أولى

واشنطن تعامل موسكو كقوة عظمى أم إقليمية؟

 

كان من المهم مع الإعلان عن انتهاء الاتصال الهاتفي المطول بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الوقوف على تفاصيل القضايا التي تم بحثها، أكثر من الغرق بتفاصيل ما تم الاتفاق عليه حول الحرب في أوكرانيا.
من المعلوم أن كل التحول الإيجابي في العلاقة الأميركية الروسية الذي مهد لهذا الاتصال يقوم على تسليم أميركي بالفشل في إخضاع روسيا عبر الحرب والعقوبات والعزل السياسي والاقتصادي، وبالتالي فإن التراجع الأميركي أمام روسيا في قضايا الحرب هو من بديهيات ما سوف يحدث، سواء لجهة موقع أوكرانيا المستقبلي أمنياً، أو لجهة الحدود الجغرافية الجديدية الروسية الأوكرانية.
التسليم الأميركي لروسيا بكفة راجحة في الحرب لا يكفي لقراءة الاتجاهات الكبرى للعلاقات الدولية، لأن هذا التسليم إذا شكل محوراً وحيداً للمحادثات فهو إشارة إلى أن روسيا ارتضت الاعتراف بها كدولة إقليمية فاعلة ولم تحصل على ما سعت إليه دائماً وهو موقع الشريك الكامل في السياسة الدولية كقوة عالمية عظمى.
في التفاصيل التي نشرت لاحقاً، إشارات واضحة إلى أن المحادثات تناولت شؤوناً عالمية عديدة، منها السلاح النووي وسباق التسلح، منها ملف إيران النووي ومنها حرب اليمن وحرب غزة، ورغم عدم ظهور تفاهمات حول هذه الملفات فإن مجرد اعتبارها مواضيع اهتمام مشترك، وتبادل الآراء حولها بين الرئيس الأميركي والرئيس الروسي، يسقط فرضية يتداولها البعض عن مسعى أميركي لرشوة روسيا بمكاسب في الحرب الأوكرانية مقابل ضمان الصمت الروسي على التفرد الأميركي في الساحات الأخرى، وأهمها ساحة الشرق الأوسط.
التسريبات الروسية حول تفاهم على اعتبار السعودية محور الحل الواقعي للقضية الفلسطينية، والاتفاق السعودي الإيراني محور الحل الواقعي لملفات المنطقة الأخرى، والتأكيد على ضرورة حل الخلافات حول الملف النووي الإيراني عبر الحوار، يدعو لمراقبة تحرك الدبلوماسية الروسية في المنطقة واتجاهاتها.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى