لا مبادرة لمن لا يملك قراراً 2/1

رضوان عبد الله

خلال الأشهر الثلاثة المنصرمة، انطلقت في لبنان مبادرتان، الأولى فاشلة مسبقاً، أما الثانية فانطلقت عصر يوم الجمعة 28 آذار 2014، وآذار شهر الشهداء والمجازر وضياع حقوق الإنسان، التصاقاً بنيسان وصولاً إلى أيار، من مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، ويعتبر «عاصمة الشتات الفلسطيني قاطبة» كما أسميته شخصياً، في إحدى مقالاتي منذ ما يزيد على عشر سنوات، ولا ادّعي شيئاً لم أفعله. تلك المبادرة هي على المحك.

المبادرة الأولى هي ما سمّي بـ»رابطة أو تجمع المنظمات الشبابية والطلابية الفلسطينية في لبنان، إذ أخذت صبغة شبه رسمية من فصائل العمل الوطني والإسلامي الفلسطيني في لبنان، وهنا نودّ أن نوضح أن القيادة الفلسطينية في لبنان باعتمادها هذه الخطوة لا تستوعب الفئات الشبابية، إنما هو نوع من الهرب إلى الأمام من قبل بعض الجهات والمرجعيات وفصائل العمل الفلسطيني، إن وطنية أو إسلامية. كيف هي هرب إلى الأمام ولماذا؟ هذا ما سنوضحه قبل أن نكمل مقالتنا الطويلة حول المبادرة الثانية التي نرجو أن تكون ناجحة أو أن يسعى الجميع إلى إنجاحها ولسنا في موقع تقويم أحد بل هي وجهة نظر اجتهادية قد تخطئ وقد تصيب، مع الإشارة إلى استشرافي شخصياً فشل المبادرة الأولى وتحذيري من فشل الثانية وبدأت بوادر هذا الفشل في شوارع مخيم عين الحلوة، «عاصمة شتاتنا» و»أنيس فقرائنا» الذين لا تهتم بهم قياداتنا.

في فترة ما بعد حرب المخيمات السيئة الذكر، انطلق العديد من الانشطة الفلسطينية على مدى أكثر من عشرين عاماً وبمبادرات فردية وجماعية كانت تحاكي العمل الوطني الفلسطيني في الداخل والخارج، وهذا ما لمسناه جميعاً من أنشطة طالبية وهندسية وحقوقية وفنية وطبية وأكاديمية مهنية متعددة، ورغم الواقع الفلسطيني الصعب القائم من تحت ركام حرب مؤلمة فلسطينياً، بعد اجتياح صهيوني كبير زلزل لبنان والشرق الأوسط معاً، إلاّ أن مبادرات عديدة فلسطينية للحم وترميم ما دمّر أو شُرذم من علاقات فلسطينية ـ فلسطينية أو فلسطينية – لبنانية، وبين تلك المبادرات كانت مبادرات طالبية وشبابية وحقوقية في معظم المناطق اللبنانية وتحت مسميات فلسطينية واضحة وبتنسيق مع أطر لبنانية متعددة ومتنوعة المشارب والمذاهب والأفكار، لكن ذلك كان يصب في خدمة المشروع الوطني الفلسطيني الكبير، وصولاً الى مبادرات وورش عمل ولقاءات واجتماعات حثيثة في لبنان وخارجه لإحقاق حقوق مدنية للفلسطينيين الموجودين في لبنان من باب حق اللاجئ وتبعاً لقوانين وأعراف دولية عامة، إضافة الى بروتوكول الدار البيضاء للجامعة العربية الذي ينظم استضافة الوجود الفلسطيني وعيشهم في الدول المضيفة، إذ يحق للإنسان الفلسطيني العيش بكرامة حتى عودته الى دياره. وصولاً الى إعلان فلسطين في لبنان والذي خاض غماره المفوض السابق لحركة فتح في لبنان عضو اللجنة المركزية للحركة عباس زكي، مشكوراً، حين أرسى قواعد لعلاقات جديدة مع المجتمع اللبناني كله، بما فيه اليمين الذي كان سابقاً رأس حربة في مواجهة الوجود الفلسطيني أثناء حرب السنتين وما تلاهما، خوفاً من محاولات توطين أو تمدّد مثلما كان يذكر دوماً في خطب ذلك الجناح اللبناني المتوتّر ماضياً ضدّ أيّ وجود فلسطيني في لبنان، حتى أن بعض ريش ذلك الجناح كان يطالب بتهجير الفلسطينيين الى خارج لبنان، ما استدعى تحركات فلسطينية ولبنانية عدة معاً لإزالة مخاوف بعض الفئات اللبنانية من الوجود الفلسطيني، إضافة الى تحركات أخرى لبنانية تطمئن حلفاءها وشركاءها في الوطن إلى أن الفلسطينيين لم يعد لهم مشروع في لبنان ان كان يظن قبلاً أن لهم مشروعاً معيناً على وجه الخطأ، فالمشروع الفلسطيني هو فلسطين، ولا شي سوى فلسطين.

على المستوى الرسمي الفلسطيني، نستغرب غياب أي ملامح لإعادة تفعيل اتحاد الكتاب والصحافيين الفلسطينيين، وغياب دائرة التربية والتعليم في المنظمة وأي اطار تنسيقي واسع كهيئة عامة لمؤسسات المجتمع المحلي في لبنان، ولا حتى كهيئات تنسيقية في المخيمات والتجمعات الفلسطينية، رغم وجود مثيلات لها سابقاً في العديد من أماكن وجودنا كفلسطينيين في لبنان… وفي المقابل، لِمَ إقامة روابط وتجمعات فلسطينية شبابية أو طالبية أمر مستغرب جداً! لماذا تهرب قيادات العمل الوطني الى الأمام في خطوات غير نظامية وغير مدروسة؟ بل لماذا يحصل تقوقع ضمن أطر نائمة بدلاً من تفعيلها، وفي المنظمات الفلسطينية كلّها تملك جميع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية مثلاً اتحادات أو منظمات طالبية وهي جزء من اتحاد الطلاب على مستوى عام وهو من مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وسائر المنظمات الفلسطينية إنما هي شريك أو حليف أو جزء من المجلس الأعلى للشباب والرياضة، بقرار صادر عن الرئيس القائد أبو مازن، إذ شكل ذلك المجلس ولم يستثنِ أحداً من الفصائل بما فيها حركة حماس.

لِمَ الدفع بـ«تفقيسات» شبابية أو طالبية وإغفال ما هو أساسي وشرعي؟ هل الخوف من تجنّحات أكثر في كل فصائل العمل الفلسطينية وطنية كانت أو إسلامية؟! أم استجلاب لـ»نافذين» أو «مموّلين» جدد من دول مجاورة مثلما استجلب آخرون في الفترات السابقة التي تلت فترة الحرب الدامية في لبنان، إذ أتى عشاق المناصب من إمارات المشارق ومدارسها ومزارع المغارب ومغارسها ليتسلموا المؤسسات وهي جاهزة بعدما كانت كادراتها تعاني الامرّين بوجود النزاع مع سورية ومنظمات أخرى تابعة ومدعومة ليبيّاً!؟ وعملت في ظل ظروف سياسية وحزبية ومعيشية صعبة جداً، وألغيت نضالات الكادحين والمناضلين الذين كان لهم الفضل الأول في استنهاض العمل الوطني الفلسطيني في لبنان بعد إنهاكها ومحأولة القضاء عليها من قبل بريجنسكي وتوابعه خلال وبعد فترة الغزو الصهيوني عام 1982 وبعدها؟! والمقولة الأميركية البريجينسكية مشهورة «باي باي م. ت. ف.»!

