بدء جلسة المحكمة الدولية في قضية «الجديد» و«الأخبار» في لاهاي خياط تمثل وتدافع عن موقفها والأمين يقاطع ويطالب بضمانات
عقدت أمس المحكمة الدولية الخاصة بلبنان برئاسة القاضي نيكولا ليتيري جلسة استجواب في قضية قناة «الجديد» وصحيفة «الأخبار» في لاهاي، حيث مثّل «قناة الجديد» في الجلسة المدير العام لـ«الجديد» ديمتري خضر.
ومثلت نائبة رئيس مجلس إدارة قناة «الجديد» كرمى خياط أمام المحكمة الدولية، في حين لم يحضر رئيس تحرير «الأخبار» إبراهيم الأمين جلسة الاستجواب.
وأشار ليتيري خلال الجلسة أن «التهم الموجهة إلى قناة الجديد لا تتعلق بانتقاد المحكمة الدولية ولكن بالعرقلة المزعومة لسير عدالة المحكمة».
وقد رد عليه المحامي ووكيل قناة «الجديد» وصحيفة «الأخبار» كريم خان، «أن المدير العام لقناة «الجديد»، ديمتري خضر ليس ممثلاً لكيان اسمه تلفزيون «الجديد» إنما يمثل «الجديد» ككيان معنوي، ولكنه مستعد للرد على أسئلة المحكمة الدولية»، وأشار خان إلى أنه «ممثل قانوني للمتهم الأول وعلى المتهم أن يعرف ما هو موضوع التحقيق وشركة تلفزيون «الجديد» هي كيان قانوني آخر».
وأعلن المدير العام لقناة «الجديد» ديمتري خضر رداً على أسئلة المحكمة الدولية، بأن «الجديد ليست مذنبة، وبالتالي فانه رفض الاتهامين».
خياط
واعتبرت الزميلة خياط أن «من معه حق لا يخشى شيئاً وأنا هنا لأواجهكم».
ولفتت إلى أن «البحث عن الحقيقة وتقصي المعلومات حق مقدس للصحافة وفق المواثيق الدولية». وقالت: «جئت إلى المحكمة لئلا أكون ممراً لسلب حرية الصحافة تحت شعار العدالة. لقد التزمنا أعلى المعايير حين أضأنا على أخطاء سير عمل المحكمة من أجل حسن سير العدالة. فمن حق الشعب اللبناني وأهالي الشهداء محاكمة لا تشوبها أي عيوب».
وأضافت أن «السر خرج من عندكم وشاع وبدل أن تسائلني دولتي تحت القضاء اللبناني وأن تحاكمني إذا كنت على خطأ وأنا لست على خطأ، لكن للأسف دولتي معتادة على أن تحكم من الخارج واستبدلت الوصاية السورية بالفصل السابع».
ورفع القاضي نيكولا ليتيري الجلسة الأولى وحدد 29 أيار المقبل موعداً جديداً لمثول صحيفة «الأخبار» ورئيس تحريرها إبراهيم الأمين أمام المحكمة.
الأمين
وأكد الزميل إبراهيم الأمين، في تصريح له، أن المهلة التي أعطيت له من قبل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان غير كافية من أجل تكوين فريق دفاع عنه. وأعلن أنه بصدد تحضير رسالة تتضمن الضمانات التي يحتاجها من المحكمة، مؤكداً أنه لن «يمثل في الجلسة المقبلة إذا لم تتوافر الشروط التي يحتاج إليها».
وأشار الأمين إلى أنه «لدينا إشكالية مع هذه المحكمة لأنها قامت خلافاً للدستور». ولفت إلى انه «يجب استعادة سيادة لبنان»، معتبراً أن «الانتداب الدولي تجاوز تشكيل الحكومات ووصل إلى مبدأ منع اللبناني من النطق والتعبير عن رأيه».
وأكد الأمين في حديث تلفزيوني من نقابة الصحافة أن «العلاج الوحيد هو نزع الشرعية عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان»، مشيراً إلى أن «الإعلام اللبناني معني بتعزيز القوانين التي تحميه»، موضحاً أنه «طلب من المحكمة سلسلة إجراءات ومطالب وفي حال لم تلتزم بها لن يمثل أمامها»، مؤكداً انه في حاجة إلى «ضمانات كاملة للمثول».
وأوضح أن وزير العدل أشرف ريفي «ليست له صلاحية في توقيف الصحافيين»، معتبراً أن من «الأجدر أن يهتم برد أهالي طرابلس إلى مدينتهم وأن يعتذر من أهالي طرابلس وأن يمثل أمام القضاء اللبناني بسبب التهم الموجهة إليه». وأشار إلى أن «واجب السلطات اللبنانية أن تحمي إعلاميها»، موضحاً انه «لا يتوقع منها الكثير».
لقاء تضامني في نقابة الصحافة
وتزامناً مع انعقاد جلسة المحكمة شهدت نقابة الصحافة اللبنانية لقاء تضامنياً حاشداً مع صحيفة «الأخبار» بشخص إبراهيم الأمين وقناة «الجديد» بشخص كرمى خياط.
وحضر إلى نقابة الصحافة إعلاميون وصحافيون وسياسيون ونواب ووزراء وحزبيون وناشطون وشخصيات وفعاليات متضامنة.
وتابع المتضامنون جلسة المحاكمة التي نقلت مباشرة على شاشات التلفزة. وتحدّث عدد من الشخصيات في اللقاء، فقال رئيس لجنة الإعلام والاتصالات النائب حسن فضل الله «نحن لا نعترف بشرعية المحكمة الدولية وهناك من يريد ترهيب الحرية الإعلامية»، وأضاف: «أخشى أن يكون هناك من في الدولة يسهّل الاعتداء على الإعلاميين»، وأكد أنّ «الجديد» و«الأخبار» نشرتا حقائق والمحكمة الدولية تسعى إلى طمس هذه الحقائق»، لافتاً إلى أن «لا أحد يستطيع تحدّي حرية الإعلام والوقت سيكشف ما إذا كان باستطاعة أحد الوقوف في وجه حرية الإعلام».
وقال الوزير السابق نقولا صحناوي: «إننا مع اللبناني ضد أي خصم إن كان صديقاً أو عدواً». وأكد «وجوب تضامن الجميع مع هاتين الوسيلتين الإعلاميتين من أجل سمعة لبنان».
ولفت إلى أن «مشكلتنا مع المحكمة الدولية ليست في البحث عن الحقيقة في اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، إذ نعتبر أن لبنان كله اغتيل عندما اغتيل الحريري، ولكن المشكلة في أن لبنان تخلى عن سيادته وهذا لبّ الموضوع، كما أن إجراءات المحكمة لما كانت استكملت من تمويل وغيره لولا تخلينا عن سيادتنا».
من ناحيته، أشار الوزير السابق ألبير منصور إلى أن «الحكومة التي أعطت الصلاحيات للمحكمة الدولية كانت حكومة غير دستورية»، وأضاف أن «هناك خيانة بتسليم هذه الصلاحيات للمحكمة منذ البداية، وبالتالي فإن عمل المحكمة غير دستوري ومن واجب مجلس الوزراء أن يضع حداً لهذا التعسف الذي يطاول الإعلام في لبنان خاصة وأن بين الحريات وبين الحقيقة، الحريات هي المطلب الأساسي وليس أي أمر آخر».
وشدد على أن الاعتداء بهذا الشكل السافر على الحريات الإعلامية، التي قد تكون الميزة الوحيدة الباقية للبنان، هو محاولة لتهديد هذه الميزة وإخضاع الإعلام اللبناني المعروف بحريته»، لافتاً إلى أن «من الأفضل على مجلس الوزراء أن يتخذ موقفاً جدياً ونهائياً بهذا الأمر وبمواجهة هذا التعسف الكبير من قبل المحكمة».
السيد
بدوره اعتبر اللواء الركن جميل السيد «أن المشهد المنقول قد أوحى بانقلاب السحر على الساحر بحيث تحولت تلك الجلسة إلى محاكمة للمحكمة الدولية من قبل الإعلام اللبناني وليس العكس». وأضاف: «ليست المرة الأولى التي تخرج فيها المحكمة الدولية عن صلاحياتها بعدما استباحت السيادة اللبنانية وأسرار الدولة وخصوصيات الشعب اللبناني، وبعدما أمنت الحماية لشهود الزور وشركائهم ومنعت محاكمتهم لديها بحجة عدم الصلاحية، فإذا بها تبتدع لنفسها صلاحيات خارجة عن أية قوانين أو نصوص ومن دون حسيب أو رقيب».
وختم السيد بأن «المحكمة الدولية الخاصة بلبنان تسعى من خلال استعراض عضلاتها إلى ملء الفراغ الذي تعانيه وإلى ترهيب اللبنانيين وإلهائهم عن مساءلتها بعدما عجزت حتى اليوم عن التوصل إلى الحقيقة في من أغتال الرئيس رفيق الحريري، بعد مرور أكثر من تسع سنوات على بدء التحقيقات وبعدما أنفقت مئات ملايين الدولارات من جيوب اللبنانيين من دون جدوى»، معتبراً أن «هذه المهزلة القضائية التي تجري تحت سمع الحكومة اللبنانية وبصرها لا تعفي الحكومة من مسؤوليتها في مراقبة عمل المحكمة الدولية والاعتراض على تجاوزاتها وفقاً للاتفاقية المعقودة بين لبنان والأمم المتحدة».
حركة الشعب
ورأت حركة الشعب «إن الإجراء الذي اتخذته المحكمة بحق مؤسستي «الجديد» و«الأخبار» وبحق الأستاذين إبراهيم الأمين وكرمى خياط يشكل انتهاكاً فاضحاً للدستور اللبناني الذي كفل الحريات العامة ومن ضمنها حرية الرأي ونشر المعلومات، كما أنه يشكل انتهاكاً صارخاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان». ودانت في بيان لها «الإجراء التعسفي»، مؤكدة تضامنها الكامل مع محطة «الجديد» وصحيفة «الأخبار» ومع الإعلاميين إبراهيم الأمين كرمى خياط.