مقالات وآراء

واشنطن والرؤية الجديدة لـ «الشرق الأوسط»

 

 محمد حسن الساعدي

 

منذ فوز دونالد ترامب بولاية ثانية لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية والنية أن يعيد لأميركا نفوذها على العالم خصوصاً أنها تتجه نحو هندسة اقتصادها على أساس «الاقتصاد القومي» وحتى بين الدول الحليفة لها، وترحيل الأزمات من الداخل إلى الخارج، والذهاب نحو إعادة العمل بالتعامل المالي مع العالم وفقاً لرسوم جمركية وضرائب جديدة بالإضافة إلى إعلانه بأنه يسعى إلى جعل غزة «ريفييرا» جديدة في «الشرق الأوسط».
‏واشنطن تسعى إلى أن يكون للعالم أجمع دور في تطوير ترسانتها التسليحية لأنها تعتقد بأنّ هذا التطوير للأسلحة جاء لخدمة الحلفاء، فبالتالي ينبغي عليهم أن يشاركوا في عملية التطوير من خلال تقديم الدعم المالي لها من حلفائها في العالم والذهاب نحو الاقتصاد الانفرادي والاعتماد على المخرجات المالية الداخلية كالضرائب والجمارك من أجل تحقيق توازن مالي داخلي للولايات المتحدة الأميركية والضغط باتجاه ضمّ كندا إليها بالإضافة إلى فرض السيطرة على غرينلاند، والضغط على المكسيك بشأن عمليات الهجرة المنظمة إلى الداخل الأميركي.
الخطاب الإعلامي اعتمد على الوضوح في الدعوة إلى حلّ الصراعات والنزاعات في العالم عبر الدبلوماسية وبدأ ينظّر منذ حملته الانتخابية بضرورة إنهاء الصراع في «الشرق الأوسط» قبل دخوله البيت الأبيض، ولكن في عمق سلوكه وقراراته التي اتخذها حال تولّيه إنهاء إعفاء العراق من استيراد الغاز من إيران الأمر الذي سبّب حرجاً للحكومة العراقية في ضمان توفير الغاز السائل لتشغيل المحطات الكهربائية في العراق، كما أنّ دعوته إلى تهجير الفلسطينيين من غزة وتوزيعهم على مصر والأردن، والذي هو الآخر قرار ينمّ عن رؤية جديدة لـ «الشرق الأوسط» حيث يبدو أنّ فيها بداية عصر جديد له.
أمسى واضحاً من خلال سيطرة ترامب على البيت الأبيض واختياره لنائب لا علاقة له بعمله إذ تمّ اختيار الفريق لكي ينفذ الأوامر فقط خلال فترة ولايته ما يعني أنّ الرئيس الأميركي لا يرغب بفريق يناقشه في قراراته كدورته الأولى التي شابها الكثير من الاعتراضات على السياسات التي كان ينتهجها، بل يريد فريقاً ينفذ الأوامر فقط دون مناقشة أو رفض أو استقالة من هذا أو ذاك ما يعطينا رسائل مهمة بأنّ أميركا ذاهبة نحو هيمنة الحزب الجمهوري قبالة أفول وشيك للحزب الديمقراطي بصورة تدريجية، فبعد سيطرة ترامب على المحكمة العليا التي فيها ستة قضاة تمّ تعيينهم من قبل ترامب وربما نجد تعيينات أخرى بهذا الاتجاه.
‏الولايات المتحدة الأميركية مقبلة على متغيّرات مهمة خصوصاً بعد هيمنة الحزب الجمهوري على مجلسي النواب والشيوخ والقضاء وإبعاد المنافسين ما يعني أنّ الأوضاع الداخلية ذاهبة نحو عدم الاستقرار إذا ما علمنا أنّ هناك صراعاً قويا ومحتدماً مع الخصوم اللدودين (الصين وروسيا وكوريا الشمالية…) وهي جبهات متعددة تحتاج إلى سياسة خاصة تتعامل بها واشنطن مع هذه الدول، الأمر الذي يعطينا رؤية بأنّ الولايات المتحدة الأميركية دخلت في الصراع الداخلي ومحاولة إثبات الوجود والسيطرة على العالم وهو بحدّ ذاته يُعدّ سقوطاً في الهاوية لأنه لا يمكن لها أن تحكم العالم لوحدها ولا يمكنها السيطرة على الاقتصاد العالم لوحدها، لذلك فإنّ العالم أجمع يرفض مثل هذه السياسة الانفرادية على حساب الآخرين ناهيك عن الإبادة الجماعية التي تمارسها الولايات المتحدة الأميركية ضدّ الأقليات وتحديداً في «الشرق الأوسط»، والتي باتت تأرقها وتجعلها تحت ضغوط غير مسبوقة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى