القمّة العربيّة تنجح بقيادة مصريّة بالردّ على مشروع التهجير وتقديم خطة واقعيّة: • غزة جزء من فلسطين والحل دولة فلسطينية • لجنة توافقية فلسطينية لإدارة مؤقتة / عون أمام القمة: فلسطين حق يحتاج للقوة… وأولويتنا رد العدوان وزوال الاحتلال

كتب المحرّر السياسيّ
جمعت القمة العربية المنعقدة في القاهرة بين الموقف السياسي والإجراءات العملية، ولو بالحد الأدنى، وكان واضحاً أن التقدم الحاصل في الموقف العربي تقف وراءه قيادة مصرية لمسار القمة ورسم لسوق الموقف فيها، بما ردّ الاعتبار لمفهوم الأمن القومي ولو عند حد رفض الانخراط في تصفية القضية الفلسطينية من بوابة مشروع التهجير الذي طرحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب وهدّد مصر والأردن بوقف المساعدات عنهما إن لم يقبلا باستقبال المهجَّرين من غزة. وجاء البيان الختامي للقمة بإعلان واضح عن رفض التهجير والتمسك بأن حكم غزة لا يمكن أن يكون إلا فلسطينياً، وأن لا حلّ لغزة خارج إطار حلّ القضية الفلسطينية بإقامة دولة فلسطينيّة مستقلة. وعملياً خطت القمة عبر الخطة التي قدّمتها مصر وأقرّتها القمة، خطوة هامة نحو الإطار الإجرائي لمواجهة مشروع الاحتلال والعدوان الذي يلوّح به رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو، فقرّرت تشكيل لجنة مؤقتة من الخبراء لإدارة قطاع غزة بموافقة حركتي فتح وحماس بانتظار أن تنجز خطوات عملية على طريق الوحدة الوطنية تتيح نقل إدارة غزة إلى السلطة الفلسطينية بينما تتولى مصر إعادة ترتيب وضع الشرطة الفلسطينية في غزة بصورة تنفي عنها أي صبغة فصائليّة.
يبقى التحدّي في كيفية إدخال المواد الإغاثية ومواد الإعمار والمعدات الثقيلة، دون موافقة لن يقدّمها جيش الاحتلال، ما دامت القمة لم تضع موضع التنفيذ القرار السابق للقمة العربية الإسلامية بفتح معبر رفح دون استئذان الاحتلال، باعتباره معبراً فلسطينياً مصرياً خالصاً، بانتظار ما سوف يقرّره مؤتمر وزراء الخارجيّة في منظمة التعاون الإسلامي خلال أيام في جدة.
في القمة أيضاً كانت مواقف لرئيس الجمهورية العماد جوزف عون حازت تنويهاً في الداخل، كان أبرزها ما نقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي وصف الكلمة بالرائعة، ومما قاله رئيس الجمهورية كان تقديمه عرضاً مفصلاً للأهمية القومية والإنسانية للقضية الفلسطينية، وقوله إنّها قضيّة حق يلزمها القوة، وإن ضعفها ضعف للعرب وقوتها قوة لهم، معلناً أن لا سلام دون فلسطين، وعن لبنان قال رئيس الجمهورية إن الأولويّة تبقى لزوال الاحتلال ووقف العدوان.
بعد زيارته الأولى إلى المملكة، يتوجّه رئيس الجمهوريّة العماد جوزاف عون في زيارة ثانية قريباً إلى السعودية، يرافقه رئيس الحكومة نواف سلام على رأس وفد وزاريّ موسّع، حيث من المتوقع أن يتخلل الزيارة توقيع اتفاقيات، وذلك بعد شهر رمضان.
وكان خلص البيان المشترك الذي صدر في ختام زيارة رئيس الجمهورية إلى المملكة العربية السعودية، بدعوة وجّهها عون لولي العهد الامير محمد بن سلمان لزيارة لبنان، وترحيب بن سلمان بالدعوة. واتفق الجانبان بحسب البيان على البدء في الإصلاحات المطلوبة دولياً وفق مبادئ الشفافية وتطبيق القوانين، كما تأكيد المملكة ولبنان، أهميّة تعزيز العمل العربي وتنسيق المواقف تجاه القضايا المهمة على الساحتين الإقليمية والدولية.
وبحسب البيان، أكد الطرفان أهمية التطبيق الكامل لاتفاق الطائف، وتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة، وبسط الدولة سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية، وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، وتأكيد الدور الوطني للجيش اللبناني، وأهميّة دعمه، وضرورة انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيليّ من كافة الأراضي اللبنانية. واتفق الجانبان على ضرورة تعافي الاقتصاد اللبناني وتجاوزه لأزمته الحاليّة، والبدء في الإصلاحات المطلوبة دوليًا وفق مبادئ الشفافيّة وتطبيق القوانين الملزمة.
واتفق الجانبان على البدء بدراسة المعوقات التي تواجه استئناف التصدير من الجمهورية اللبنانية إلى المملكة العربية السعودية، والإجراءات اللازمة للسماح للمواطنين السعوديّين بالسفر إلى الجمهورية اللبنانية.
وأمس، ذكّر الرئيس عون أن «في بلدي، تماماً كما في فلسطين، ما زالت هناك أرضٌ محتلة من قبل إسرائيل، وأسرى لبنانيون في سجونها»، مؤكداً «نحن لا نتخلى عن أرضنا ولا ننسى أسرانا ولا نتركهم»، كما أكد عون في كلمته في افتتاح أعمال القمة العربية الطارئة التي تستضيفها القاهرة أنّه «لا سلام من دون تحريرِ آخر شبرٍ من حدودِ أرضِنا، المعترفِ بها دولياً، والموثقة والمُثبّتة والمرسّمة أممياً. ولا سلامَ من دون دولةِ فلسطينية».
وعلى هامش القمة، عقد الرئيس عون سلسلة لقاءات ثنائيّة. واستقبل في مقرّ إقامته في فندق توليب بالقاهرة، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على رأس وفد من المنظمة، وجرى استعراضٌ للتطورات الإقليميّة وعمل منظمات الأمم المتحدة في لبنان والتحديات التي تواجه القضية الفلسطينية. كما التقى الرئيس عون أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي كرّر استعداد بلاده «لمواصلة الدعم للجيش اللبناني والمساعدة في دعم مشاريع حيوية كتطوير قطاع الكهرباء». والتقى أيضًا الرئيس العراقيّ عبد اللطيف رشيد الذي هنأه بانتخابه وأكد عمق العلاقات الثنائية، مثنيًا على دور لبنان الإقليمي.
على خط آخر، يعقد مجلس الوزراء أول جلسة عملية له في الحادية عشرة قبل ظهر غد في قصر بعبدا، وعلى جدول أعمالها 25 بندًا، أبرزها ما يتعلق بموضوع موازنة 2025 التي أقرّتها الحكومة السابقة ورفعتها إلى مجلس النواب الذي لم يناقشها، وأيضًا موضوع تعيين سفراء من خارج الملاك في السلك الخارجي في الوزارة، إضافة إلى أمور تنظيميّة منها رحلات سفر إلى الخارج. واستقبل رئيس الحكومة نواف سلام مديرة شؤون «وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطيين في الشرق الأدنى (الأونروا)»، في لبنان دوروثي كلاوس وتم استعراض التحدّيات التي تواجه الوكالة في نطاق عملها المحليّ والإقليميّ. كما بحث مع المنسّق المقيم للأمم المتحدة في لبنان عمران ريزا، التنسيق بين الحكومة اللبنانية ومؤسسات الأمم المتحدة.
وأكد وزير الداخلية أحمد الحجار أن الحكومة ووزارة الداخلية عازمتان على إجراء الانتخابات البلدية في موعدها خلال شهر أيار على أربع مراحل، وخلال اجتماع لجنة الدفاع والداخلية في البرلمان طُرحت أسئلة من النواب حول موضوع دعوة الهيئات الناخبة، وقال الحجار: القانون يسمح لنا بأن ندعو خلال شهر أو شهرين كحد أدنى ثلاثين يوماً، وإذا بدأنا في الرابع من أيار يكون علينا قبل الرابع من نيسان دعوة الهيئات الناخبة أسبوعاً تلو أسبوع، أي اعتباراً من اليوم تسري المهلة».
واستهدفت طائرة مسيّرة إسرائيليّة سيارة في بلدة رشكنانية في قضاء صور جنوبي لبنان وأدّت إلى استشهاد المواطن خضر هاشم وهو قياديّ في قوة الرضوان في حزب الله. وقبل الاستهداف أُفيد عن تحليق طائرة مسيّرة إسرائيلية من نوع هرمز 450 في اجواء مدينة صور وقرى الجوار على علو منخفض.
الى ذلك كشف موقع «اكسيوس» نقلًا عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين عن «تفاهمٍ بين تلّ أبيب وواشنطن وبيروت يقضي باستمرار الوجود العسكريّ الإسرائيليّ في جنوب لبنان لأسابيعٍ أو حتّى أشهر، في خطوةٍ تهدف إلى ضمان استقرار المنطقة وتعزيز قدرة الجيش اللّبنانيّ على تولي مسؤولياته الأمنيّة».
وأكدّ موقع «أكسيوس» نقلًا عن مسؤولين أميركيين، أنّ وزارة الخارجيّة الأميركيّة رفعت التجميد عن 95 مليون دولار من المساعدات العسكريّة للبنان، ضمن استراتيجيّةٍ أوسع لدعم الجيش اللّبنانيّ وتعزيز الأمن في الجنوب.
في المقابل، أكد مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي أن «حزب الله سيواصل مسيرة المقاومة بقوة لأن غالبية الشعب اللبناني تدعمه وستقف مع المقاومة».