ترامب يلتهم زيلينسكي على الهواء في كمين محكم ثم يطرده من البيت الأبيض / الانقلاب الإسرائيلي في غزة ولبنان يتكامل مع التوغل في سورية والمناطق العازلة / عون ينوّه بخطابَيْ قاسم ورعد… الجيش يستعين بفئات من الشعب بفشل الدبلوماسية

كتب المحرّر السياسيّ
خطف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأضواء في جلسة صمّمها على الهواء تقاسم خلالها الانقضاض على الرئيس الأوكراني مع نائبه جيمس دي فانس، حيث تلاحقت الضربات على رأس زيلينسكي تقريعاً وتعنيفاً وإهانات، أمام الكاميرات، سمع خلالها زيلينسكي كلمات مثل أنت غير محترم ولم تحترم أميركا ولم تشكرها، وشعبك يباد وأنت غير جاهز لصنع السلام. وانتهى اللقاء بطرد زيلينسكي من البيت الأبيض كما قال المسؤولون الأميركيون بينما قال الأوكرانيون إن رئيسهم غادر بملء إرادته احتجاجاً على سوء المعاملة خارج البروتوكول والأصول الدبلوماسية للتعامل بين رؤساء الدول. وترك المشهد عاصفة من ردود الأفعال أجمعت معها المواقف الأوروبية وتعليقات قادة الحزب الديمقراطي في أميركا والتعليقات الأوكرانية على التضامن مع زيلينسكي ومطالبة ترامب بالتراجع والاعتذار، لكن موسكو اعتبرت ما جرى طبيعياً بسبب إدمان الرئيس الأوكراني على الكوكايين، كما قال نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي ديمتري ميدفيديف.
في المنطقة مراوحة في المكان سياسياً وتصاعد التوترات عسكرياً، مع تواصل الاعتداءات الإسرائيلية في سورية ولبنان والضفة الغربية، في ظل انقلاب إسرائيليّ معلن على اتفاقات وقف إطلاق النار في كل من غزة ولبنان، وإعلان البقاء في مناطق تضمن الاتفاق في غزة الانسحاب منها مثل محور فيلادلفيا، وبالمثل البقاء في عدد من التلال اللبنانية، خلافاً للاتفاق الذي رعته وضمنت تنفيذه واشنطن، التي قال وزير حرب كيان الاحتلال يسرائيل كاتس إنها منحت الكيان ترخيص البقاء من خارج الاتفاق دون مهلة زمنية، بينما في سورية تتمادى التوغلات الإسرائيلية بعد إعلان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عن أبدية ضم الجولان والبقاء في جبل الشيخ والمنطقة العازلة في الجولان، واعتبار محافظات درعا والسويداء والقنيطرة مناطق منزوعة السلاح ومنطقة أمنية إسرائيلية، بما يرسم علامات استفهام كبرى حول إمكانية استمرار التهدئة ومنح الدبلوماسية مزيداً من الفرص في ظل هذا الوضع مع غليان شعبيّ قد يتحوّل إلى انفجار في أي وقت.
هذا الغليان الشعبيّ لمسه رئيس الحكومة نواف سلام في المناطق الجنوبيّة التي زارها، حيث لمس درجة الغضب من غياب الدولة عن توفير الحماية وردع العدوان من جهة والبدء بإعادة الإعمار من جهة مقابلة، وبالمقابل حجم الثقة بخيار المقاومة، بينما فتح رئيس الجمهورية العماد جوزف عون الباب لتعاون الجيش مع فئات من الشعب إذا فشل الخيار الدبلوماسي وبات الحل العسكري ضرورياً، منوّهاً بخطاب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم وخطاب رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، ومنح الكتلة الثقة للحكومة، مشيداً بالتعاون في تنفيذ القرار 1701 من جانب حزب الله، والإجماع السياسي على تنفيذ موجبات لبنان في هذا القرار أمام التراجع الإسرائيلي، متسائلاً عما إذا كان عدم التدخل الأميركي عدم رغبة بردع الاحتلال عن الانقلاب على الاتفاق أم انتظار التوقيت المناسب للتدخل.
لا يزال الوضع الأمني في الجنوب يطغى على المشهد الداخلي لا سيّما بعد إعلان وزير الحرب الإسرائيلي بقاء قوات الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان بتغطية أميركية، ما يؤشر وفق مصادر مطلعة لـ»البناء» إلى تصعيد إسرائيلي عسكري وأمني مقبل مع احتمال أن يقدم الاحتلال على توسيع عدوانه برياً وجوياً وبحرياً وشنّ المزيد من الغارات على الجنوب والبقاع والاغتيالات لتزخيم الضغط السياسي على الحكومة اللبنانية لفرض الشروط السياسية والأمنية الإسرائيلية على لبنان لا سيما الاحتفاظ بحرية الحركة الإسرائيلية وفتح ملف سلاح حزب الله شمال الليطاني وكامل الأراضي اللبنانية.
وفي سياق ذلك، أشارت مصادر “الحدث” إلى أن “”إسرائيل” أبلغت لبنان بأنها ستستهدف “كل نقاط حزب الله” “إذا واصل خرق الاتفاق”، و”لن تحيّد الضاحية الجنوبية” من ضرباتها. ولفتت إلى أن “إسرائيل” طالبت الرسميين اللبنانيين تحذير حزب الله من عواقب “خرقه الاتفاق”، وأبلغت المسؤولين إبلاغ حزب الله بـ “وقف نقل السلاح في الهرمل”.
وشدّدت جهات في فريق المقاومة لـ”البناء” الى أن العدو يحاول قدر الإمكان استثمار نتائج الحرب العسكرية على لبنان وترجمة ما يدّعيه أنه إنجازات ضد المقاومة في لبنان، في المعادلة السياسيّة لجهة الاستمرار في حصار المقاومة والضغط على الدولة اللبنانية لوضعها في مواجهة المقاومة. مشيرة إلى أن العدو يعمل وفق مشروع الشرق الأوسط الجديد للسيطرة على أربع دول في المنطقة لبنان وسورية وفلسطين والأردن، ولذلك يحاول التوسّع في سورية والبقاء في جنوب لبنان، وذلك في إطار المشروع الأميركي الأكبر أي فرض مشروع السلام والتطبيع على المنطقة وإنهاء حركات المقاومة بشكل كامل، والسيطرة على منابع الغاز والنفط في البحر المتوسط. وأكدت الجهات بأن المقاومة والقوى الحيّة في لبنان والمنطقة ستتصدّى لهذه المشاريع الهدامة للمنطقة مهما بلغت الأثمان.
وفي سياق ذلك، شدّد رئيس الهيئة الشرعية في حزب الله الشيخ محمد يزبك على أنّ العدو الإرهابي والصهيونيّ هو أوهن من بيت العنكبوت، متوجهًا إلى سيّد شهداء الأمة الأمين العام لحزب الله السيد الشهيد حسن نصر الله بالقول: “كنت تريد الإصلاح كما كان الأنبياء، وكنت تجدّد العهد مع الحسين (ع) لإصلاح الأمة ضد عدو الإنسانيّة”.
وفي كلمة له خلال تلقي قيادة حزب الله وعائلتَي الشهيدين السيد نصر الله والسيد الهاشمي السيد هاشم صفي الدين التعازي والتبريكات في منطقة البقاع، قال الشيخ يزبك: “نحن على العهد ولن نتركك يا سيدي يا أبا هادي. تركت أبطالًا وأسودًا كربلائيّين”، مضيفًا: “الأمة التي هي وفية لك وعاشت على حبّك تُشيّع اليوم في عيتا الشعب وعيترون 130 شهيدًا على هذا الدرب حماية لفلسطين وحفاظًا على كرامة الأمة”، آسفًا لأننا وأمام هذا التشييع الهائل لم نجد من السلطة السياسية مَن يشارك، مؤكدًا أنه لولا هذه الدماء والشهداء لكان العدو في بيروت وكل لبنان”.
وتوجّه الشيخ يزبك مجددًا إلى سيد شهداء الأمة بالقول :”سيدي يا أبا هادي أنت الذي قلت لو قُتلنا ومزّقنا لن نرضى بالتطبيع مع الكيان، ونحن نردّد معك هذا الأمر كما كانت وصيتك”، لافتًا إلى أنّ الأمة التي وقفت في التشييع المهيب هي أمة وفيّة، فأنت بذلت دماءك ودماء صفيّك من أجل كرامتها وهي لبّت النداء وجاءت لتشارك رغم كل الظروف ورغم كل ما قيل لتبقى هذه المقاومة حاضرة”، وأضاف: “هذه الراية ستبقى مرفوعة ولن تسقط لنا راية، كما قال الشهيد الأسعد الشهيد حسن نصر الله وستظل رايتك مرفوعة ووعدك بالنصر، والنصر آتٍ”، مشددًا على “أننا سنكمل الدرب وهذه المقاومة التي بنيتها وعبّدتها بدمائك الطاهرة هي مستمرة بإذن الله، وهي التي سترفع عن فلسطين والأمة الذل وتقطع الطريق على أميركا ومشاريعها”.
إلى ذلك، أطلق رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، سلسلة مواقف من الملفات المطروحة، حيث أثنى على خطاب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم “الذي أشار في محطات عدة بكلمته إلى الدولة”، وقال: “المقاومة هي أساس وخيارنا الإيماني والسياسي. سنتابع تحرّك الدولة لطرد الاحتلال ديبلوماسيًا”.
وشدّد الرئيس عون على أننا “ملتزمون بالقرار 1701 وفي الجنوب التجاوب كامل”، وقال: “ثقة كتلة “الوفاء للمقاومة” وكلام رعد عن الحوار كله تكوّر إيجابي يبنى عليه”. وقال: “علاقتي مع نبيه بري أكثر من ممتازة”.
وشدّد على أنه “لم يعد مسموحاً لغير الدولة القيام بواجبها الوطني في حماية الأرض وحماية الشعب”، وأضاف: مفهوم السيادة هو حصر قرارَي الحرب والسلم بيد الدولة واحتكار السلاح بيدها”.
وقال: “آمل وأنتظر من السعودية وخصوصًا ولي العهد محمد بن سلمان أن نصوّب العلاقة لمصلحة البلدين وسأطلب خلال زيارتي للسعودية إذا كان ممكناً إعادة تفعيل المساعدات العسكرية للجيش اللبناني”.
ولفت إلى أنه “لا يمكن للدولة السورية أن تتخلى عن مليونَيْ شخص من مواطنيها النازحين بلبنان وتجب عودتهم إلى بلدهم”.
ورأى عون أن “العلاقة مع أميركا ضرورية والمساعدات للجيش اللبناني مستمرّة، ويجب أن تكون الصداقة الإيرانية مع كل اللبنانيين”.
في غضون ذلك، وبعد نيله الثقة النيابية زار رئيس الحكومة نواف سلام الجنوب وقال أمام مجموعة من أهالي القرى الأماميّة الذين تجمعوا أمام ثكنة بنوا بركات في صور، إن “الحكومة تضع في رأس أولوياتها العمل على إعادة إعمار منازلهم وقراهم المدمرة وتأمين عودتهم الكريمة اليها”، مشدداً على أن “ذلك ليس وعداً بل التزام مني شخصياً ومن الحكومة”. وعقد رئيس الحكومة نواف سلام والوفد المرافق لدى وصوله إلى ثكنة بنوا بركات لقاء في مكتب قيادة القطاع، وكان استقبله قائد الجيش بالإنابة اللواء حسان عودة وقائد قطاع جنوب الليطاني العميد الركن ادكار لوندوس.
وقال أمام وحدات الجيش اللبناني المنتشرة في الجنوب: “أنتم عنوان الشرف والتضحية والوفاء، وأنتم العمود الفقريّ للسيادة والاستقلال. الجيش هو المولج بالدفاع عن لبنان، وعليه مسؤولية الحفاظ على أمن الوطن وحماية شعبه وصون سيادته ووحدة وسلامة أراضيه. والجيش اللبناني يقوم اليوم بواجباته بشكل كامل، ويعزّز انتشاره بكل إصرار وحزم من أجل ترسيخ الاستقرار في الجنوب وعودة أهالينا إلى قراهم وبيوتهم”. وأؤكد أن “الحكومة سوف تعمل على تمكين الجيش اللبناني من خلال زيادة عديده وتجهيزه وتدريبه وتحسين أوضاعه مما يعزّز قُدراته من أجل الدفاع عن لبنان. أود أن أعرب عن تقديري لدور اليونيفيل كقوة حفظ سلام تواجدت مع لبنان وجنوبه منذ العام ١٩٧٨ وقدّم عدد من عناصرها حياتهم من أجل تحقيق رسالتها. كما أشيد بتعاونها الوثيق مع الجيش والسلطات اللبنانية لتنفيذ القرار ١٧٠١، في سبيل تعزيز أمن واستقرار لبنان وجنوبه. نرفض أي اعتداء على اليونيفيل ونؤكد العمل من دون تهاون لتوقيف ومحاسبة المسؤولين عن ذلك، ونحرص على القيام بكل الإجراءات لعدم تكرارها”.
ثم توجّه سلام إلى مرجعيون، حيث عقد فور وصوله والوفد المرافق إلى ثكنة فرانسوا الحاج لقاءات مع كبار الضباط والقيادات العسكرية، وزار بلدة الخيام حيث اطلع على حجم الدمار الكبير الذي خلفه العدوان الإسرائيلي والذي طاول البلدة والبلدات المجاورة. وأكد رئيس الحكومة أن “الجيش اللبناني يقوم بواجباته على أكمل وجه وهو الوحيد المخول بحماية الوطن والدفاع عنه”. ثم توجّه إلى طريق عام الخيام -مرجعيون – الخردلي، ومنها الى النبطية، حيث جال في السوق التجاري الذي دمرته الطائرات الحربية الاسرائيلية.