أولى

شوكة غزة في حلق نتنياهو وترامب

 

مذهلة هذه الـ غزة، بمساحة حي من أحياء مدينة كبرى، وعدد سكانه، تحكم العالم وتربك حسابات الكبار والصغار فيه، وهي تغيّر معادلات الدول، وهي لا تملك إلا أرواح مقاتليها وشعبها، وإرادتهم العظيمة برفض حياة الذل والتهجير والاحتلال.
منذ طوفان الأقصى وغزة لا تنفكّ تفرض معادلات جديدة، وقد نجحت بإفشال حرب كبرى شنّها جيش الاحتلال لإخضاعها، دُمّرت خلالها كل مساكنها وبناها التحتية تقريباً، وقتل وجرح قرابة 10% من سكانها، وانتهى الأمر باتفاق يحقق مطالب غزة بإنهاء الحرب وانسحاب كامل للاحتلال.
لم يستطع قادة الكيان ابتلاع شوكة غزة، ولا هضمها، وهم يحاولون الالتفاف والمناورة للتملص من شروط الاتفاق ويأملون باستعادة أسراهم دون دفع الثمن. وها هو الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يثير العرب في العالم يهدّد غزة بالجحيم للمرة الثانية ما لم يتم الإفراج عن جميع الأسرى لدى غزة فوراً.
واشنطن حائرة، ساعة تدعو لتثبيت وقف إطلاق النار وتوفد مَن يحاور حماس وساعة تهدّد بالجحيم، والأشدّ حيرة هي “إسرائيل” التي تهدّد بالحرب وتدرك عواقبها، سواء على مصير الأسرى أو على الداخل الإسرائيلي او على صورة النصر الذي تريد “إسرائيل” تقديمه بصورة أقوى وأكثر إقناعاً وتخشى أن تكون النتيجة كارثية.
غزة في ليلة من ليالي رمضان تمضيها كسائر لياليها فلا شيء تغير بجحيم ترامب، لأن غزة ببساطة تعيش في جحيم تعتقد أن ترامب يقف وراءه، ولسان حالها أنا الغريق فما خوفي من البلل.
جحيم ترامب، كما يقول المسؤولون الأميركيون، سوف يعهد إلى نتنياهو بتنفيذه، ولا شك في أن بين أيدي الاحتلال أسلحة كافية لهذا الجحيم، لكن ذلك لن يغيّر من حقيقة أن لا خيار أمام غزة سوى الصمود والتحمّل، فإنهاء ملف الأسرى دون وقف الحرب نهائياً والانسحاب الكامل للاحتلال يعني أن ما بعد إطلاق الأسرى سوف يكون جحيماً مضاعفاً.
غزة هذه المرّة سوف تقاتل على الحافة الأمامية كما لم تفعل بعد 7 أكتوبر وقد يتكرّر مشهد الحافة الأمامية لجنوب لبنان وتتكسّر رماح الاحتلال على أطراف غزة ويعجز عن دخولها، واليمن سوف لن يتردّد بالعودة إلى إقفال البحر الأحمر أمام الأميركيين وسفنهم وحاملات طائراتهم وإن اختار ترامب المغامرة بالحرب مع اليمن سوف تكون النتيجة حرباً في المياه من الخليج إلى بحر العرب إلى البحر الأحمر والقواعد الأميركية لن تنجو من الاستهداف ولا ناقلات النفط أيضاً، لكن الأهم أن تل أبيب سوف تكون تحت النار، فهل تكون تهديدات ترامب شبيهة بما مضى، مدخلاً لإعادة تفعيل الاتفاق؟

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى