مقالات وآراء

يومٌ… ليته لا يأتي!

 

 أحمد بهجة

 

لولا أننا مؤمنون وراضون ومسلِّمون بقضاء الله وقدره، ونخضع لمشيئته تعالى من دون أيّ سؤال، لكُنّا تمنّينا أن لا يأتي يوم غد الأحد 23 شباط 2025، وأن يُمحى من روزنامة الأيام بشكل نهائي، وننتقل مباشرة من السبت إلى الاثنين حتى لو تخربط نظام الكون كله رأساً على عقب…
السبب هو أننا لم نستوعب بعد أنّ قائدنا وكبيرنا وحبيب قلوبنا سماحة الأمين العام الشهيد الأسمى والأقدس السيد حسن نصرالله قد غاب عنا، وأنّنا ذاهبون زحفاً إلى تشييعه مع صفيّه وخليفته ورفيق دربه حتى في الشهادة السيد الهاشمي الشهيد هاشم صفي الدين.
طبعاً لن نقول إلا ما يُرضي الله، وما يُرضي سيدنا الشهيد أيضاً، الذي عاش كلّ عمره طالباً رضا الله، لكن هذا لا يتعارض أبداً مع التعبير الوجداني عن مشاعرنا ووجعنا الكبير من هذا الفَقد المؤلم والقاسي جداً.
خسارتنا فادحة بل هي فاجعة كبرى، وقد كنا اتفقنا مع شهيدنا الحبيب الغالي قائد فيلق الإعلام المقاوم الحاج محمد عفيف على تأجيل الحزن، الذي صار اليوم أضعافاً مضاعفة ولن يفارقنا على مدى الأيام والليالي.
على أنّ الحزن لن يُقعدَنا عن مواصلة الدرب، ومتابعة المسيرة التي رسمها لنا شهداؤنا الأبرار بدمائهم الزكية وبذلوا في سبيلها أرواحهم الطاهرة، وعبّدوا لنا الطريق نحو انتصارات كثيرة آتية، لأنّنا سنبقى نعيش في زمن الانتصارات الذي صنعه سيد شهداء الأمة ورفاق دربه الشهداء المجاهدون الذين سطّروا أروع البطولات وزادوا أرضنا الطيبة طهارة وقدسية.
وها هم أبناء شعبنا الميامين، أبناء السيد الشهيد الأسمى والأقدس، يجسّدون هذه الانتصارات بالزحف إلى مدنهم وقراهم وبلداتهم الجنوبية، رغم تهديدات العدو وجرائمه المستمرة بحق المواطنين والبيوت والأرض والزرع، وذلك على مرأى ومسمع من القوات الدولية ومن الذين ادّعوا أنهم ضامنون لاتفاق وقف الاعمال الحربية، فإذا بجيش العدو يفعل بعد بدء تنفيذ الاتفاق في 27 تشرين الثاني الماضي ما لم يفعله خلال العدوان البربري الهمجي.
لم ينفذ العدو ما نص عليه الاتفاق، ولم ينسحب في مهلة الستين يوماً، وتغاضى الضامنون وتحديداً الولايات المتحدة عن تمديد المهلة حتى 18 شباط، حيث أبقى العدو بعد هذا التاريخ على احتلاله لبعض التلال، وواصل أعماله وجرائمه العدوانية قتلاً وتدميراً وانتهاكاً لكلّ ما يُسمّى مواثيق وأعراف وقوانين دولية حاكمة في هذا المجال.
أما الدولة اللبنانية فقد اختارت طريق الدبلوماسية لكي تُلزم العدو بتنفيذ ما عليه والانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة، ليس فقط من التلال الخمس بل من كلّ شبر محتلّ من أرضنا، وذلك تنفيذاً للقرار 1701 الذي يفرض على العدو الانسحاب إلى خط الهدنة في العام 1949، يعني إلى ما وراء الخط الأزرق الذي سُمّيَ خط الانسحاب في العام 2000 وتحفّظ عليه لبنان بقيادة الرئيس المقاوم العماد إميل لحود والرئيس الضمير الدكتور سليم الحص والعميد المقدام الدكتور أمين حطيط.
حسناً… لنجرّب الدبلوماسية في هذه المرحلة، رغم أننا جرّبناها سابقاً مع القرار 425، ولن نكرّر هنا المثل الذي ينطبق على مَن يعيد تجربة أمر جرّبه سابقاً… لقد فرضت مقاومتنا الباسلة والشريفة بقيادة شهيدنا الأقدس تطبيق القرار باللغة التي لا يفهم العدو غيرها، وهي لغة القوة والحديد والنار، ويقيننا اليوم بأن لا مفرّ من اللجوء إلى هذه اللغة في وقت لا نعتقد أنه بعيد…
وختاماً نقول إننا ذاهبون غداً لنشيّع قلوبنا مع سيّدينا الشهيدين، ولنؤكد البيعة لحامل الأمانة سماحة الأمين العام الشيخ نعيم قاسم ونقول له:
إنّا على العهد…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى