتلة، قادة أركان العدو، وأحدثت هزة في الكيان، نتيجة النجاح الباهر للفدائي في اختراق الإجراءات الأمنية والعسكرية للعدو، والسيطرة على برج المراقبة في المعسكر والاشتباك مع جنود العدو وقتل اثنين وجرح ثمانية منهم، قبل أن يستشهد.
لقد أدت العملية في هذا التوقيت بالذات إلى تحقيق جملة من النتائج الهامة التالية:
النتيجة الأولى، أظهرت العملية التطور اللافت في قدرات المقاومة على الصعد كافة: التدريب، والدقة في التنفيذ، والحصول على المعلومات الاستخباراتية عن العدو، وعنصر المفاجأة.
وفي هذا السياق اعترفت إذاعة الجيش «الإسرائيلي» بـ «أنّ منفذ عملية تياسير كان يملك معلومات استخبارية دقيقة بشأن الموقع وتحركات الجنود وأماكنهم»، أما صحيفة «يديعوت أحرونوت الإسرائيلية» فقد نقلت عن جيش الاحتلال قوله، «إنّ منفذ العملية تسلّل إلى الموقع العسكري ليلاً وفاجأ الجنود في الصباح»، فيما قالت القناة 13 الإسرائيلية، «إنّ المنفذ نجح في السيطرة على الطابق العلوي من البرج العسكري وأدار الاشتباك مع الجنود».
النتيجة الثانية، كشفت العملية الفشل العسكري والأمني والاستخباري للعدو، حيث نفذت العملية في ذروة الاستنفار الإسرائيلي وخلال تنفيذه عدوان السور الحديدي ما يفترض انه قادر على إحباط اي هجوم للمقاومة.
النتيجة الثالثة، أكدت العملية فشل العدو في إضعاف المقاومة أو الحدّ من قدراتها على شنّ الهجمات ضدّ قواته المنتشرة بكثافة في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، بل انّ العدوان وشراسته أدّى إلى تصعيد عمليات المقاومة، وهو ما تجلى في عملية الكوماندوز، في تياسير، وقبلها عملية طمون التي قتل فيها أيضاً أحد الجنود وأصيب قائد كتيبة بجروح خطيرة.. ما دفع قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال إلى الإقرار بأنّ جيشه تعرض إلى مواجهة صعبة..
النتيجة الرابعة، أثبتت العملية انّ رهان العدو على أتباع نموذج التدمير والعقاب الجماعي والتهجير، الذي نفذه في قطاع غزة، لم ولن ينجح في النيل من المقاومة، وتأييد الشعب لها، وأكبر دليل ما حصل في غزة من التفاف شعبي واسع حول كتائب المقاومة خلال عمليات تبادل الأسرى، والعودة الكثيفة للنازحين من الجنوب إلى مناطق شمال غزة وقيامه بنصب خيامهم بين المنازل المدمرة بالقصف الصهيوني، بما يعكس تصميم وتمسك الشعب الفلسطيني بالأرض ورفض مشاريع التهجير وتكرار نكبة 1948 في أبلغ رسالة رفض لمحاولات الرئيس الأميركي دونالد ترامب تهجير أهالي غزة عبر الإغراءات، بعد أن فشلت حرب الإبادة الصهيونية الأميركية في تحقيق ذلك.. فمن عجز عن إخضاع وتركيع الشعب الفلسطيني وسحق مقاومته، رغم استخدامه آلاف أطنان القنابل المدمرة التي حوّلت قطاع غزة إلى ركام، لن يستطيع تحقيق هدفه بواسطة الإغراءات المادية، لأنّ الشعب الفلسطيني قرّر البقاء في وطنه ومُصرّ على العودة إلى أرضه ودياره التي هجر منها عام 1948 ولن يقبل بديلاً عنهم مهما بلغت الإغراءات.. أما مخططات ترامب الاستعمارية فإنها كشفت مجدّداً حقيقة السياسة الأميركية القائمة على استباحة الأوطان وحقوق الشعوب، وسعيها المستمر لفرض المشاريع التي تمكنها من نهب خيرات الشعوب، وهو الهدف الذي يسعى اليه ترامب من وراء محاولته وضع اليد على غزة لتحويلها إلى «ريفييرا» الشرق الأوسط، كما قال، حيث من المعروف انّ بحر غزة يحتوي على كميات هائلة من احتياطات الغاز.. ومن فشل في غزة لن ينجح أيضاً في الضفة التي تثبت مقاومة شعبها كلّ يوم أنها عصية على الانكسار أمام آلة الحرب الإسرائيلية.. وانّ عملية حاجز تياسير إنما تشكل رداً عملياً على صلف ترامب وعنجهيته وتطاوله على حقوق الشعب الفلسطيني.. وكذلك رداً على مخططات حكومة المتطرفين الصهاينة الهادفة إلى تهويد الضفة والقدس واقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى