سوتشي وكامب ديفيد… مخاض الخروج لا غالب ولا مغلوب
لمى خيرالله
في إطار تثبيت المحاور وبناء توافقات مشتركة حيال الأحداث السياسية الدائرة والملفات العالقة، تجري تطورات جديدة ضمن دائرة التفاوض حول الملف السوري مروراً بالملف اليمني، وليس آخرها الملف النووي الإيراني مع الغرب وعلى خلفية قمة كامب ديفيد التي جمعت بين الرئيس الأميركي باراك أوباما وقادة دول مجلس التعاون الخليجي من أجل رفع مستوى التعاون الأمني والعسكري في منطقة الخليج العربي.
وكان الرئيس الأميركي استدعى قادة دول الخليج لشرح سياسته في الشرق الأوسط، فيما عُقدت قمة من نوع آخر في منتجع سوتشي جمعت وزيري خارجية روسيا سيرغي لافروف والولايات المتحدة الأميركية جون كيري، للبحث في حلول شاملة للنزاعات والحروب التي تجتاح المنطقة من سورية إلى اليمن وصولاً إلى أوكرانيا، وهي الزيارة الأولى لمسؤول أميركي منذ اندلاع النزاع في أوكرانيا.
اجتماع أعلن على إثره وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن محادثات نظيره الأميركي جون كيري مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أتاحت للبلدين فهماً متبادلاً بشكل أفضل للقضايا التي نوقشت، مشيراً إلى ضرورة دفع جميع المعنيين الخارجيين الذين لهم نفوذ على المجموعات الإرهابية بدفعهم إلى السير باتجاه بدء المفاوضات على أساس بيان جنيف نظراً إلى التناقضات داخل المعارضة السورية نفسها، مشدداً على عدم تسييس موضوع استخدام الأسلحة الكيماوية في سورية.
في هذا الشأن، أعلن كيري أن الولايات المتحدة ترى «تقدماً كبيراً» في حلّ مشكلة الأسلحة الكيماوية في سورية، مؤكداً أن سورية لن تكون في سلام ما لم تجد مشكلاتها حلاً بطريقة سياسية، وما لم يتحقق انتقال سياسي ويتم التوصل إلى حل يجرى التفاوض عليه، مشدداً على ضرورة وجود جهود موحدة لمواجهة تنظيم «داعش» وطرده من سورية والعراق على اعتبار أن تنامي نشاطات الجماعات المتطرفة المختلفة كتنظيم «داعش» لا يهدد «نظام الأسد وحده بل المنطقة بأسرها».
وربطت مصادر دبلوماسية بين زيارة كيري روسيا وقمة كامب ديفيد من زاوية مواضيع البحث، واعتبرتها متكاملة مع بعضها، لما لموسكو من علاقات وتحالفات يمكن أن توظفها في سياق مشروع التسويات السياسية للشرق الأوسط الجديد، الذي أكدت المصادر أنه ما زال في طور المخاض ولم تنجز خريطته بعد، مذكرة بالمواقف الروسية التي شهدت تحولات مهمة في ما يتصل بالتعاطي مع قضايا المنطقة منذ القرار الدولي 2216 الخاص باليمن، ولم تستبعد إمكان عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، تحت عنواني حل الصراع «الإسرائيلي» الفلسطيني وصياغة حلّ لأزمات المنطقة.
مرحلة التسويات قبيل توقيع الاتفاق النووي الإيراني مع الدول الست الكبرى وبعيد الخسارة السياسية والعسكرية في الحرب السعودية المستعرة على الأراضي اليمنية وتوازياً مع جنيف3، جميعها ملفات ساخنة أرغمت القيادة الأميركية ربما على تغيير مواقفها ومحور سياستها ليكون ملف الإرهاب البند الأول على طاولة أي المفاوضات حول سورية، خصوصاً بعد فشل معزوفة الحديث عن أن الحكومة السورية مسؤولة عن تنامي المجموعات المتشددة، وبعد عجز الدول الكبرى عن فرض هيمنتها وشروطها على الدولة السورية. حلول تحاول من خلالها الولايات المتحدة حفظ ماء وجهها بطريقة «لا غالب ولا ومغلوب فيها» بعد فشل أذرعها وأدواتها الإقليمية والشرق أوسطية في أن تطاول السيادة السورية. فالمتابع للشأن السياسي يرى أن البحث الأميركي في ملفات سورية واليمن وإيران مع روسيا قبيل الاجتماع بالخليجيين في كامب ديفيد ما هو إلا بمثابة وضع النقاط على الحروف لرسم خريطة المرحلة المقبلة.