واشنطن تؤكد عبثية التحالف الدولي
الانتكاسة التي لحقت بقوات الامن والجيش العراقي في سقوط الرمادي ذات المساحة الكبيرة وضعت الإدارة الاميركية قبل كلّ شيء أمام مأزق لا يمكن الخروج منه بطريقة متوازية مع ما يمكن لها ان تسمّيه تناغماً بين الادارة وسياستها في مكافحة الإرهاب في الشرق الاوسط.
حزب الديمقراطيين الاميركي المقبل على انتخابات رئاسية نجح في الفوز بالانتخابات الرئاسية التي تصدّرها اوباما معلناً عن أجندة لمكافحة الارهاب قدّمها أوباما للشعب الاميركي بافتتاح ولايته بعملية نوعية للكومندس الاميريكي في باكستان قضى فيها على اسطورة بن لادن في ذهن الاميركيين.
أوباما الذي حاول التماشي مع أجندته في مكافحة الارهاب قدّم نموذجاً آخر دعمت فيه الاستخبارات الاميركية التمدّد التكفيري في عدة دول في الشرق الاوسط، مع المحافظة على حدود رسمتها الاستراتيجية الغربية بعدم الاقتراب من «إسرائيل» او من مصالحها، ولم تعترف الولايات يوماً بأيّ دعم او تغذية لهذه المجموعات.
تعمل الاستخبارات الاميركية وفق مبدأ «نو غيلتي no guilty « او اللامذنب، حيث تحدث العمليات وتنفذ الخطط والجرائم من دون ان يظهر مجرم فلا مدان ولا دلائل.
تعرف الولايات المتحدة انّ حدود إدانتها بالتورّط في الإرهاب ضيّق عملياً، وانّ الإدانة وفق ايّ تحقيق ستلاحق بالدلائل حلفاء مدّتهم بالدعم المطلق لتنفيذ مخططتها الأساس، فباتت تركيا حزب العدالة والتنمية أحد أهمّ الأذرع لتنمو الشبكات التكفيرية بما يختصّ بسورية، من ثم السعودية، بما يختص بالعراق وتحديداً «داعش» الى ان تمدّدت الحركتان لتندمج بالعقيدة وتختلف بالقيادة والقائد واحد.
الادانة الاميركية هذه المرة في الرمادي تأتي بعد تكرار التجربة ذاتها في الموصل، حيث دخلت قوات «داعش» اليها في ظروف مشابهة جداً لافتة ومباغتة حُكي فيها عن خيانات وسط قوى الامن العراقي.
لا يمكن هذه المرة قبول نفس المعالجة التي قدّمتها الولايات المتحدة عن طريق وزير دفاعها آشتون كارتر للهروب من المسؤولية التي ستلاحق وزير دفاع إدارة اوباما الديمقراطية طويلاً، لأنّ خوض المعركة ضدّ الارهاب في «الشرق الاوسط» تحت مظلة تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة يعتبر نكسة وعاراً كبيرين على المهمة العسكرية تلك التي تعتبر بالنسبة للاميركيين واجباً وبالنسبة للعالم الغربي حرباً رائدتها اميركا.
اثبتت الرمادي عبثية التحالف الدولي بعين الرأي العام الغربي والمجتمع السياسي الاميركي، وشرحت تورّطاً غير مسبوق للولايات المتحدة التي صنّفت متفرّجة هي والتحالف امام الانهيار الذي كان يمكن إيقافه بالتكنولوجيا ما فوق المتطورة الاميركية، عبر اقمار اصطناعية، فكيف يدخل «داعش» منطقة بحجم الرماي من دون عين اميركية مترقبة اطلقت ساعة الانطلاق؟
اكدت واشنطن اليوم على عبثية التحالف الدولي المؤلف الى جانبها من عواصم دول كبرى فشلت امام تمدّد «داعش» فشلاً لا يمكن القبول به لعدم صحته سوى في إطار إقناع شعب العراق ومعه العالم بهذا العجز امام «داعش» عوضاً عن إدانة التحالف بالتقصير، ولهذا السبب تسارعت اصابع الاتهام الاميركية قبل غيرها للتصويب على القوات الامنية العراقية والجيش الذي وبغض النظر عن اي ثغرة اصابت جسمهما، الا انّ التصويب على القوى الاميركية بحدّ ذاته يظهر هروباً وفشلاً لحلف تهرّب من المسؤولية ظاهراً ونوايا اضعاف القوى الأمنية للشروع في التقسيم ثانياً.
«توب نيوز»