مشروع قانون لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي نموذجاً
محمد احمد الروسان
إنّ أكثر من عقد ونصف مضى من القرن الحادي والعشرين، وما زالت ملامح الاستراتيجيات الأميركية الجديدة أسيرة الاستراتيجيات السابقة من القرن الماضي، ونواة العاصمة الأميركية واشنطن دي سي صدى المجمّع الصناعي الحربي الأميركي ذراع جنين الحكومة الدولية، تجترّها اجتراراً مع تعديلات وتحسينات وإضافات هنا وهناك، وتجديد للأدوات من دول وظيفية وحركات وأحزاب وتيّارات تنفّذ الخطط والعمليات القذرة، مع تحسينات للمبرّرات واستخدامات للمصطلحات بكثافة على شاكلة المعزوفات التالية: الحرية والتحرّر، وحقوق الإنسان والانعتاق من نير الظلم، والديمقراطية والتعدّدية السياسية والحزبية، والحاكمية الرشيدة وتطوير الموارد البشرية، والشفافية والنزاهة، ومحاربة الفساد، وما الى ذلك من مصطلحات وكلمات تستلذّ لسماعها الأذن البشرية وتطرب.
جزء من هذه الاستراتيجيات الأميركية حول العالم بعناوين فرعية لكنّها هامة، تتمفصل في تشجيع وإسناد جلّ الحركات الجهادية المسلّحة في أماكن النفوذ الأميركي وما يعتبر مجال حيوي وجزء من أمنه القومي، على المطالبات بالانفصال وتشكيل الكيانات أو الدويلات وعلى طول الحدود ما بين تواجدها ومراكز الدول التي تطالب بالانفصال عنها.
الولايات المتحدة وحلفاؤها من الغرب وبعض من عرب مرتهن، تعمل على توظيفات وتوليفات لسوق الجهاد الأممي كفردوس جهادي في تعزيز الفكر الانفصالي الذي تنادي به الحركات المسلحة، في الرغبة بالانفصال والابتعاد عن مراكز الدول التي تفعّل عملها العسكري فيها، وتحت معزوفات الاستراتيجيات الأميركية السابق ذكرها خدمة لمصالحها ومصالح حلفائها.
بعبارة أخرى البعض يوهبن- من الوهابية الحركات وبالتالي الثورات، والبعض الآخر يعمل على أخونة بعضها، أمّا الأميركي فيوظّف ويولّف فيستثمر ويحصد.
فالولايات المتحدة الأميركية مستعدّة لتأمين الاعتراف الذي يتيح للحركات الإسلامية السنية الانفصالية أيّاً كانت الغطاء القانوني الدولي، وعلى وجه الخصوص عدم اتهامها بواسطة أميركا والاتحاد الأوروبي وحلفائهم بالإرهاب، طالما انّ ذلك يخدم المصالح ويحقق لها نقاط ربح في ساحات الخصوم.
تتموضع جلّ الحركات الانفصالية الانشقاقية في العالم، حول فكرة وبرنامج فصل جزء من أرض دولة ما عن أراضي الدولة الأم، وإنشاء دولة و/أو دويلة أخرى مشوّهة على هذه الأرض المختارة، طلباً للاستقلال والحكم الذاتي بدعاوي مختلفة، فتارة عرقية وتارة دينية، حيث القواسم المشتركة لجميع هذه الحركات الانفصالية الانشقاقية تتمفصل في مقاومة الدولة الأم وحكومتها المركزية لها.
المجتمعات الحيّة غير المتأمركة وغير المتصهينة، إنْ لجهة المحلي منها وإنْ لجهة الإقليمي وإن لجهة الدولي، تقاوم الحركات الانفصالية الانشقاقية وتصفها كمنظمات إرهابية، وبالرغم من تلقيها دعماً استثنائياً في بعض الحالات من جهات معينة لها مصالح خاصة في الإبقاء على هذه البؤر الساخنة.
وقد يكون الانفصال مفهوماً إنْ كان بهدف الاختلاف العرقي الأثني أو الاختلاف الديني، لكنه لا يكون مفهوماً ولا مبرّراً عندما لا تكون هناك فوارق من أيّ نوع كان، وتصبح في هذه الحالة مجرّد مصالح خاصة للقائمين على هذه الحركات والتي من شأنها تهديد الأمن والسلم الدوليين، عبر اختراقها لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وعدم الحفاظ على وحدة وسيادة الدول.
والإرهاب الأممي والصعود إلى التطرف والانفصال، موجود في عدة بقاع في العالم وخاصة الساحة الأكثر اشتعالاً في سورية والعراق كذلك، حيث بدأ تنظيم القاعدة المتطرف ومشتقاته، مساعيه لفرض ما يُسمى دولة الخلافة وإمارة العراق وما إلى ذلك من إمارات ودويلات مقبلة، وقد انتشرت الشعارات واللافتات في عدة مناطق سنيّة تبشر بهذه الخطوة، كذلك يوجد نوايا للانفصال في منطقة القوقاز الشمالي والشيشان، وهي ليست وليدة اليوم بل موجودة منذ سنوات وتسعى للاستقلال عن روسيا الفدرالية، بدعم من الولايات المتحدة التي تسعى إلى تعويض نقص النفط لديها من بحر قزوين، وأصبحت هذه الخطوة جدية بعد سيطرتها على أفغانستان، مع أمركة واشنطن للاقتصاد الدولي عبر المؤسسات الاقتصادية الثلاث: البنك الدولي، صندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، في القيام بإدماج الاقتصادات العالمية ضمن إطار النفوذ الاقتصادي الأميركي، على النحو الذي يتيح للاقتصاد الأميركي وضعاً استثنائياً ومزايا اقتصادية دولية استثنائية خلاّقة، من شأنها أن تعزّز القدرة على نقل التضخم والبطالة وانخفاض معدّلات النمو وغيرها من المؤشرات الاقتصادية الكليّة السلبية إلى الاقتصادات الأخرى، يعني بالعربي هو أن يدفع الآخرون خسائر الاقتصاد الأميركي، فعلاً شيء محزن ومضحك إلى درجة الجنون.
فإلى جانب العديد من الحركات والتنظيمات التي تهدّد الاستقرار والأمن العالميين، حيث أنّ صعود الراديكاليين والمتشدّدين يدفع إلى عدم الاستقرار في المنطقة، الذي يضاف إلى مطبات اقتصادية خطيرة، ستشهدها هذه المناطق زيادة على توسيع شرخ الطائفية كما يجري في سورية، والسعي الحثيث إلى تقسيمها لإفراغ قوّة ديكتاتوريتها الجغرافية.
التطرف تهديد حقيقي
وكذلك العراق والعلاقات المتوترة بين السنة والشيعة والعرب والأكراد، حيث أنّ التطرف الديني يهدّد هذا البلد تهديداً حقيقياً بالانقسام إلى ثلاثة أجزاء، وعندما كانت الزعامات العراقية تنفي وجود نوايا للتقسيم، كانت آلاف الأسر العربية تهجر من المناطق الكردية وكركوك والآلاف من العائلات تهجر بيوتها، تحت قوة السلاح من المناطق الجنوبية حيث الغالبية الشيعية.
وكذلك الحال في الباكستان أيضاً يوجد ظرف مماثل وإنْ كان مضبوطاً باتجاه السلم بدرجة أكثر، حيث المشاكل مع البشتون والبيلوجستان مستمرة، وفي السعودية واجه النظام الحاكم مشاكل صعبة للغاية وما زال، مع مجموعات الانفصاليين في البلاد خاصة في المناطق الشرقية، حيث يقطن الشيعة وحيث منابع النفط والغاز وثروات أخرى طبيعية كامنة في جوف الأرض.
والسودان ليس غائباً بدوره عن الصراع الداخلي، ولتقسيم الشمال السوداني إلى دولتين بعد أن «نجحت» الحركة الشعبية لتحرير السودان، في إقامة دولة جنوب السودان، والتي يصفها كاتب هذه السطور بـ«إسرائيل أفريقيا»، والأمر يمتدّ كذلك في الغرب حيث المشاكل في دارفور، وينسحب نفس السيناريو استراتيجياً لاحقاً، على لبنان واليمن عبر العدوان البعض عربي عليه بزعامة السعودية، وأندونيسيا وتركيا، وأفغانستان وفلسطين المحتلة، وليبيا ومصر، والمغرب والجزائر.
وعلى الرغم من أنّ الدول العربية والإسلامية تنظر بعين القلق إلى مواطن الإرهاب وآثاره، إلاّ أنّ بؤراً كثيرة ينتشر فيها الإرهاب بأشكال متعدّدة لكنها في النهاية تنصاع للتصنيف الأميركي، مهما كان الوضع الحقيقي للأطراف الواقعة تحت التصنيف سواءً إرهاباً حقيقياً أم لا، لذلك أغفلت معارك مهمة كثيرة فيما وجهت قوتها إلى أخرى لم تكن تشكل ذلك الخطر الذي يهدّد الأمن الداخلي لها، مثل الوضع في تركيا واليمن والحرب في الشيشان، وفي هذه المنطقة كانت منظمات غير حكومية مدفوعة من واشنطن، تعتبر أنّ ما يجري في القوقاز غير خاضع للحرب على الإرهاب، وأنّ المقاتلين هم من أجل الحرية والانفصال، علماً أنّ غالبية المقاتلين في الشيشان هم من الأجانب وعناصر في «القاعدة»، تماماً مثل «القاعدة» في العراق وأفغانستان وسورية ولبنان وعلى الحدود المشتركة للأردن مع دول جواره، لكن المصالح تقتضي عدم وضع المعركة هناك في سياق الحرب على الإرهاب أي في الشيشان، والواضح أنّ عرقلة إدراج ما يجري هناك يعرقل المساعي التي تدفع إلى تحديد أطراف الإرهاب الحقيقي، ويؤدّي إلى تشجيع الراديكالية والتطرف والانقسام الذي يصيب الدور الإسلامي في العالم في العمق، حيث انّ حاجة الدول الإسلامية إلى الدور الروسي تصبّ في عدة اتجاهات، وهي الدولة المحورية في العالم ومجلس الأمن واللجنة الرباعية الخاصة في الصراع الفلسطيني «الإسرائيلي».
وعلى سبيل المثال ولتقريب الفكرة، لا يخفى على أحد أنّ الحركات السنية الأصولية الموجودة في مناطق القوقاز الشمالي: الشيشان، داغستان، أيداجيا – الشركسية، كاباردينو بلغاريا، أنفوشيا، ترتبط بعلاقات وثيقة مع الجماعات الأصولية السنية الموجودة في السعودية والخليج العربي وعلى وجه الخصوص مع القادة الوهابيين والساسة السعوديين والخليجيين.
الاستخبارات السعودية تهدّد الأمن الروسي
فهي تقدّم الملاذ الآمن لزعماء الحركات السنية الانفصالية القوقازية، وتقدّم الدعم المالي واللوجستي لهذه الحركات، وتقدّم المتطوّعين من المجاهدين الراغبين في القتال إلى جانب الحركات الأصولية السنية القوقازية، ونقل بعضها إلى الداخل السوري مثالاً حاضراً وغيره من ساحات جغرافية تريد واشنطن إلهابها، وتقول المعلومات والتسريبات بأنّ الاستخبارات السعودية لها اليد الطولى في مناطق القوقاز الشمالي، وعلى وجه الخصوص في داغستان والشيشان وأنغوشيا، وتقول التحليلات السياسية والاستخبارية بأنّ وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وباقي وكالات الاستخبارات، تعتمد بقدر كبير على دعم الاستخبارات السعودية لها في هذه المناطق والتي تعدّ مناطق في صميم وجوهر بل نواة الأمن القومي الروسي.
انّ تحركات مجتمع الاستخبارات الأميركي في مناطق القوقاز الشمالي، ستعتمد بقدر كبير على استخدام الاستخبارات السعودية للقيام بدور البروكسي الاستخباري الأميركي في هذه المناطق، والتي ظلت الحركات الوهابية السعودية تنظر إليها كمناطق لـ«الجهاد الإسلامي المقدس» منذ أيام حرب الجهاد الأفغاني التي رعتها الاستخبارات الأميركية والباكستانية والسعودية ضدّ الاتحاد السوفياتي السابق، وعبر حرب الجهاد الأفغاني نشأت القاعدة وتفرّعاتها ومشتقاتها وجلّ زومبياتها.
كذلك المثال الصيني ماثل، مع الإشارة إلى أهمية العامل الصيني، كجزء من مفاعيل تأثيرات العامل الخارجي، ومثال ذلك ما حدث في قرغيزستان: ففي الصراع القيرغيزستاني الداخلي الذي اندلع قبل أكثر من أربع سنوات، لارتباطاته بالصراع الصيني الداخلي، حيث جمهورية قيرغيزستان، تتموضع جغرافياً في شمال شرق آسيا الوسطى، على جبال تيان شان، ويحدّها من الشرق الصين، ومن الغرب كازاخستان وأوزبكستان، ومن الجنوب طاجيكستان، بحيث تتمتع قيرغيزستان بحدود طويلة جدّا، مع مناطق شمال غرب الصين عبر المناطق الجبلية الشديدة الوعورة، ولمسافة تزيد عن 600 كلم، حيث تقع مقاطعة سينكيانج في شمال غرب الصين، وتسكنها أعداد كبيرة من المسلمين الأيغور، والقيرغيز المسلمين، والمطالبين بالانفصال عن الصين، كما توجد العديد من الفصائل المسلحة الصينية المعارضة في قيرغيزستان، حيث تقدم القاعدة العسكرية الأميركية في ميناس، الدعم المالي والسياسي والعسكري والاستخباري لها، كي تقوم هذه الجماعات المسلحة بحرب مغاوير، وعصابات داخل مقاطعة سينكيانج الصينية المسلمة، وتقول معلومات استخبارية ذات مصادر مختلفة ومقنعة، أنّ شبكات الاستخبارات «الإسرائيلية»، وبالتعاون مع شبكات الاستخبارات الأميركية والتايوانيّة، تساهم في تدريب وإعداد الحركات الصينية المسلمة المسلحة والمعارضة لبكين والمطالبة بالانفصال.
قطعاً، الاستخبارات الصينية غير غافلة عمّا يجري، وهي تملك أكبر شبكات التجسس في العالم، وانْ كانت تركز على المعلومات العلمية، ودقائق العلم الألكتروني، وآخر ما توصل إليه العلم الحديث، من اختراعات الكترونية مختلفة، إلاّ أنّها تراقب الوضع عن كثب، وتعمل بهدوء وصمت، كونها بصورة نوايا محور واشنطن تل أبيب الساعي، إلى المزيد المزيد من تدهور وتفاقم الأوضاع من جديد في قيرغيزستان، وإعادة إنتاج الصراع السياسي الأثني الطائفي العرقي فيها، بعد تعثر وفشل المشروع الأميركي في سورية عبر الحدث السوري، كون ذلك من شأنه أن يؤدي إلى تفكيك دول آسيا الوسطى الأخرى، ويقود إلى فوضى خلاّقة في كل أوراسيا العظمى، وهذا ما تسعى واشنطن وتل أبيب جاهدتين لإحداثه، عندها وفي هذه اللحظة الزمنية بالذات، سوف تتدخل الصين وبقوّة وبشكل علني وغير علني، لحماية أمنها القومي والداخلي، من أخطار الأخطبوط الشيطاني الشرّير، لمحور واشنطن تل أبيب، ومن تحالف معه من الغرب الأوروبي.
تقول المعلومات حول دولة كازاخستان، إنّ الأخيرة ذات مساحات كبيرة وشاسعة وسكّانها، الكازاخ وطنيون حتّى النخاع، ويمتازون بالتماسك والشعور الوطني والاعتزاز بقوميتهم، وبالتالي هي بمثابة دولة حاجزة وعازلة، وتفصل بين الفدرالية الروسية بشكل عام، ومناطق جنوب روسيا الفدرالية بشكل خاص من جهة، وكلّ من قيرغيزستان، وطاجيكستان، وأوزبكستان من جهة أخرى، ومن هنا نجد أنّ موسكو صنّفت الصراع القرغيزي الداخلي عندما اندلع وقبل سنوات، بالنسبة لها بأنّه خطر ثانوي آني، فجاء التدخل الروسي عبر منظمة الأمن والتعاون الأوروبية في وقته وحينه، ولكنه لا يخرج عن إمكانية تحوّله إلى خطر رئيس في حالة إعادة إنتاجه أميركياً بعد تعثر الأخيرة في سورية.
ومثال آخر المسألة الكردية بمفاعيلها وتداعياتها، على الصراع الكوني في الشرق الأوسط وعلى الشرق ذاته، وبعمق وباستمرار بروزاً وتصاعداً، وعبر متتاليات هندسية سياسية وأمنية وعسكرية، من خلال سعي حثيث محموم لزعماء الحركات الكردية الانفصالية في الاستقواء بالخارج، عبر بناء تحالفاتهم الأمنية السياسية العسكرية مع القوى الخارجية، ذات التوجهات المعادية لشعوب وتاريخ منطقة الشرق الأوسط، وللعراق تحديداً ودول جواره الإقليمي والعربي، تركيا، سورية، إيران، السعودية، الكويت، والأردن.
«إسرائيل» وكردستان…!
نعم، العلاقات الإسرائيلية الكردية، تدخل في صميم وجوهر مذهبية الحركات الكردية الانفصالية المعروفة، حيث تتوافق مع استراتيجيات حلقات الدور الإسرائيلي الموسادي في إقليم كردستان العراق، إقليم ظلّت وما تزال «إسرائيل» حاضرة فيه على الدوام.
تقول المعلومات، إنّ عناصر البشمركة الكردية، تلقت وما زالت تتلقى التدريب العسكري النوعي الاحترافي، وتحت إشراف عناصر النخب في الكوماندوس «الإسرائيلي»، وفي مناطق بعضها سرّي في مناطق إقليم كردستان الجبلية النائية، وبعضها في مناطق معلنة للبعض، وإعطاء دورات تدريبية لهم على يد خبراء «إسرائيليين» وأميركيين وبريطانيين، تشمل العمليات الاعتراضية المتعلقة باعتراض ومهاجمة الدوريات العسكرية، وعمليات حماية المطارات، ومن خلال الاتفاقيات التي وقعتها حكومة كردستان العراقية الإقليمية، مع الشركات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، بحيث يتمّ الإشراف على تدريب عناصر البشمركة ضمن أحدث المواصفات العسكرية، والعمل على بناء مطارات صغيرة لأداء مزدوج للأغراض العسكرية والمدنية.
ومع تدريبهم على أعمال «القنّاصة» وأداء المهام الخاصة، من حيث تنظيم وتخطيط الاغتيالات وعمليات «فرق الموت»، وكيفية جمع المعلومات وإرسالها سواء داخل إقليم كردستان العراق، ولجهة جمع المعلومات عن الداخل التركي، عبر أكراد تركيا المتواجدين في جنوب تركيا، وعن الداخل الإيراني، عبر أكراد إيران المتواجدون في غرب إيران، وعن الداخل السوري، عبر بعض أكراد سورية المرتبطين بالخارج وغيرهم المتواجدين في شمال شرق سورية.
وتؤكد بعض المعلومات الأستخبارية، أنّ حكومة كردستان العراقية الإقليمية، تعاقدت مع شركة «انتاروب «الإسرائيلية»، ومع شركات مسجلة في سويسرا كفروع لشركات «إسرائيلية» أخرى هما: شركة «كيودو» وشركة»كلوزيوم»، كي يتمّ تزويد المطارات الصغيرة ومطار أربيل الأممي، بأجهزة أمنية حسّاسة ذات تقنيات عالية، مربوطة بالأقمار الصناعية «الإسرائيلية» والأميركية التجسّسية، والإشراف على تجهيز وتركيب وتشغيل نظام الاتصالات الأمنية في المطارات الأخرى ومطار أربيل الدولي، وكذلك تعاقد آخر مستمرّ مع شركات «إسرائيلية» متخصصة في مجالات الأمن وتكنولوجيا مكافحة الإرهاب، تعدّ وتشرف على معسكرات تدريب بإقليم كردستان العراق- سريّة ومعلنة – تحت شيفرة اسم كودي أمني هو: Z ، كلّ ذلك من أجل إعداد جيش «نظامي» كردي محترف متحالف مع قوى خارجية، بعقيدة عسكرية كردية قومية، تهدف إلى قيام دولة كردية فدرالية مركزها شمال العراق، وحكوماتها المحلية في الجيوب الإقليمية لإقليم كردستان العراق، الجيب التركي في جنوبها، والجيب الإيراني في غربها، والجيب السوري في شرقها.
بحيث يجيء بناء هذا الجيش «الكردي النظامي»، عبر رؤية استراتيجية لجهاز «الموساد» كفرع خارجي، بدعم من جهاز الاستخبارات «الإسرائيلي» الداخلي، بالتنسيق مع «سي أي آي» وجهاز الاستخبارات البريطاني الفرع الخارجي MI6، وبالتعاون والتنسيق مع مجمّع مخابرات أممي له مصالحه الاستراتيجية في المنطقة، حيث دولة كردستان ستكون نواة الإشراف على شرق أوسط جديد ضمن استراتيجيات إدارة التوحش الأميركية البلدربيرغية.
وتؤكد تقارير مخابرات إقليمية، أنّ واشنطن وتل أبيب تقدمان دعماً غير محدود لأكراد العراق، من أجل فرض سيطرة شاملة على إقليم كردستان، وجعله إقليماَ كرديّاً بامتياز لجهة سكّانه، وتطهيره من أيّ أعراق واثنيات أخرى، عبر طرد السكّان العرب والآشورييين والتركمان، والمطالبة ببقاء نوعي لفرق القوات الخاصة الأميركية.
هذا وقد جعلت واشنطن و«إسرائيل» من كردستان العراق محمية كردية ، مما جعل من الإقليم الموصوف أعلاه، ملاذاً آمناً لكل الحركات الكردية الموجودة في المنطقة، ولهذا الإقليم أدوار عميقة لجهة الداخل السوري تتساوق مع رؤوس المثلث الأفعواني في الحدث السوري لندن، باريس، واشنطن ومن يغذيّه من بعض العرب.
وفي مقارنة سريعة، بين ما تقوم به الحركات الكردية الانفصالية في شمال العراق، وما تقوم به «إسرائيل» لوجدنا الآتي:
تعمل الحركات الكردية الانفصالية في شمال العراق، على طرد السكّان المحليين وإقامة دولة كردية، وهي بذلك تطبّق ذات النموذج «الإسرائيلي» الذي ما زال يركز، على أطروحة الحق التاريخي في الاستيلاء على أرض العرب، باعتبار أنّها تمثل أراضي دولة «إسرائيل»، في حين يقول الكرد: إنّ هذه الأراضي تمثل مملكة مها آباد الكردية التي كانت في الماضي، فالتساوق والتطابق واضح، بين المنطق الكردي والمنطق «الإسرائيلي» الاحتلالي في نفي الآخر وتاريخه.
ومرة ثانية الأخطر في النموذج الكردي لكردستان العراق، يقوم في الأساس على نفي التاريخ، حيث هناك الآشوريون والكلدانيون وهم أصحاب حضارة مدنية تاريخية، بأفق سياسي أقدم من كيان مملكة الكرد مها آباد .
الدولة العبرية والولايات المتحدة الأميركية، ليس المهم والمطلوب بالنسبة لهما بالمعنى الإستراتيجي كردستان ، وإنما الذهب الأسود بالمعنى الاستراتيجي الاقتصادي، فكانت ملحمته ملحمة الذهب الأسود عبر اسقاط نظام الرئيس السابق صدام حسين، كما المهم بالنسبة لهما بالمعنى السياسي الاستراتيجي، كلّ من تركيا وإيران وسورية، ويهدفون إلى تفريغ المنطقة الكردستانية من سكّانها، وبدأ ذلك في دعم الكرد في عملية طرد العرب والآشوريين والتركمان، عبر المحطة الأولى في مخطط وسيناريو التفريغ، عن طريق قوّات البشمركة الكردية ووحدات الكوماندوس الخاصة فيها، حيث قامت وتقوم بعملية تطهير اثني- ثقافي، وستأتي المحطة الثانية من هذا المخطط، وهو طرد الأكراد أنفسهم عندما تحين اللحظة التاريخية المناسبة.
فتح صناديق الشرّ
انّه مخطط أميركي «إسرائيلي»، بأدوات سياسية وأمنية واقتصادية وثقافية واجتماعية كردية وغير كردية، يسعى إلى فتح صناديق الشرّ الكامن الجديدة والمستحدثة، مرة واحدة في إقليم كردستان العراق، فنجد واشنطن وباستمرار تدخل في عمليات إقناع للحركات الكردية الانفصالية، بأنّ أميركا سوف لن تتخلّى عنهم وعن دعم طموحاتهم الكردية القومية، في دولة كردية فدرالية في المنطقة، مع طمأنة «إسرائيل» لزعمـاء الكـرد بأنّهـا، قـادرة علـى ممارسـة الضغـوط على الإدارة الأميركيـة مـن أجـل حمايـة الكـرد أينمـا وجـدوا.
محام، عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية
www.roussanlegal.0pi.com
mohd ahamd2003 yahoo.com