المفارقة الملعونة
![](https://www.al-binaa.com/wp-content/uploads/2024/12/elias-akher-el-kalam.jpg)
اسمحوا لي، ولو لمرّة واحدة، أن أشارككم الخوف من الآتي، وأن أضع قلبي النازف أمامكم، فأنا والتفاؤل توأمان؛ فإنْ خرجت اليوم من هذه التوأمة فلأنّ قساوة المقارنة بين ما وصلنا إليه نحن العرب، وما وصل إليه الصهاينة، تدفعني أحياناً إلى تبديل أصابعي.
لنتأمّل معاً هذه المفارقات:
الصهاينة يخططون لألف عام مقبل، والعرب يخططون كي يعودوا إلى العصر الجاهلي.
«الغرب يضيء قناديله، كما يقول الدكتور غالي شكري، بزيت العرب والمسلمين، فيما نحن ما زلنا نأمل أن ينجلي ليلُ امرئ القيس الطويل.
«إسرائيل» وحلفاؤها جعلوا من القادة العسكريين الصهاينة أبطالاً على الرغم من كلّ المجازر التي ارتكبوها، فيما العرب خوّنوا المقاومة، وتآمروا عليها، واتخذوا منها قميص عثمان آخر للانقضاض على منجزاتها!
«إسرائيل»، بعد مئة عام ونيّف من صدور «پروتوكولات حكماء صهيون»، حققت الكثير من طموحاتها في تأسيس إمبراطوريتها الممتدة من الفرات إلى النيل، والعرب، بعد مئة عام ونيّف من سايكس ـ پيكو، كرّسوا التقسيم، وهم يسعون اليوم لتقسيم آخر، له هُويّة تنتمي إلى المذهبية الدينية!
«إسرائيل» تفتح أبوابها كي يعبر إليها اليهود من كلّ أنحاء العالم، ونحن العرب نفتح أبوابنا أيضاً ولكن في اتجاهين: أحدهما للهجرة إلى أقاصي العالم لنتحوّل إلى شتات، وثانيهما لاستقبال المسلحين الوافدين إلينا من الرياح الأربع لتدمير خمسة آلاف عام تحمل في ذاكرتها شريعة حمورابي، وأبجدية أوغاريت وجبيل، والرسالتين المسيحية والمحمّدية.
هكذا تبدو خريطة العالم العربي اليوم، فهل من يعترض؟ وحدهم الشهداء يعترضون… ولهم المجد.