الفيفا… من جمعية غير ربحية إلى إمبراطورية تتحكم بالمليارات أوروبا تطالب بلاتر بالرحيل… وبوتين يشمّ رائحة المؤامرة

تلقى الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا ضربة موجعة على خلفية الاعتقالات والتحقيقات التي طاولت بعض الشخصيات النافذة فيه واتهامها بتبييض الأموال والحصول على رشى لمنح استضافة تنظيم كأس العالم 2018 لروسيا و2022 لقطر.

وكانت الشرطة السويسرية قد ألقت القبض على 7 مسؤولين بارزين في عالم كرة القدم لاتهامهم طبقاً لتحقيقات أميركية بالحصول على رشى. وتأتي هذه التحقيقات قبيل اجتماعات الجمعية العمومية الكونغرس للفيفا اليوم والتي تشهد الانتخابات حيث يسعى بلاتر إلى الفوز بولاية خامسة على التوالي في حين ينافسه نائبه الأردني الأمير علي بن الحسين.

إنكلترا تدعو بلاتر للرحيل

وفي التطوّرات المرافقة لهذه الفضيحة طالب جريك دايك، رئيس الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم، السويسري جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي للعبة بالتنحي عن منصبه. وقال دايك في تقرير نشره الاتحاد الإنكليزي للصحافة بموقعه على الإنترنت أمس: «سيب بلاتر عليه الرحيل، عليه أن يختار بين الرحيل عن طريق الاستقالة أو من خـلال التصويت ضدّه أو نبحث عن وسيلة ثالثة».

الصحف الألمانية: «ارحل»

وشكّلت الأحداث الأخيرة في عالم المستديرة الساحرة مادة رئيسية للصحافة الألمانية الصادرة أمس. وترى معظم الصحف الألمانية أن الوقت حان لاستئصال الفساد من الاتحاد الدولي لكرة القدم، وإعادة النظر في ملف تنظيم نهائيات كأس العالم في روسيا وقطر عامي 2018 و2022.

«دير تاغسشبيغل» تسخر: «مهما كان الثمن غالياً ربما تعويض مالي يقدّر بمليار دولار لروسيا وقطر- فينبغي للمرء أولاً وقبل أي شيء أن يحاول إعادة اختيار البلد المنظّم لبطولة العالم وسحب الثقة من قيادة الاتحاد الدولي لكرة القدم».

«فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ FAZ » تسلط الضوء على الفساد في رأس الفيفا: «مرة أخرى يتمسك الرئيس بدور البريء بعد موجة الاعتقالات التي شهدتها زيوريخ … لكن لا يهم إذا كان قد سمح لزملائه المشتبه فيهم بالفساد أو لم يتمكّن من إثنائهم عن ذلك. فبصفته رئيساً للاتحاد كانت مهمته تقتضي أن يخلص الاتحاد من شلة المسؤولين الفاسدين».

بلاتيني يطالب بالاستقالة

من جهة أخرى، طالب رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، الفرنسي ميشال بلاتيني بلاتر بالاستقالة، خلال اجتماع لرؤساء الاتحادات القارية عشية الانتخابات التي ستجرى في زيوريخ.

وقال بلاتيني: «طالبته بالاستقالة. كفى، كفى. بلاتر لقد أصغى إلي وقال إن الوقت متأخر»، داعياً إلى انتخاب منافس السويسري الوحيد الأردني الأمير علي بن الحسين. واعتبر بلاتيني أن «غالبية كبيرة من الاتحادات الوطنية الأوروبية ستصوت للأمير علي ودعا الاتحادات الأخرى للتصويت له»، معرباً عن اعتقاده «أنه بالإمكان هزيمة بلاتر».

وعبّر رئيس الاتحاد الأوروبي عن «غيظه وإصابته في الصميم» جراء الفساد المستشري في الاتحاد الدولي، مشيراً إلى أن «تغيير الرئيس هي الطريقة الوحيدة لتغيير الفيفا». وأكد بلاتيني أن بطولتي كأس العالم 2018 و2022، ستقامان في روسيا وقطر على التوالي، وأن ما من اعتراض أوروبي على هذا الموضوع.

روسيا تدعم الرئيس

وأكد رئيس الاتحاد الروسي لكرة القدم نيكولاي تولستيخ أن بلاده سوف تدعم الرئيس الحالي للاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» في انتخابات المؤسسة الكروية.

وقال تولستيخ لوسائل الإعلام المحلية إن «الاتحاد الروسي يعتزم دعم ترشيح بلاتر، باعتباره رئيس فعل الكثير من أجل عالم كرة القدم». وأوضح المسؤول الروسي أن بلاده لا تدعم تأجيل الانتخابات التي يتنافس فيها بلاتر إلى جانب الأمير الأردني علي بن الحسين على رغم الفضيحة.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أكد أن اعتقالات مسؤولين من الاتحاد الدولي لكرة القدم في زيوريخ تمثل محاولة لمنع إعادة انتخاب بلاتر وللحيلولة دون إقامة بطولة كأس العالم 2018 في روسيا.

وقال بوتين للصحافيين: «في رأيي، يجب أن تجرى غداً انتخابات رئاسة الفيفا، وثمة إمكان لإعادة انتخاب بلاتر نحن نعرف أيضاً أنه قد تمّت ممارسة ضغوط ضده لمنع إقامة مونديال 2018 في روسيا». وأضاف: «ليس لدي شك في أن هذه محاولة واضحة لعدم السماح بإعادة انتخاب بلاتر كرئيس للفيفا. هذا انتهاك صارخ لمبادئ عمل المنظمات الدولية».

آليات العمل

هذه الأحداث أو ما وصف بالزلزال يدفعنا إلى البحث في آليات عمل الاتحاد الدولي لكرة القدم والأسس التي يقوم عليها. فحسب القانون المدني السويسري، يعتبر الفيفا جمعية غير ربحية ملزمة بإعادة استثمار أرباحها واحتياطاتها من رأس المال في عالم كرة القدم، وخصوصاً في برامج الشباب والتنمية.

وبخلاف الشركات العادية الأخرى فإن الاتحاد لا يلتزم سوى دفع 4 في المئة من الضرائب على أرباحه الصافية. وتعتبر بطولة كأس العالم، التي تنظّم كل 4 سنوات أهم مصدر للدخل وهو ما حوّل المنظمة الكروية إلى مؤسسة عملاقة يقدر رأسمالها بالمليارات.

نموذج العمل

ويعتمد الاتحاد على أسلوب عمل واضح نسبياً، فهو يُلزم البلد المستضيف لبطولة كأس العالم بنفقات التنظيم. وإذا أراد هذا البلد الحصول على تعويضات إضافية من الفيفا عليه بداية أن يضمن له الإعفاء من الضرائب.

ووفقاً لتقديرات الخبراء فإن الفيفا حصل على إعفاءات ضريبية قدّرت بحوالى 250 مليون يورو خلال مونديال 2006 والمبلغ نفسه تقريباً حصل في كأس العالم 2010 وفي المونديال الأخير في البرازيل.

وبحسب هذا النظام يتم إنشاء مناطق شبيهة بالمناطق الحرّة المعفية من الضرائب في الدولة المحتضنة لبطولة كأس العالم يستفيد منها شركاء الفيفا، حيث يتمّ إعفاؤهم من الضرائب على الدخل وعلى المبيعات.

العائدات

وتعتبر عائدات بيع حقوق النقل التلفزيوني أهم مصدر للأموال داخل الفيفا ويتم مراقبة الالتزام بها بدقّة كبيرة.

وقد بلغت هذه العائدات في عام 2014 حوالى 742 مليون دولار. كما أن توزيع حق التسويق يضخّ في ميزانية الفيفا 465 مليون دولار أخرى. وبذلك تكون الإيرادات الإجمالية للفيفا من مونديال 2014 قد بلغت حوالى مليار وتسعمئة مليون دولار أميركي. أما صافي الأرباح فقدر بـ141 مليون دولار.

وقد ساهم ذلك في ارتفاع احتياطات المنظمة من رأس المال إلى مليار واثنين وخمسين مليون دولار.

أصل الفكرة

اعتبر مونديال 1974 الذي احتضنته ألمانيا نقطة تحوّل تاريخية في عمل الفيفا، حيث كانت تلك البطولة بداية تحوّل الهيئة المسؤولة عن كرة القدم إلى مؤسسة مالية كبيرة. ويعتبر الألماني هورست داسلر، ابن مؤسس شركة أديداس أدولف داسلر، أول من أدخل أشكال تسويق جديدة إلى الفيفا. فقد كان مدركاً للإمكانات الاقتصادية للاتحاد الدولي للعبة، وكان أول من جلب رعاة رسميين للفيفا.

واعتمدت خطته على ضم شركات عالمية إلى الاتحاد تكون قادرة على دفع الملايين مقابل الخدمات التي تحصل عليها، كأن تحتكر الإشهار الإعلانات ويسمح لها بالاستخدام الحصري لشعار كأس العالم بالإضافة إلى حصولها على حصص تذاكر مجانية عطفاً على خدمات أخرى. والشركاء الحاليون للفيفا هم شركة أديداس الرياضية وشركة كوكاكولا وطيران الإمارات وشركة سوني للإلكترونيات إضافة إلى شركة هيونداي للسيارات وشركة بطاقة الائتمان فيزا.

النفقات

وحسب قانون الجمعيات السويسري فإن الاتحاد الدولي لكرة القدم ينفق أيضاً الكثير من الأموال وبالخصوص في المشاريع التنموية والتي بلغ حجم الاستثمار فيها السنة الماضية حوالى 509 مليون دولار.

كما حصلت المنتخبات المشاركة في كأس العالم 2014 في البرازيل على مجموع 358 مليون دولار، فيما حصل بطل العالم المنتخب الألماني وحده على 35 مليون.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى