هل اقتربت نهاية الهدنة بين حزب الله و«المستقبل»؟
روزانا رمّال
تتواصل عمليات حزب الله النوعية في القلمون ضدّ الإرهاب في أعالي الجبال والجرود. وبالتوازي، تلوح في الأفق تساؤلات حول مستقبل الوضع الأمني الداخلي في لبنان، وخصوصاً أنه نعم باستقرار شبه كامل في الأشهر الماضية، في وقت كان الجوار يواجه أخطر أنواع الإرهاب في العراق وسورية. وقد فسّر ذلك حرصاً خارجياً إقليمياً ودوليا على لبنان وعلى وضعه في هذه المرحلة لما قد يتسبب استقرار الإرهاب فيه بوابة لانتقاله إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط .
هذا الاستقرار تزامن مع قرار مهم جداً اتخذه أهم قطبي الصراع السياسي في البلاد بعد محاولات للتقارب، فنجحت الوساطات في التوصل إلى صيغة حوار تجمع حزب الله وتيار المستقبل تحت مظلة حوار انعكس إيجاباً على البلاد، وأرخى جواً من الأمان وخفف موجات الاحتقان المذهبي والتحريض.
بدا كلّ من حزب الله و تيار المستقبل مهتماً بإرساء أجواء الهدوء، على الرغم من أنّ البلاد تمرّ بأصعب الظروف والتعقيدات القانونية والدستورية التي تواجهها مؤسسات الدولة الكبرى بفراغ كرسي الرئاسة وتمديد للمجلس النيابي، مروراً بالتعيينات الإدارية التي يبدو أنها سلكت طريق الوفاق مؤخراً.
ويفيد التذكير هنا بتغيب النائب خالد الضاهر عن الساحة سياسياً، كنوايا حقيقية من تيار المستقبل بالتعاون في إرساء الهدوء، وخصوصاً لما سببته تصريحاته عن حزب الله من جهة، والجيش اللبناني من جهة أخرى، من توتّر غير عادي.
الملفت اليوم أنّ بعض الشعارات واللوحات الاستفزازية ارتفعت فجأة وفي شكل نافر في شوارع المدن اللبنانية، كبيروت وصيدا وطرابلس وبعض أحيائها الرئيسية، حملت توقيع تيار المستقبل ونصّت على تهنئة للمملكة العربية السعودية بتسلم قادة الحزم الحكم.
المفارقة ليست فقط في التهنئة، إنما في شعار» الحزم» الذي نسب حصراً إلى الحرب التي تخاض على اليمن والتي شكلت موضوع خلاف في مجلس الوزراء اللبناني بين مختلف الأفرقاء عموماً، وخصوصاً مع وزراء حزب الله، مع معرفة من أطلق هذه الشعارات مسبقاً مدى قدرتها على الاستفزاز وبالنتيجة، أقدم مجهولون في صيدا على إضرام النار في إحدى اللوحات المنتشرة إلى جانب عشرات مماثلة وسط أجواء من الهدوء الحذر الذي يسود شوارع صيدا جراء مداهمات الجيش اللبناني والبحث الدائم والمستمر عن مطلوبين وإرهابيين بين أحياء تعمير عين الحلوة وعبرا وغيرهما، ولا يغيب الوضع الدقيق فيها أبداً عن آل الحريري الموجودين هناك، فيما لم تقتصر أعمال الحرق على صيدا لتنتقل إلى طرابلس، فترسم تساؤلات عن جدوى الاستفزاز في أكثر المناطق حساسية.
يبدو أنّ تيار المستقبل الذي كان حريصاً على العلاقات الهادئة بينه و بين حزب الله سابقاً خائف اليوم جدياً وهذا الخوف مصدره ما يجري في القلمون تحديداً، فتيار المستقبل يعرف جيداً معنى أن ينتصر حزب الله على «جبهة النصرة» في تلك المعركة المصيرية، وبالتالي يعرف أنّ هذا الانتصار لن يكون عادياً أو خالي الانعكاسات على الداخل اللبناني، فالانتصار على «جبهة النصرة» يعني إعادة توزيع للقوى اللبنانية ومقدراتها، وسيكون حزب الله من دون شك صاحب القرار الأول والأخير، كأحد أبرز حلفاء سورية وإيران وهذا ما يقلق تيار المستقبل.
على ما يبدو، فإنّ طابوراً خامساً في هذا التيار أراد خرق المشهد بخرق أهم بند من بنود جلسات الحوار مع حزب الله، و هو منع أي مظهر يعمِّق التوتير السياسي والمذهبي. فهل يعرف الرئيس الحريري ذلك؟ وهل يبذل جهداً حقيقياً للحفاظ على الاستقرار الذي أرساه الحوار في ضبط التفلت، منعاً للاحتقان، وذلك بالعودة إلى أسباب الحوار التي من أجلها وجد؟ أم أنّ الأسباب هذه قد زالت اليوم وعلى اللبنانيين تلقف أولى الإشارات؟
من الواضح، أنّ هناك من لا يستسهل نصر حزب الله في القلمون في تيار المستقبل، وبالتالي فإنّ وقف الحوار على خلفية توترات أمنية من هذا النوع يعتبر رسالة قوية إلى حزب الله مفادها أنّ الحوار سيتوقف إذا استكمل حزب الله حربه في القلمون.
هناك من يعتبر أنّ معنيين في تيار المستقبل قد يعملوا على خلق اضطرابات لحزب الله في ساحته الخلفية في مناطق التوتر كصيدا والبقاع وبيروت، لإعادة توريطه في إشكالات ومواجهات، تماماً كما خلقت حالة أحمد الأسير.
وفي هذا الإطار، يسأل مصدر أمني: إلى أي من هذه الفرضيات تنتسب حالة التفلت التي يشهدها شارع المستقبل من الضوابط المتفق عليها في الحوار، لجهة منع الشعارات الاستفزازية وإزالة اليافطات أو الكتابة على الجدران وما شابه ذلك؟
ويسأل مصدر في 8 آذار، من جهته: «ماذا لو رفع حزب الله شعارات التهنئة للرئيس بشار الأسد في محطات مثل إعادة انتخابه رئيساً بنتيجة مفاجئة في ظلّ الأزمة؟ وماذا لو رفع حزب الله التهاني لإيران بفوز الرئيس الشيخ حسن روحاني، على غرار المباركات لقادة العزم والحزم في المملكة؟