أولى

نحن اليوم التالي…

 

 أحمد بهجة

 

سطّرت المقاومة الفلسطينية في غزة أروع الانتصارات على العدو الصهيوني، رغم أنّ هذا العدو لم يترك أيّ مجال إجرامي إلا واستخدمه ضدّ أبناء غزة، أطفالاً ونساء وشيوخاً ومواطنين… فكان التجويع والتهجير والتدمير والتخريب والحرمان من أبسط مقوّمات الحياة، وخاصة المواد الإسعافية والأدوية ومستلزمات العلاج والتخدير في المستشفيات، إضافة طبعاً إلى القتل والإبادة الجماعية، وهي جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية، موثقة بمعظمها أمام محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت أحكاماً باعتقال رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو ووزير الحرب السابق يوآف غالانت.
رغم كلّ هذا الإجرام لم يستطع العدو أن يسجل صورة نصر، بل كانت الصوَر دائماً تؤكد هزيمته، حتى صورة القائد الشهيد يحيى السنوار كانت تعبيراً واضحاً عن انتصار المقاومة، وهو الذي واجه بمفرده آلة القتل الصهيونية وهزمَها باستشهاده.
وها هم أبطال «كتائب القسّام، ومعهم كلّ فصائل المقاومة الفلسطينية، يسجلون المزيد من صوَر الانتصار خلال عملية تسليم الأسرى الإسرائيليّين بطريقة منظمة إلى أبعد الحدود، وهم بكامل عدّتهم وعتادهم وهندامهم وترتيبهم وسياراتهم الحديثة، كأنّ الحرب حصلت في مكان آخر، وكذلك اليافطات التي كتبوا عليها «نحن الطوفان… نحن اليوم التالي»، وهذا ما يجعل قادة العدو في حالة صدمة وخيبة وهزيمة، وفي الوقت نفسه لا يعرفون بماذا يجيبون المستوطنين في كلّ الكيان الذين يسألون جيشهم وحكومتهم ماذا كنتم تفعلون طوال الأشهر الـ 15 الماضية؟
مشهد الانتصار في غزة يلاقيه مشهد انتصار مماثل في جنوب لبنان مع العودة المُظفّرة لأبناء المدن والبلدات والقرى الجنوبية رافعين رايات العز والنصر، رغم كلّ الدمار والخراب الذي خلّفه العدوان الصهيوني، إضافة طبعاً إلى الخسائر الجسيمة في الأرواح الغالية لأبطالنا الأعزّاء والأحبّاء الذين تصدّوا للعدو ومنعوه من تدنيس أرضنا الطيبة مرة أخرى، بل هم زرعوا دماءهم فيها لكي تزيد طهارة وقداسة، ولكي نلاقي غزة ونكون أيضاً «نحن اليوم التالي»…
وترافقت عودة الأهالي براياتهم المرفوعة مع انتشار الجيش اللبناني بحيث تكاملت المشاهد بين الشعب والجيش والمقاومة، وتحققت الثلاثية على أرض الواقع في حين يسعى البعض إلى تسجيل بطولات وهمية على الورق من خلال المطالبة بعدم ذكر هذه الثلاثية الذهبية في البيان الوزاري، علماً أنها لم تُذكر منذ حكومة الرئيس تمام سلام في العام 2013.
ومع تشكيل الحكومة الأولى في عهد الرئيس العماد جوزاف عون، برئاسة القاضي نواف سلام، وحصولها على الختم النهائي من رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، الذي أعلن من قصر بعبدا النهاية السعيدة «ببركات مار مارون»، ومع استعداد الحكومة لوضع بيانها الوزاري والتقدّم على أساسه إلى المجلس النيابي لنيل الثقة والانطلاق إلى العمل، يأمَل اللبنانيون بأن تكون هذه الحكومة على قدر المسؤوليات الكبيرة المطلوبة منها، خاصة أنّ البلد بحاجة إلى كلّ شيء، فعلياً كلّ شيء. ولنا عودة للتفصيل في هذا الـ «كلّ شيء»…

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى