رسائل إيرانية للخليج قبل قمة «كامب ديفيد»
ناديا شحادة وتوفيق المحمود
مع الاستعدادات التحضرية لقمة كامب ديفيد المرتقب انعقادها بين الرئيس الأميركي باراك أوباما وقيادات من مجلس التعاون الخليجي. هذه القمة التي من المتوقع أن تضع حداً للأزمة اليمنية مع دخول الحملة العسكرية التي تقودها السعودية ضد الشعب اليمني هدنة إنسانية تستمر لمدة 5 أيام، على أن تستأنف إذا تم أي اختراق أو تمدد إذ التزمت بها الأطراف الساعية إلى صيغة حل سياسي تجنّب اليمن مزيداً من الدمار، وذلك بعد سبعة أسابيع على بدء العملية العسكرية السعودية والتي لم تحقق أياً من أهدافها المعلنة، إضافة إلى مطالبة دول مجلس التعاون الرئيس أوباما بضمانات أمنية ضد إيران، بعد الاتفاق المبدئي على الملف النووي الإيراني الذي وقع في لوزان بين إيران والدول الست، فمع التحضيرات لقمة كامب ديفيد وتركيز الاهتمام العربي والدولي على ما يريده الخليجيون من أميركا، وما يمكن أن يقدمه لهم الرئيس الأميركي باراك اوباما وقبل ساعات من بدء الهدنة الإنسانية المرتقبة، كشفت الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن إرسال سفينة مساعدات لليمن تحت حماية عدد من سفها الحربية، وهذا ما أكده الأدميرال حسن آزاد بأن تلك المساعدات كان من المقرر إرسالها إلى الشعب اليمني الشقيق بالطائرة، إلا أن هذا الأمر واجه منعاً من السعودية.
ومنذ التوقيع على الاتفاق المبدئي وحصول توافق إيراني ـ أميركي ـ أوروبي حول الملف النووي، قررت السعودية شنّ عدوانها على اليمن، وكان هدفها المعلن ما أسمته «إعادة الشرعية»، ولكن مضمونها إرسال رسالة احتجاج قوية إلى الولايات المتحدة على عدم الموافقة على الاتفاق النووي، ولو كانت لواشنطن مصلحة بهذا العدوان وربما كانت تفضله بتوقيت آخر وبآليات مختلفة وبأهداف أخرى أيضاً.
الجميع اعتقد أن واشنطن بسياستها هذه تمنح السعودية الوقت لتحقيق أهداف عسكرية وسياسية وقلب الموازين في اليمن والقضاء على أنصار الله والجيش اليمني، لكن سرعان ما ظهر عكس ذلك بل حققت هذه القوات تقدماً على جميع الجبهات وسيطرت على الكثير من المناطق التي كان يسيطر عليها تنظيم «القاعدة» المدعوم سعودياً.
فإيران وبعد توقيع الاتفاق المبدئي أعلنت استنكارها هذا العدوان ودعت لحل سياسي وأرسلت وحشدت الأساطيل في البحر. ففي 8 من نيسان الماضي أكدت إيران دخول مجموعة من سفنها الحربية مضيق باب المندب، في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، وحذرت العديد من السفن والطائرات الحربية الأميركية والفرنسية إذا حاولت الاقتراب من السفن الإيرانية أثناء إبحارها في خليج عدن، وبلغ مجموع السفن الحربية 34 بين مدمرات وسفن حربية.
وقبل إعلان وقف «عاصفة الحزم» بساعات، كانت إيران أشارت على لسان مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، إلى أنه خلال الساعات المقبلة، ستتوقف الهجمات العسكرية في اليمن وكان ذلك بعد ساعات الاتصالات الطويلة بين وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والإيراني محمد جواد ظريف.
إذاً هذه الرسائل موجهة من إيران ليس فقط للسعودية بل لكل الأنظمة الخليجية التي حاول وستحاول الضغط على الدولة الإيرانية سياسياً وأمنياً، وأن إيران لن تقدم أي تنازلات تخرج عن مصلحتها الوطنية العليا بخصوص ملفها النووي وهي جاهزة لكل الخيارات بحال تعثر الحلول بخصوص ملفها النووي ومنها الخيار العسكري، فالجميع يعلم حجم قدراتها القتالية والعسكرية.
فمع التطورات التي شهدتها في منطقة الشرق الأوسط وبروز إيران كقوى إقليمية عظمى باعتراف أميركا والغرب ومع النصر الميداني الذي حققه الحوثيون في الساحة اليمنية الذي أدى إلى إرباك دول الخليج بعد الفشل السعودي في جميع الملفات وبالذات في الملف اليمني، فقد باتت السعودية تسعى إلى مخرج لها عن طريق الحل السياسي برعاية الأمم المتحدة، وهنا يطرح سؤال: هل التحول السعودي من العمل العسكري إلى البحث عن الحلول السياسية للأزمة اليمينة هو إشارة من الولايات المتحدة الأميركية لدول الخليج بأنها باتت تسعى إلى قلب الحكم رأساً على عقب، وأن دور المماليك في تلك الدول قرب الى نهايته؟ سؤال ننتظر إجابته بعد ظهور نوايا السياسة الأميركية الجديدة لمنطقة الخليج العربي.