مبادرة عون تتفاعل والنقاش ينتقل إلى التساؤل عن قانون الانتخابات النيابية
كتب المحرر السياسي:
أسبوعان مقبلان مليئان بالتوتر والتصعيد حتى تبدأ الجرعة الثانية من حرب القلمون، كما يقول مصدر مطلع، فالحلف السعودي التركي «الإسرائيلي» ليس شريكاً مضارباً مع «جبهة النصرة»، يربح إنْ ربحت ولا يخسر بخسارتها، وهذا التوصيف للشريك المضارب يصحّ بالنسبة إلى الأميركي، المتحسّب سلفاً والمتحصّن بمشروع التفاهم النووي ومتمّماته السياسية مع إيران، وبتفاهماته الناشئة مع روسيا على التعاون في صناعة التسويات، وكلّ ما يتحقق في أيدي الحلفاء ومَن معهم كـ»النصرة»، هو مكاسب للشريك الأميركي المضارب الرابح بربح الحلفاء والذي لا يخسر بخساراتهم، يحوّل أرباحهم أوراقاً تفاوضية، ويتجاهل خساراتهم ويمضي إلى التسويات.
بالنسبة إلى الحلف السعودي التركي «الإسرائيلي»، وتابعيه الفرنسي والقطري، «النصرة» هي آخر الأحصنة والرهانات، وبات واضحاً أنّ ما تلقته «النصرة» وما هي في الطريق لتلقيه من ضربات لا يمكن وصفه بالمصادفات ولا ربطه بخصوصية جبهة، بل هو السياق الذي سيفرض نفسه على التدحرج العسكري المستمرّ بقوة الاندفاع في إنجازات القلمون لشطف الدرج من أعلى كما يُقال، حيث قال مصدر عسكري متابع لمعارك القلمون، إنّ القوة الضاربة لـ»النصرة» في جرود عرسال ستبقى تتدحرج وتتزحلق من الجبال إلى الوديان والصحارى حتى الرقة.
ما قرأه أطراف الحلف الواقف وراء «النصرة» هو أنّ التغيير سيتسارع في كلّ الموازين، فتقدّم «داعش» في الرمادي تبعه الاتجاه نحو القاعدة العسكرية في الحبانية، وما نتج من اندفاعة «داعش» حسم تردّد الحكومة العراقية لجهة الاستنجاد بالحشد الشعبي الذي أعلن من اليوم الأول الاستعداد للمشاركة في حماية الأنبار، وحالت مواقف ابتزازية لبعض شيوخ العشائر المرتبطين بالسعودية دون ذلك، وما كان محظوراً قبل سقوط الرمادي سقط بسقوطها، فاندفعت وحدات الحشد الشعبي لإعادة التوازن نحو الرمادي والحبانية، وفوراً كما في تكريت، تذكّرت واشنطن مسؤوليات تحالفها ضدّ «داعش»، فقرّرت الإفراج عن عشر طائرات اشتراها العراق منذ سنة، وقالت إنها ستصل خلال شهر، وحدّد وزير الخارجية الأميركي من كوريا أنّ «داعش» سيتمّ إخراج قواته من الرمادي في غضون شهر مقبل.
في سورية كذلك شهدت جبهات ريف إدلب هجمات مرتدة لـ»النصرة» بعد هزائم القلمون، كما كانت الهجمات المرتدّة لـ»داعش» في تدمر، وبين شمال سورية وقلب العراق كان واضحاً الدور التركي.
الصمت «الإسرائيلي» البليغ، جاء تعبيراً عن الاعتراف بالهزيمة التي تحدّثت عنها الصحافة «الإسرائيلية»، إثر حرب القلمون، بينما قرّرت السعودية السير في جولة حرب مع نهاية هدنة الأيام الخمسة يمنياً، وربما تستمرّ في التصعيد حتى نهاية الشهر موعد جلسات الحوار اليمني التي دعا إليها المبعوث الأممي في جنيف. والرهان هو على تخفيض السقوف بتغيير الأهداف من ضرب الحوثيين وحلفائهم في الشمال، إلى تقسيم اليمن وتكريس تقسيمه في جنيف، عبر فرض معادلة عسكرية سيسعى السعوديون ومن معهم للدفع في اتجاهها من خلال التركيز على الخط التقليدي الذي كان يفصل لسنوات بين الشمال والجنوب، ورمي الثقل الناري لدعم المسلحين وواجهتهم السياسية التي اجتمعت في الرياض لفرض السيطرة على الشق الجنوبي من اليمن، ورسم سقف سياسي عنوانه يمن فيديرالي، قائم على المناصفة بين الشطرين، وهذا يعني وضع اليد جنوباً على عدن وباب المندب الموقعين الأهمّ على المستوى الاستراتيجي في اليمن.
لبنانياً على رغم تشعّب وكثرة الملفات الأمنية والسياسية والحكومية، نجح الدفع الذي منحه كلام السيد حسن نصرالله لمبادرة العماد ميشال عون، بوضعها في التداول بقوة، وترجيح طغيان البحث بما وصفه عون بالمقترح الرابع وأسماه بالحلّ، وهو الوحيد الذي لا يحتاج تعديلاً للدستور، أيّ الذهاب إلى الانتخابات النيابية، ليطفو على السطح السؤال وفقاً لأيّ قانون؟
ولايتي في بيروت داعماً صيغة عون نصر الله
بعد زيارة قائد القيادة الوسطى الأميركية الجنرال أوستين لويد إلى بيروت يوم السبت الماضي وصل أمس مستشار مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية علي خامنئي السيد علي أكبر ولايتي إلى لبنان. وتأتي الزيارة في إطار المحافظة على التوازن في الداخل اللبناني وعدم ترك الساحة اللبنانية للأميركي.
وأكدت مصادر مطلعة أن ولايتي أكد خلال الجولة التي شملت رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ورئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون لـ«البناء» أن «حل الملف الرئاسي يقع على عاتق القيادات السياسية المعنية، وأن إيران لن تتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية».
وتحدثت المصادر عن رمزية زيارة ولايتي إلى العماد عون، التي أكد خلالها الدعم الإيراني للصيغة التي اتفق عليها السيد نصر الله والعماد عون في لقائهما الأخير والمتعلقة بالانتخابات الرئاسية.
ولفتت المصادر إلى «أن ولايتي جدد دعم الجمهورية الإسلامية لحزب الله في معركة القلمون ضد الإرهابيين، وكرر الموقف الإيراني من الأزمة اليمنية، معتبراً «أن الرياض غير صالحة لاستضافة حوار بين اليمنيين، منتقداً السياسة السعودية، ومتسائلاً إلى أين ستأخذ هذه السياسة العدوانية المنطقة»؟
وفد التغيير والإصلاح يزور اليوم حزب الله وبري وفرنجية
وباشر وفد تكتل التغيير والإصلاح جولته على القيادات السياسية شارحاً الاقتراحات التي طرحها رئيسه العماد ميشال عون لحل أزمة الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية. واستهلت الجولة العونية من بكركي إلى معراب وصولاً إلى الصيفي، على أن يزور وفد آخر يضم النواب نبيل نقولا، عباس هاشم، زياد أسود، اميل رحمة وناجي غاريوس، حزب الله، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس تيار المرده سليمان فرنجية. وأكدت مصادر الوفد لـ«البناء» «أن اللقاء كان ايجابياً مع البطريرك الماروني الذي اعتبر «أن مبادرة العماد عون جيدة، وقابلة للنقاش والدرس، لكنها في الوقت الراهن تتعارض مع الدستور، وأي تعديل يتطلب أولاً انتخاب رئيس للجمهورية». واعتبر رئيس حزب القوات سمير جعجع «أن هذه الطروحات قابلة للتمعن، وسوف نناقشها في اللقاء المقبل». في حين أن رئيس حزب الكتائب أمين الجميل لفت إلى «أنّ البلد لا يمكنه احتمال تفسيرات متعدّدة للنظام والدستور، وأبدى إصراراً على انتخاب رئيس في أسرع وقت ممكن».
المسلحون يحاولون فتح ثغرات في مناطق تمركز الجيش اللبناني
أمنياً، تقدم حزب الله باتجاه جرود عرسال في موازاة الجرد الغربي لفليطا، واستهدف مواقع المسلحين شرق جرود عرسال وأطلق صاروخين ثقيلين على مواقع النصرة. وتقدم والجيش السوري في الجهة الجنوبية المشرفة على تلة جريجرة، حيث وقعت اشتباكات أمس بين «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش». وأحكما السيطرة بالنار على منطقة تسلل المسلحين من عرسال وصولاً إلى جرد فليطا ورأس المعرة.
وأحكم الجيش اللبناني بدوره الطوق حول عرسال. ولفتت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى «أن الجيش تمكن في اليومين الماضيين من إلقاء القبض على مجموعة من الإرهابيين تسللت من عرسال إلى البقاع الأوسط، ويتابع الجيش مهماته الأمنية في الأماكن التي يتواجد فيها الإرهابيون لا سيما في بر الياس والمرج». ولفتت المصادر إلى «أنه كلما ضيق الجيش السوري وحزب الله الطوق، سيحاول المسلحون فتح ثغرات في مناطق تمركز الجيش اللبناني للتسلل إلى البقاعين الغربي والأوسط». واستهدف الجيش أمس تحركات ومواقع المسلحين في وادي رافق بجرود عرسال بعد تسللهم باتجاه مواقعه.
ورأى رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد «أن الإرهابيين الذين نقاتلهم في القلمون هم الجيش الذي يعتمد عليه المعتدلون السياسيون في لبنان». وشدد على «أن المارد انطلق من قمقمه وأنه لن يعود، وأشرف لنا بكثير أن نقتل واقفين وأن تدمر بيوتنا، وأن نحفظ تماسكنا وجبهتنا». وردد على هؤلاء السؤال الذي طرحه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالقول: هل هؤلاء الذين يقاتلوننا في القلمون ثوار أم قتلة، فإذا كانوا ثواراً فبئس الموقف الذي تقفونه، ويجب أن تحملوا أسلحتكم لتقاتلوا معهم، وإذا كانوا إرهابيين فبئس الخيار الذي تختارونه لأنهم سيضيعون بلدكم وسيذهبون بكم إلى التيه».
في سياق آخر أوقف الأمن العام اللبناني المدعو يوسف هـ.خ. في منطقة القبيات في عكار، وهو لبناني مواليد الكويت، وذلك بجرم الانتماء إلى خلية متشددة يشتبه أنها تابعة لتنظيم داعش، بالإضافة إلى قيامه بعقد اجتماعات بهذا الهدف.
لا تفاؤل بإقرار الموازنة تمويل المحكمة أرجئ إلى جلسة لاحقة
حكومياً، ناقش مجلس الوزراء أمس تفاصيل الأرقام العائدة لرئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ووزارات الداخلية والبلديات، الخارجية، المالية، الأشغال العامة والنقل والتربية الوطنية. وبنتيجة هذه المناقشة وافق المجلس على أرقام الاعتمادات العائدة للمؤسسات والوزارات المشار إليها، بعد ذلك رفع رئيس الحكومة تمام سلام الجلسة، على أن ينعقد المجلس لمتابعة دراسة مشروع قانون الموازنة عند الرابعة من يوم غد الأربعاء.»
وأكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الذي غادر باكراً الجلسة لـ«البناء» أنه غير متفائل بإمكانية إقرار الموازنة قريباً لأن هناك ملفات خلافية عدة ويجري تأجيلها من جلسة إلى أخرى».
صقر يرضخ لضغوط المستقبل
بعد الحملة التي شنها تيار المستقبل ضد قرار المحكمة العسكرية الذي قضى بإنزال عقوبة الأشغال الشاقة بالوزير السابق ميشال سماحة مدة أربع سنوات ونصف السنة وتجريده من حقوقه المدنية. ميّز مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر يعاونه مفوض الحكومة المعاون القاضي هاني حلمي الحجار لدى محكمة التمييز العسكرية، الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية. وطلب القاضي صقر نتيجة التمييز إعادة محاكمة سماحة وفقاً لما ورد في القرار الاتهامي، وعرض الأشرطة والتسجيلات الواضحة واعتبارها من ضمن الأدلة الواردة في الملف.
وأشار وزير العدل اشرف ريفي إلى «أن هناك دراسة يتم إعدادها لإحالة ملف الوزير السابق ميشال سماحة إلى المحكمة الخاصة بلبنان نظراً لوجود رابط بين المتفجرات التي حملها سماحة بيديه من سورية إلى لبنان والعبوات اللاصقة التي قتلت الشهيدين جورج حاوي وسمير قصير».
وأكدت أوساط سياسية لـ«البناء» «أن كلام ريفي خطير جداً، فلأول مرة في التاريخ، يتكلم وزير للعدل عن القضاء في بلاده وعن جريمة تحصل فيها ومن اختصاصه من حيث الفعل وطبيعة الجريمة، بهذا المنطق». ولفتت الأوساط إلى «أن تصرف ريفي يعبر عن جهل في القانون لا سيما القانون الدولي. واعتبرت الأوساط «أنه لا يحق لريفي تحويل أي جريمة تحصل على الأراضي اللبنانية إلى المحكمة الخاصة بلبنان أو إلى المحكمة الجنائية الدولية».