أخيرة
أين لاءات الخرطوم؟

قلت في نفسي: التاريخ يصنعه رجل، ويكتبه مؤرّخ. وراحت ذاكرتي تضخّ أسماء الرجال الذين صنعوا التاريخ، وقادوا شعوبهم إلى الإبداع، والتفوق، والإصلاح، والنصر، والاستشهاد؛ كذلك أسماء من دمّروا، وقتلوا، واستعبدوا، وخانوا! كلاهما يصنعان التاريخ، وشتّانَ بين الصنيعين!
في زحمة هذه الخواطر الناشئة عن حرب غزّةَ وجنوب لبنان وتداعياتهما، راحت ذاكرتي تأخذ شكل طائرٍ خرافيّ اسمه «الهامةُ» أو «الصدى»، يخرج من رأس القتيل، يصرخ: اسقوني… اسقوني… إلى أن يؤخذ بثأره.
طائر علم العرب كيف «في الجريرة تشترك العشيرة»، وكيف «ينصر الأخ أخاه»، وكيف «تموت الحرّةُ ولا ترضع بثديها»، وكيف في «يوم ذي قار» وفي «حطّين» وفي «القادسية» انتصرنا، بينما اليوم نغادر مؤتمرات القمة، وقد تمّت مراسم الدفن للاءات ثلاث كانت رمز إرادتنا، وقوتنا، وصمودنا، في قمة الخرطوم.