لماذا غاب الملك سلمان عن قمة كامب ديفيد؟
حميدي العبدالله
التفسير الذي قدّمه وزير خارجية المملكة السعودية عادل الجبير لغياب الملك سلمان بن عبد العزيز عن قمة كامب ديفيد غير مقنع. الجبير قال إنّ الغياب عن القمة يعود إلى أنّ موعد القمة يصادف يوم الهدنة، وأوحى بهذا التصريح وكأنّ الملك سلمان هو الذي يشرف شخصياً عليها، ويؤكد الالتزام بها، أو عدم الالتزام، ولكن من المعروف أنّ من يقود الحرب هو وزير الدفاع نجل الملك والقيادة العسكرية السعودية، وأيّ قرار توجيهي بالالتزام بالهدنة، أو نقضها إذا اقتضى الأمر ذلك، يستطيع الملك اتخاذه وإبلاغ المسؤولين في وزارة الدفاع عنه سواء كان في واشنطن أو في الرياض، وبالتالي لا يبرّر متابعة مصير الهدنة تخلّف الملك عن المشاركة في قمة مع رئيس أكبر دولة في العالم، ودولة حليفة وضامنة لأمن السعودية مثل الولايات المتحدة.
يندرج تفسير تخلف الملك سلمان عن المشاركة في قمة كامب ديفيد في إطار واحد من تفسيرين لا ثالث لهما:
التفسير الأول، يقول بأنّ غياب الملك سلمان عن القمة هو شكل من أشكال الاحتجاج على سياسة الرئيس أوباما وإدارته، سواء في الملف النووي الإيراني أو إزاء سورية واليمن. ولكن هل تملك السعودية القدرة على الوصول في علاقاتها مع الولايات المتحدة إلى هذا المستوى من التوتر، حتى لو كان هناك رهان على فوز الجمهوريين في انتخابات عام 2016؟ فمن المعروف أنّ أيّ رئيس أميركي جديد لن يتسلّم مسؤولياته قبل كانون الثاني عام 2017، ومن الآن وحتى ذلك التاريخ، هناك أكثر من سنة ونصف، سيكون الرئيس أوباما وإدارته الحالية، المشرفين والموجهين للسياسة الأميركية، فهل بمقدور السعودية الاستغناء عن دعم الولايات المتحدة لها طيلة هذه الفترة وهي تواجه حرباً مكلفة في اليمن، وقادرة على مواجهة تداعيات ما بعد الاتفاق على الملف النووي الإيراني، وهذه التداعيات ستحصل في فترة ولاية الرئيس أوباما وإدارته الحالية؟ أيضاً هذا التفسير لا يبدو مقنعاً في ضوء هذه الأسئلة المنطقية.
التفسير الثاني، أنّ تمثيل السعودية بوفد بقمة كامب ديفيد يرأسه ولي العهد محمد بن نايف، وولي ولي العهد محمد بن سلمان ووزير الخارجية عادل الجبير، يؤكد أنّ هذا ما تفضله الولايات المتحدة وإدارة أوباما، لأنّ هذا الثنائي محمد بن نايف والجبير معروفان بالتزامهما وانضباطهما بالسياسة الأميركية، ومحمد بن نايف هو الملك المتوقع في فترة ليست ببعيدة، ومن منصبه كولي للعهد يعتبر ملكاً حقيقياً حتى قبل تسلّم منصب الملك، تماماً مثلما كان الأمير فهد بن عبد العزيز هو الملك الفعلي في فترة تولي سدة العرش السعودي من قبل الملك خالد بن عبد العزيز.
الولايات المتحدة بحاجة إلى شركاء في قمة كمب ديفيد قادرين على الاستمرار ومواكبة السياسة الأميركية في منطقتنا في ضوء ما يجري الآن، وفي ضوء التداعيات المحتملة لتوقيع الاتفاق النووي، وولي العهد السعودي وعادل الجبير هما الجهة الأقدر على فهم ومواكبة السياسة الأميركية بعيداً عن أي شكل من أشكال الحرد والمشاكسة.