ألا ينبغي أن يكون هناك تواصل بين حاضرنا وماضينا وردم ثغرة أو هوّة كبيرة مخفية تلغي وجود نضالات مرحلة ما بين عامي 1987 و2007؟! ليتسلّق المستلقون، إن جدداً أو قدامى؟ وصولاً إلى المنافقين والمتجنحين! هل يجب ان تموت المبادرة أو تغيب الشمس عن الحقيقة؟! بل هل يجب ان تلجأ المبادرة الى الاختباء؟! ساعتئذ نكون قبلنا بتطبيق نظرية الفشل و«ربط الحمار حيثما يريد صاحبه». ألسنا جميعاً أصحابه إن كان هو حماراً؟! أم أنهم تركوا الحمار وحيداً حين أكل عشب الدير حسب شوقي أمير الشعراء، و بالإذن من محمود درويش وحصانه . ألسنا كفلسطينيين شركاء في كل شيء، بمشورة على الاقلّ؟! أم أن القائد المتملك نفاقاً والمتملق بالكلام الكاذب هو المتنفّذ، وهو كل شيء أو لا شيء بعده ولن يكون هناك شيء قبله إلا تقارير كاذبة أو فشل بحسب الادّعاء! هل نحن مجرّد حطب النار ووقود الثورة بنسبة 95 في المئة أما الباقون فرموز مثل»بطل مسلسل ليلة القبض على فاطمة» وعلى الشعب يجب أن «ينعّم» يقول نعم ويردد في تظاهراته في كلّ زاروب مخيم أو تجمع: «عاش الملك، مات الملك» مثلما ورد في المسرحية المشهورة «يوليوس قيصر» لوليم شاكسبير، وعندئذٍ «بتغنّي لمين يا حمام»؟! بحسب اغنية مسلسل «ليلة القبض» نفسه ويتم ابتزاز الناس بالقبض! مع فرق في المعنى بين الكلمتين من جناس الحروف نفسه! هل أصبح شعبنا مثل النّمر في اليوم العاشر يأكل الحشيش بعد تدجينه رويداً رويداً بحسب الرواية السورية المشهورة؟!

لو أردنا ان نكمل الحديث ونميط اللثام عن الحقيقة المخبأة بين أبناء شعبنا وفئاته كافة، فإن ثمة في سائر فصائل العمل الوطني والإسلامي فرقاً فنية ونقابات عمالية ومعلمين وأطباء وحقوقيين وأطر نسوية حسب ما نعلم، وتلك الأطر شبابية لناحية العمر، فلِمَ تجاهلها أو التغاضي عن وجودها، ولدى الجميع فصائل العمل الفلسطيني أطر كشفية، فأين هي؟ وكيف يتم تجاوز مقررات مخيمات كشفية أو توصيات مؤتمرات كشفية أو لقاءات كشفية عامة حصلت ونظمت في لبنان. هذا يدعونا إلى القول بصراحة تامة إن أي «مبادرة» أو شبه مبادرة لتشكيل إطار شبابي فلسطيني تحت أي مسميات هي مبادرة فاشلة إذ تعيدنا الى مرحلة تشكيل البدائل التي كان يتسابق بها بعض الفصائل وفق أجندة كان يعدّ لها في فترة الوصاية على لبنان ومحأولة الوصاية على القرار الفلسطيني المستقل، فقد جاهد وكابد أبناء شعبنا للتخلص من تلك الفترة المظلمة والحرجة من تاريخ قضيتنا الفلسطينية ودفعنا الثمن غالياً جداً.

لعلّ المضيء في تلك الفترة، اضطرار القيادة السياسية إلى تشكيل ما عرف آنذاك بـ»هيئة العمل الوطني الفلسطيني» في لبنان، لكنها كانت بمثابة المرجعية العليا لسائر الأطر الوطنية الفلسطينية ودخلت فيها جميع الفصائل الفلسطينية، حتى تلك التي كانت خارج منظمة التحرير الفلسطينية، وعزّز وجود تلك المرجعية مختلف أنواع العمل الوطني رغم شدة المرحلة وضيق ظروفها المحلية والاقليمية وحتى الدولية، ولم تفكر تلك المرجعية في إيجاد أي بديل من أي إطار لا شبابي ولا حتى «ختايري»!

سعينا مع سائر المراجع اللبنانية وبتوجيهات القيادة، الى ان تثبيت حقنا في الوجود كلاجئين وكفلسطينيين وكعمل مؤسّسي متعدّد الجانب والفئة، بما في ذلك حقنا بالدفاع عن هويتنا وحقوقنا المدنية كلها وإن بنسب معينة. ونستطيع أن نفتخر بأن اتحاد المهندسين الفلسطينيين استطاع من خلال علاقاته المميزة مع النقابات اللبنانية المثيلة أن يثبّت «المهنة» على جواز السفر الممنوح للفلسطيني المهندس لدى استصدار وثيقته الفلسطينية اللبنانية. ونستطيع بجرأة وفخر أن القول بالفم الملآن ان اتحاد الطلاب بلجنته التحضيرية، التي كنت جزءاً منها بكل فخر وتواضع ، والتي لم تعجب المتملّقين في هذا الزمان الغابر، استطاع بتحركاته الإعلامية والميدانية حيال الرسميين اللبنانيين أن ينجز خفضاً للأقساط يوم رفعت الأقساط للطلاب الجامعيين في لبنان، وأعيد النظر في المرسوم اللبناني واعتبرت الأقساط للفلسطينيين مثل اللبنانيين من دون أي زيادة. كما أنجز افتتاح خمس ثانويات للأونروا بعدما ضغطنا كمنظمة تحرير فلسطينية واتحاد طلاب على الأونروا لتحقيق ذلك، فتحقق في مناطق لبنانية متعددة. وغير ذلك الكثير من الأمور، برعاية الشرعية الفلسطينية الواحدة، المتمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية وأطرها العاملة في لبنان. نام أبناء اتحاد الطلاب الفلسطينيين على باب الأونروا نحو شهر حتى تمّت الموافقة على افتتاح الثانويات تلك لأجل أبنائنا في باقي المناطق التي لم تكن فيها مدارس ثانوية تؤوي أبناءنا وتحميهم من أخطار الرمي بالشارع.

رغم ترهّل معظم نقاباتنا العمالية في لبنان أو الطالبية أو النسوية أو حتى الفنية أو غيرها ومع الحزن والأسف، رغم أن شعبنا فتيّ، إلاّ أن العمل الثوري الفلسطيني كأيّ عمل ثوريّ نضاليّ في كلّ مكان يترهّل بعد حين لأسباب كثيرة ومتنوعة، وقد شاخت ثورتنا مع مرور الزمان، إلاّ أنها قدمت مئات ألوف الشهداء والمعتقلين والمعوقين والأسرى والمفقودين واللاجئين مراراً، بل المهجّرين تكراراً، وبضياع خبرة الكبار عن الشباب وعن الجيل الصاعد، بيد أننا نستطيع الادعاء أن قيادتنا استطاعت تخفيف قيود العمل المفروضة علينا من قبل الدولة اللبنانية، خلال متابعتها ذلك الأمر مع وزارات العمل اللبنانية المتعاقبة، وخففت قيود العمل، وهذا أمر مهم ومرحلة متقدمة في العمل الوطني الفلسطيني في لبنان. ولم تستطع ذلك للفئات الأولى بالطبع، وهذا شأن آخر له اعتباراته في لبنان سياسياً ومذهبياً وتكوينياً على مستوى الدولة والدستور اللبناني.

في تذكير سريع لوجودنا كفلسطينيين في لبنان، ووفقاً لإحصاءات الأونروا في 31 كانون الأول 2009، وصل عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين إلى 4,766,670 لاجئاً، عددهم في لبنان 422,188 لاجئاً، يعيش منهم 222,776 لاجئاً داخل المخيمات و199,412 لاجئاً خارج المخيمات. ومثّل اللاجئون الفلسطينيون في لبنان ما نسبته 9 في المئة من مجموع اللاجئين المسجلين لدى الأونروا، ونحو 12 من مجموع سكان لبنان.

رغم أن هذه الأرقام صدرت عن المكتب الإعلامي لرئاسة الأونروا، إلاّ غير دقيقة إذ تعتمد على معلومات يتقدم بها اللاجئون طواعية ليفيدوا من الخدمات التي يستحقونها، وهناك لاجئون فلسطينيون في منطقة عمليات الأونروا غير مسجلين لديها رغم استحقاقهم ذلك. إضافة إلى أن بعض هؤلاء المسجلين يعيشون خارج منطقة العمليات، أي خارج لبنان، فضلاً عن وجود لاجئين فلسطينيين غير مسجلين وآخرين من فاقدي الأوراق الثبوتية يعيشون في المخيمات والتجمعات.

كانت الأونروا تشرف على 16 مخيماً رسمياً، دمرت منها ثلاثة أثناء سنوات الحرب، وتحديداً منذ عام 1974 حتى عام 1976، ولم يُعدْ بناؤها مجدّداً، هي مخيم النبطية في جنوب لبنان، ومخيما الدكوانة تل الزعتر وجسر الباشا في بيروت. وهناك مخيم رابع هو مخيم غورو في بعلبك أُجلي أهله عنه ونقلهم إلى مخيم الرشيدية في منطقة صور في ستينات القرن الماضي. ويعاد بناء مخيم نهر البارد على مراحل بعد أن تدمر بفعل الحرب التي جرت على أرضه عام 2007.

يقيم أكثر من نصف اللاجئين في 12 مخيماً منظماً ومعترفاً بها لدى الأونروا تعيش معاناة إنسانية حقيقية، من بنى تحتية غير مناسبة، اكتظاظ سكاني، نسبة فقر مرتفعة ونسبة بطالة متزايدة. يسجِّل اللاجئون في لبنان أعلى نسبة لاجئين من فئة الحالات الصعبة بين اللاجئين في الدول المضيفة: الرشيدية، برج الشمالي، البص، عين الحلوة، المية ومية، برج البراجنة، شاتيلا، مار الياس، ضبية، ويفل الجليل ، البداوي، ونهر البارد.

ويقيم باقي اللاجئين في المدن والقرى اللبنانية، إضافة إلى تجمعات سكنية جديدة نشأت بسبب تطوّرات الأوضاع في لبنان. ومن أهم هذه التجمعات غير المعترف بها من الأونروا: المعشوق، جلّ البحر، شبريحا، القاسمية، البرغلية، الواسطة، العيتانية، أبو الأسْوَد، عدلون، الغازية، وادي الزينة، الناعمة، سعد نايل، ثعلبايا العب، البيساريا، بر الياس، وغيرها.

وتسود حالة من عشوائية الحياة في جميع المخيمات الفلسطينية بعد نزوح مئات العشرات من مخيمات سورية إلى اتجاه لبنان خلال ثلاث سنوات من الحرب الدائرة هناك، وزجّ بالفلسطينيّين قسراً في أتون الحرب، خاصة في مخيمات اليرموك وخان الشيح والسبينة وحمص ودرعا، واستشهد عشرات من الفلسطينيين نتيجة القصف على أماكن سكناهم ونتيجة حصار المخيمات وموت الأطفال والعجزة والنساء جوعاً وهجّر بحسب ما أعلنه زكريا الآغا ما يزيد على 350 الف فلسطيني من أصل نحو 450 ألفاً هم محموع اللاجئين الفلسطينيين الموجودين في سورية.

في نظرات متعدّدة على بعض ما يحصل من معاناة وآلام في مخيمات لبنان، ففي منطقة شمال لبنان مثلا وبحسب وسائل الإعلام في شمال لبنان، أعلنت الفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية في الشمال، في بيان، أنه «إثر تشكيل لجان مشتركة من الفصائل واللجنة الشعبية ولجنة متابعة الحراكات، وعقدها عدة اجتماعات مع الأونروا لمناقشة ملف دفع بدل الإيجارات لنازحي مخيم نهر البارد، أعيد الحق إلى 362 عائلة ظلمت في مساعدة بدل الإيجار، كما زادت اللجنة المشتركة عدد المستفيدين من برنامج العسر الشديد، إلى 1400 عائلة جديدة، إضافة إلى العدد السابق 1482 عائلة، ليصبح العدد 2882 عائلة باتت تفيد من برنامج العسر الشديد».

يرى البيان، الذي وصلتني نسخة منه أنه «منذ سبع سنوات حلت مأساة مخيم نهر البارد، ودمر المخيم ونزح أهله إلى مناطق متعددة في لبنان. وفي عام 2008 اعتبر مخيم نهر البارد في حالة طوارئ شاملة واستمرّ الوضع هذا حتى بداية أيلول 2013، إذ أعلنت الأونروا أنها في صدد إنهاء حالة الطوارىء لأبناء المخيم، وعودته مثل باقي المخيمات في لبنان»، ولفت البيان إلى «أنّ إعمار المخيم ما زال يسير ببطء شديد، فالمنجز لا يتعدى 25 في المئة من منازل المخيم القديم، ولا تزال غالبية الأهالي من المشرّدين. ومنذ تموز 2013 باشرت الفصائل واللجان اللشعبية في تحركات جماهيرية للمطالبة باستمرار خطة الطوارىء حتى الانتهاء من إعمار المخيم وعودة سكانه إليه، وكانت ذروة هذا التحرك الخيمة المفتوحة التي استمرت 77 يوماً أمام مقرّ الأونروا الرئيسي في لبنان، وانتهى بعد إبرام اتفاقات مع الأونروا في استمرار أعمال الطوارىء، ووضع أوراق تفاهم حول الصحة والإغاثة وبدل الإيجار، وهذه الأوراق وضعت سلسلة من المعايير وافقت عليها الفصائل واللجان اللشعبية ولجان المتابعة والحراكات الشبابية والشعبية في المخيم». وأكد البيان أن الفصائل واللجان الشعبية «يتابعون موضوع المتزوجين الجدد الذين لا يملكون منازل في المخيم، وهم يطالبون إدارة الأونروا بدفع بدل الإيجار لهم لهذه الدورة، لأنها لم تبلغهم مسبقا».

