معركة أردوغان مع المحكمة الدستورية هل تنهي طموحه للرئاسة؟

حميدي العبد الله

اشتدّ الصراع بين رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وبين رئيس المحكمة الدستورية هاشم كيليتش، وتبادل الطرفان اتهامات حادة. وعلى رغم أنّ القضية المباشرة التي فجرت الصراع بين المحكمة الدستورية وأردوغان هي رفع الحظر الذي فرضه على «تويتر»، إلا أنّ الخبراء والمحللين ووسائل إعلام تركية عدة تؤكد أنّ جذر الخلاف الأساسي هو قلق أردوغان من احتمال أن يترشح رئيس المحكمة الدستورية هاشم كيليتش في السباق الرئاسي في شهر آب المقبل. وكيليتش يشكل نقطة تقاطع بين أطراف المعارضة، بل هناك من يعتقد أنّ شريحة من ناخبي حزب العدالة والتنمية معجبة بهذا الرجل الذي عيّنته حكومة حزب العدالة والتنمية في منصبه الحالي كرئيس للمحكمة الدستورية.

وقلق أردوغان لا يعبّر عن رفض أيّ شخص يشاركه السباق الرئاسي، ففي تركيا لا بدّ من أن يكون هناك أكثر من مرشح واحد للرئاسة، وسيرحب أردوغان بأيّ منافس يخوض السباق ولا يحوز على مؤهلات أو تأييد يمكنه من أن يتحوّل إلى منافس جدي يهدّد فرص وصوله إلى القصر الرئاسي.

إنّ قلق أردوغان من كيليتش ينبع من مصدرين أساسيين:

المصدر الأول، أنّ المعارضة نالت نسبة 54.5 في المئة من أصوات الناخبين الأتراك في الانتخابات البلدية الأخيرة، في حين نال حزب العدالة والتنمية 45.5 في المئة من أصوات الناخبين، وهذا يعني أنّ المعارضة تقدمت بـ 9 في المئة على حزب العدالة والتنمية، وتوزّعت أصوات المعارضة على أطرافها التي تجاوزت نقاط الحسم التي تحدّدها القوانين الانتخابية.

لكن من المعروف أنّ التعديلات الدستورية التي أجريت في عهد حكومات حزب العدالة والتنمية نقلت عملية انتخاب الرئيس من البرلمان إلى الشارع التركي، وهذا يعني أنّ أيّ مرشح قادر على نيل أصوات المعارضة كلها، فإنه سوف يتفوّق على مرشح حزب العدالة والتنمية، وهو رئيس الحكومة الحالي بفارق تسع نقاط إذا ما أخذ في الاعتبار نتائج الانتخابات البلدية، وتوزع أصوات المقترعين بين حزب العدالة والتنمية وقوى المعارضة.

المصدر الثاني، هاشم كيليتش رئيس المحكمة الدستورية الحالية مرشح محتمل للانتخابات الرئاسية، ويرجح أن يخوض السباق الرئاسي ضدّ رجب طيب أردوغان، وكيليتش يحظى بتأييد كلّ أطراف المعارضة، أو على الأقلّ غالبيتها، إذ من غير الواضح بعد ما هو موقف الحزبين الكرديين المعارضين اللذين خاضا الانتخابات البلدية، ولكن من المعروف أن الكتلة التجييرية الكردية تتراوح بين 4 و 5 في المئة، وبالتالي حتى لو صوّتت هذه الكتلة لمصلحة أردوغان، فإنّ احتمال تغلّب كيليتش عليه يظلّ احتمالاً قائماً، ولهذا فإنّ أردوغان قلق من احتمال ترشح كيليتش لمنافسته في انتخابات آب المقبل، ولهذا أيضاً بدأ حملة مكثفة للنيل من رئيس المحكمة الدستورية وتشويه سمعته وقطع الطريق عليه للترشح لمنافسته في انتخابات آب المقبل.

لكن كيليتش الذي يمثل شخصية مستقلة، والذي يرمز إلى الإصلاحات الدستورية التي أجريت في تركيا، والذي يدافع عن استقلال السلطة القضائية في وجه تسلّط أردوغان وحكومة حزب العدالة والتنمية، قد لا تؤثر الهجمات التي يشنّها أردوغان عليه سلباً، بل تقود إلى نتيجة عكسية، فهو يختلف عن أحزاب المعارضة التي لها سجل سلبي ثقيل يحول دون الالتفاف الواسع حولها، وبالتالي فإنّ فرص نجاح أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة فرص مشكوك بها بقوة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى