السادس من أيار ثبات المشروع العروبي في وجه المشانق العثمانية
لمى خير الله
السادس من أيار عيد وطني ليس كبقية الأعياد، يحمل صرخة مدوية في وجه سياسة التتريك والطغيان، يوم عظيم كعظمة رجال لم يهابوا الموت يوماً، رفعوا راية الوطن شامخة، قارعوا العدو صمدوا واستبسلوا فانتصروا.
في السادس من أيار عام 1916، علق السفاح جمال باشا 21 من نخبة المثقفين والسياسيين العرب في دمشق وبيروت على المشانق، إلا أنه لم يتمكن من أن يطفئ حمية الشعب وشعلته الملتهبة، فالعنف أو البطش الدموي الذي مارسه العثمانيون الأتراك حينها، دفع بالوطنيين الأحرار في كل من سورية ولبنان إلى تنظيم الصفوف في المقاومة الشعبية بكافة أشكالها للتخلص من الحكم الاستبدادي العثماني.
ما يقارب المئة عام جمعت المقاومة السورية – اللبنانية بدماء شهادئهم الزكية صوب وحدة الدم والمصير بعيداً من الجغرافيا السياسية، في حربهم ضد الظلم والطغيان، ليعاد إنتاجها من جديد على يد حفيد السفاح أردوغان في حرب تدميرية تقودها الولايات المتحدة الأميركية وتشارك فيها دول البترو دولار وتركيا و«إسرائيل»، ولعلّ القلمون خير مثال ولربما جسر الشغور خير دليل، وهذا ما أكده الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله بقوله: «لأهلنا وشعبنا في سورية أقول كنا وسنبقى معكم وحيثما يجب ان نكون كنّا وسنكون»، مشيراً الى أن «التطورات الحاصلة على جبهة القلمون لا علاقة لها بأي شأن ميداني آخر»، وتابع: «نحن كنا على اطلاع على نوايا الجماعات المسلحة التي كانت تحضر لاعتداءات بعد ذوبان الثلج»، مشدداً على «وجود عدوان فعلي وقائم من خلال مهاجمة المسلحين مواقع لبنانية واحتلال أراض لبنانية».
الاستعدادات العسكرية في منطقة القلمون بدأت في الاعلام قبل ان تبدأ في الميدان وبلغت ذروتها بشقيها السوري واللبناني منذ أيام: عندما استكمل «حزب الله» تحركاته العسكرية على الحدود بإحضاره آليات ومدرعات إلى أماكن بقاعية عدة استعداداً للحسم، لا سيما في محيط بلدتي نحلة وبريتال، فيما أعلنت فصائل المعارضة المسلحة توحدها في تكتل عسكري واحد أُطلق عليه اسم «جيش الفتح»، «قاعدي» البيعة والهوى المدعوم سعودياً وتركياً، إذ تعمل هذه المجموعات على استنساخ نموذجي مدينة إدلب وجسر الشغور، وتطبيقه في القلمون بعيداً من تنظيم داعش ، الذي انسحب من القلمون قبل أسابيع.
معركة القلمون المتوقعة دفعت لبزوغ «لاء» أميركية جاءت الأسبوع الماضي على لسان وزر الخارجية الأميركي جون كيري أثناء لقائه رئيس ما يسمى بالائتلاف الوطني خالد خوجة لطلب حظر جوي لحماية «جبهة النصرة والقاعدة» في الشمال السوري ما يوحي بأن الانتصارات العسكرية الواهية للمجموعات المسلحة وتصريفها سياسياً لا تلقى آذاناً صاغية، فالخريطة العامة للجبهات المفتوحة لا تزال تؤكد تفوق الجيش السوري على رغم التدخل والدعم والتمويل التركي القطري السعودي الأردني، فالجيش السوري لا يزال في حالة هجوم تمتد من أطراف الجبهة الجنوبية الى دمشق، إضافة الى إغلاقه أحد أهم خطوط إمداد المجموعات المسلحة بعد دخوله ميدعا نحو البادية السورية الأردنية، لتشكل عملية القلمون إنجازاً نوعياً للجيش السوري الذي ما زال يقاتل منذ نحو أربعة أعوام ونيف على 468 جبهة قتال مختلفة ويكرس هجوماً أو دفاعاً ديناميكياً.
وحدة المعركة والعدو أكدها الرئيس بشار الأسد بلقائه أبناء الشهداء وتكرار المجازر السابقة مع اختلاف بعض الادوات والأسماء مؤكداً وصول الجيش إلى أولئك الأبطال المحاصرين في مستشفى جسر الشغور، مضيفاً: «نحن نخوض حرباً لا معركة بل عشرات المعارك وفي الحرب كل شيء يتبدل عدا الإيمان بالمقاتل وإيمان المقاتل بحتمية الانتصار».
ساحة المرجة التي سالت فيها دماء الشهداء ستزين قريباً بأكاليل الغار لتصدح فيها الحناجر «زينوا المرجة والمرجة لينا شامنا فرجة وهي مزينة» وسيعلن النصر القريب من قلب دمشق.