ماذا لو لم تتحرّر جرود عرسال؟
هتاف دهّام
لم تكد تهدأ الحرب الإعلامية التي شنها تيار المستقبل ضدّ حزب الله على خلفية مشاركته الى جانب الجيش السوري في تحرير القلمون من الإرهابيين، حتى بدأ بكيل التهم مجدّداً ضدّ «الحزب» الذي بدأ استعداداته لتطهير جرود عرسال من المسلحين تمهيداً لدخول الجيش البلدة.
لكن ماذا لو لم تتحرّر جرود عرسال؟ هل يمكن المجموعات التكفيرية الإرهابية التي يفوق عددها الـ 4000 أن تبقى راكدة من دون أن تقوم بحركة ما عندما يحين الأوان؟ لا سيما أنه بعد معركة تدمر باتت جرود عرسال تفيد المسلحين عسكرياً، مما يعني أنّ وجود هذه المجموعات الإرهابية من الممكن أن يشكل قنبلة موقوتة سيتمّ توظيفها في اتجاهين: الاراضي السورية ريف حمص – ريف دمشق، أو في الاتجاه المعاكس الزبداني الجولان والأراضي اللبنانية البقاعان الأوسط والغربي – طريق المصنع الذي كان يشكل امتداداً طبيعياً لجرود القلمون لا سيما أنّ الاتجاه العام في التطورات الميدانية في سورية هو اتجاه تصعيدي».
وتؤكد مصادر عسكرية لـ«البناء» أنّ ذلك من شأنه أن يعرّض لبنان الى خطر إرهابي مستمرّ مع تشكيل فرص جديدة للإرهابيين للوصول إلى المتوسط عبر طرابلس وتعويض الإخفاقات التي وقعوا بها العام الماضي وزعزعة الأمن الداخلي اللبناني، وتعريض البلدات اللبنانية لإطلاق الصواريخ، وتنفيذ عمليات انتحارية وتفجير سيارات. ولفتت إلى أنه من الممكن ان تُتخذ عرسال بمثابة البذرة التي تنمو لإعادة تكوين قواعد الارهابيين في القلمون وتهديد دمشق وخرقها باتجاه حمص – بيروت.
لذلك يبدو خطأ قاتلاً الاعتقاد أنّ المجموعات الإرهابية ستبقى مقتصرة على وضعيتها الراهنة في الجرود من دون القيام بعمليات عسكرية مباغتة أو من دون محاولة التمدّد داخل الأراضي اللبنانية، وعلينا أن نأخذ في الاعتبار التوغل الكبير للمجموعات الإرهابية داخل مخيمات النازحين لا سيما في القرعون وقب الياس والمرج وجب جنين، ومن المنطق أنّ ثمة خلايا نائمة كثيرة تنتظر إشارة التحرك في اللحظة المواتية المرتبطة بتفاقم الوضع في سورية.
وهنا تجدر الإشارة الى المجموعة الإرهابية التي تنتمي إلى «داعش» التي اعتقلها الجيش اللبناني منذ نحو أسبوع في الشويفات، ويعتقد بأنها انطلقت من المخيمات الفلسطينية في بيروت التي باتت تعجّ بـ«الأفغان العرب».
والسؤال هل يصحّ أمام ذلك أن يتمّ التعاطي مع مشكلة الجرود بوصفها مرضاً لا يريد صاحبه الاعتراف به، فتيار المستقبل يتعاطى مع المسلحين على قاعدة أنه يستفيد منهم في التوازنات الداخلية، وبالتالي فهو يفكر ويقارب الموضوع من زاوية وحيدة ألا وهي الحؤول دون الوصول الى انتصار حزب الله في جرود عرسال على غرار القلمون.
لكنّ هناك قراراً نهائياً عند قيادة حزب الله ولا رجوع عنه بإنهاء مشكلة جرود عرسال حتى لو استدعى الأمر حشداً شعبياً هائلاً، بدأت ملامحه بتحرك العشائر في بعلبك الهرمل الذين باتوا يعقدون اجتماعات شبه يومية وأعلنوا إنشاء لواء القلعة للمساهمة مع المقاومة في تحرير جرود عرسال من التكفيريين، والذي سيكون رأس حربة في العملية.
يركز حزب الله على معالجة الجرود. ويعتبر أنّ إنهاء هذه المشكلة يسهّل للجيش، الذي يقتصر دوره في الوقت الراهن على التمركز في الطرقات الرئيسية والمنافذ، الإمساك الفعلي في عرسال البلدة المحتلة من المسلحين، ما يؤدي الى كشف ظهر المجموعات الإرهابية، ويجعل قدرتها على المناورة محدودة، لا سيما أنّ الحزب يتجه الى حسم معركة الزبداني التي باتت مسألة وقت، فبعد معركة القلمون باتت الزبداني مطوّقة.
ولكن، تبقى العين على الخط الممتدّ من رأس بعلبك الى القاع حيث اتخذ الجيش إجراءات مشدّدة واستثنائية وقسّم المنطقة الى خطوط دفاع 1 و 2 و 3، بعد تعزيزها بالصواريخ والآليات وبطاريات المدفعية الثقيلة ونشر وحداته النخبة. وكان الجيش قد اتخذ هذه الإجراءات منذ نحو شهرين عندما بدأ بالتمركز على المرتفعات الاستراتيجية التي تمتدّ من جرد الفاكهة حتى القاع، فأهالي هذه المنطقة يعيشون حالة من الترقب.