أما المبادرة الثانية وهي المبادرة الفلسطينية الموحّدة في لبنان فنستطيع القول إنه وفي خطوة غير مسبوقة من قبل فصائل العمل الوطني والإسلامي الفلسطيني في لبنان، تمّ الاعلان عن مبادرة فلسطينية تجنّب الفلسطينيين الدخول أو التدخل مباشرة أو بطريقة غير مباشرة في أتون الصراع الإقليمي، خاصة في ظل حساسية وضع لبنان وتركيبته الحزبية والطائفية، وأعلن عصر يوم الجمعة 28 آذار 2014 في قاعة الشهيد زياد الأطرش في مخيم عين الحلوة عن المبادرة الفلسطينية الموحدة التي شاركت في صوغ بنودها فصائل منظمة التحرير وقوى التحالف الفلسطيني والقوى الإسلامية وأنصار الله. وبحسب جريدة «المستقبل» اللبنانية فإن المبادرة المؤلفة من 19 بنداً وتتناول مختلف الجوانب السياسية والقانونية والأمنية للوجود الفلسطيني في لبنان، تتضمن ما هو مطلوب من القوى الفلسطينية وما هو مطلوب من السلطات اللبنانية. وتأمل القوى الفلسطينية من هذه المبادرة بحسب ما ورد في مقدمتها في أن تشكل الناظم للعلاقات بين هذه القوى، والأساس لحماية أمن المخيمات الفلسطينية واستقرارها في لبنان باعتبارها جزءاً من أمن لبنان واستقراره.

تهدف المبادرة الفلسطينية الموحدة التي أوردتها «المستقبل» الى «المحافظة على المخيمات الفلسطينية وتحييدها باعتبارها عنوان قضية اللاجئين، العمل لمنع الفتنة المذهبية والحؤول من دون وقوع اقتتال فلسطيني لبناني أو فلسطيني فلسطيني، حماية الهوية الوطنية الفلسطينية من خلال التمسك بحق العودة ورفض مشاريع التوطين والتهجير والوطن البديل، دعم وحدة لبنان وأمنه واستقراره وتعزيز العلاقات اللبنانية الفلسطينية، دعم مقأومة الشعب الفلسطيني ضدّ العدو الصهيوني لأجل التحرير والعودة وتعزيز صموده من خلال حقوقه المدنية والاجتماعية».

أعلنت المبادرة في حفل توقيع بحضور كل من أمين سر فصائل منظمة التحرير في لبنان السيد فتحي أبو العردات والسفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور، وممثل حماس في لبنان السيد علي بركة وممثل الجهاد الإسلامي في لبنان السيد أبو عماد الرفاعي وعن تحالف القوى الإسلامية، الشيخ جمال خطاب وأبو الشريف عقل عن القوى الإسلامية وممثل عن أنصار اللهو حشد عن الفصائل الفلسطينية وأهالي المخيمات.

رغم غياب أي ممثل عن أطراف إسلامية أخرى موجودة في مخيم عين الحلوة أو جواره إلا أن حركة حماس من ناحيتها، وبلسان نائب المسؤول السياسي للحركة الدكتور أحمد عبد الهادي، طالبت وسائل الإعلام اللبنانية باعتبار المبادرة مرحلة جديدة في العلاقات الفلسطينية اللبنانية، فيما اعتبر الدكتور عبد الرحمن البزري رئيس بلدية صيدا الأسبق ان المبادرة هي وثيقة عمل فلسطينية ورسالة طمـأنة إيجابية للبنانيين.

كاتب وباحث فلسطيني مقيم في لبنان عضو الاتحاد العام للكتاب والصحافيين الفلسطينيين/فرع لبنان

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى