كلمة الرئيس في القمّة رئاسية

لم يكن منتظراً أن يغادر رئيس الجمهورية العماد جوزف عون في كلمته أمام القمة العربية الإطار الفكري والسياسي الذي يقارب من خلالها القضايا اللبنانية والعربية، مثل اعتقاده بنظرية حروب الآخرين على أرض لبنان، وقناعته بجدوى الحلول الدبلوماسية في ردع العدوان وإنهاء الاحتلال، وحديثه عن رفض المحاور وتوظيف القضايا المحقة في حسابات فئوية، وكلها تبدو رسائل سلبيّة موجهة لقوى المقاومة في لبنان والمنطقة.
المهم في كلام رئيس الجمهورية أمام القمة العربية، ما قاله عن القضية الفلسطينية وهو كلام جريء وشجاع يقوله رئيس جمهورية يحمل الأفكار التي سبق التنويه بها كمدرسة فكرية سياسية لنظرة الرئيس إلى قضايا المنطقة، والرئيس يقول ما لم يقله رؤساء وقادة عرب آخرون، إن فلسطين قضية حق والحق لا تنصره إلا القوة، قوة الموقف والمنطق وإذا اقتضى الأمر قوة القوة، ويقول إن لا استقرار ولا سلام دون فلسطين، في زمن الترويج الغربي والعربي للتطبيع على قاعدة تكريس موت القضية الفلسطينية، وفي ظل ظهور أصوات تزعم الانتماء الى بيئة الرئيس تسوّق التطبيع باعتباره الزمن الآتي وتقول انسوا فلسطين فقد انتهت القضية.
في الحديث عن لبنان كان كلام الرئيس واضحاً في شرح الاحتلال والعدوان الإسرائيلي على لبنان دون القبول أو المشاركة بسرديّة تحميل المقاومة أيّ مسؤوليّة عن الاستدراج أو الاستفزاز أو منح الفرص، ولو تلميحاً، كما كان كلام الرئيس واضحاً في أولويّة إزالة الاحتلال ومنع الاعتداءات، دون أي ربط بين تحقيق هذه الأهداف الوطنية وما يخصّ العلاقة بين الدولة والمقاومة، ورغم الإشارة إلى عودة الدولة وتحمّلها مسؤولية حماية وبسط سيادتها وحصرية حمل السلاح، تجنب الرئيس أي حديث عن سلاح المقاومة وقبول التداول به كجزء من معادلة مقايضة لوقف العدوان وتحرير الأرض أو إعادة الإعمار.
من حق أيّ لبناني أن يختلف مع مقاربة رئيس الجمهورية لقضايا السياسة اللبنانيّة والإقليميّة والدوليّة، لكن لا أحد يستطيع إنكار أن كلمة الرئيس في القمة العربية كانت شجاعة ووطنية وبالتالي رئاسية.