عروض أميركية إسرائيلية كارثية للعرب

بينما كان النظام العربي الرسمي بزعامة الرياض والقاهرة ينتظر أن تؤدي نهاية الحرب التي أعقبت طوفان الأقصى إلى تبني المعادلة التي رسمتها السعودية بثنائية التطبيع والدولة الفلسطينية، وبينما كان لبنان بحلته الرئاسية والحكومية الصديقة لواشنطن ينتظر حزماً إسرائيلياً بوجه الانتهاكات الإسرائيلية، ويتوقع تسريعاً في تسهيل تمويل إعادة الإعمار بما يتيح تسريع وضع ملف سلاح المقاومة قيد البحث، وبينما كانت تركيا وقطر وحكومة الشام الجديدة تنتظر رعاية أميركية تشاركها احتفالية إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد بدعم الحكم الجديد الذي أخرج إيران وحزب الله من سورية، عبر ضبط التوغلات الإسرائيلية والتسريع برفع العقوبات عن سورية، وبينما كانت سلطة رام الله تنتظر تتويجاً للرعاية الأميركية لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة باعتبار تسلّم السلطة الفلسطينية لإدارة غزة حلاً مناسباً، جاء الموقف الأميركيّ الجديد وفي خلفيته تصفيق إسرائيلي حار، صادماً للموقف العربي واللبناني والتركي والقطري والسوري والفلسطيني.
رمت واشنطن بوجه الرياض والقاهرة وعمان كرة التهجير من غزة وجلست تنتظر، ووضعت “إسرائيل” كل الاتفاقات والرهانات خلف ظهرها، وأعلنت أنها سوف تنشئ أحزمة أمنيّة تتسع وتضيق حسب الحاجة في غزة ومحور فيلادلفيا خصوصاً، وفي سورية وفي محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء تحديداً، وفي لبنان والتلال الخمس المحتلة والجزء اللبناني من بلدة الغجر إضافة لمزارع شبعا والنقاط التي يتحفظ على احتلالها لبنان. وقالت واشنطن إنها لن تسهل إعادة إعمار لبنان وغزة خارج الشروط الإسرائيلية رغم أن واشنطن عراب الاتفاقات وضامنها، وأنها لن ترفع العقوبات عن سورية إلا إذا نفذت الشروط الإسرائيلية وقبلت بما فيها ضم الجولان المحتل إلى كيان الاحتلال، فماذا سوف يفعل العرب في قمتهم، غير أن يبكي أحدهم للآخر، وماذا سوف تفعل السلطة الفلسطينية، وماذا ستقول تركيا وقطر وحكومة الشام الجديدة، وماذا سيقول الحكم والحكومة في لبنان، وقد صار كل شيء واضحاً؟
يمكن للجميع إضاعة الوقت والتهرّب من المسؤولية عبر سياسة الانتظار، واعتبار أن الوقت يتكفل بكل شيء، لكن التجربة تقول إن الشعوب لا تنتظر الحكام إذا تخاذلوا، فتسقط حقوق الدول باحتكار حمل السلاح لأنّها فشلت في أداء واجب الدفاع والتحرير، وينهض حق الشعوب بمقاومة الاحتلال.