الساعة أميركية و«جبهة النصرة» تنتظر انتخابات أردوغان
روزانا رمّال
تلتفت السفارات الأميركية في عواصم العالم بشكل عام الى أمن المواطنين الأميركيين وسلامتهم أينما حلوا، لكن للسفارات الأميركية في «الشرق الأوسط» عناية خاصة وسلوكاً خاصاً في التعاطي مع الأوضاع السياسية الخاصة بكلّ بلد، بين خصوصيات حيناً وتدخلات أميركية غالباً، نظراً إلى نفوذها الكبير في المنطقة، والأزمات التي تقف عند بابها مفاتيح حلولها أو تعقيدها، وبالتالي فإنّ السفارات الأميركية في «الشرق الأوسط» غالباً ما تكون محور السياسات الخارجية الأميركية في المنطقة الأكثر استراتيجية بالنسبة إلى واشنطن وحلفائها في الوقت نفسه.
لهذه الأسباب فإنّ سفراء الولايات المتحدة العاملين في الشرق هم من أكثر السفراء كفاءة، ولذلك نراهم يتولّون مناصب أرفع في بلادهم لدى انتهاء مهماتهم في البلاد التي يخدمون فيها، وبينهم عدد كبير ممّن عيّنوا مساعدين لوزراء خارجية أميركيين، أو تسلّموا مناصب أممية.
في لبنان حيث التدخلات والتوصيات مفتوحة من قبل السفارات جميعها في الشؤون السياسية والحياتية للبنانيين، تلعب السفارة الأميركية دوراً بارزاً في كشف أجواء المعطيات الدولية والإقليمية في أيّ ملف يعني لبنان مباشرة، حيث ينتظر اللبنانيون ايّ إشارة من السفارة الأميركية او ايّ حدث يمكّنهم من استشراف المرحلة.
اليوم حيث العيون جميعها على جبال القلمون سورياً ولبنانياً وإقليمياً بطبيعة الحال، تتجه الأنظار من الجهة اللبنانية الى عرسال والى ما يمكن ان تؤؤل اليه الأمور هناك، والأسئلة عن موعد وقوع المعركة؟
لا أحد يسأل هل ستندلع المعارك؟ او يقول ان ليس هناك معارك في تلك المنطقة، لأنّ التجربة مع الإرهاب لم تثبت يوماً انها تحلّ سلمياً، وللجيش اللبناني عدة معارك بطولية في هذا الإطار أثبتت ذلك، أبرزها معارك نهر البارد، وصيدا ـ عبرا، ومؤخراً طرابلس، حيث ساهمت بعض الأيادي الخفية الظاهرة بمساعدة بعضهم على الفرار وبمقتل القسم الآخر على يد الجيش والقوى الأمنية.
وفي هذا الإطار تلفت السفارة الأميركية عناية مواطنيها سكان لبنان والرعايا الذين ينوون زيارة هذا البلد الى عدم زيارته حالياً بسبب التوترات الأمنية فيه، خصوصاً في عرسال، في مشهد يؤكد على خصوصية المعركة وترقبها بالنسبة للأميركي الذي حدّد جهة الخطر المحدقة بالبلاد، ليؤكد على مصيرية المعركة وتداعياتها المحتملة بالنسبة للبنان، ما يؤكد على دقة المرحلة والمسؤولية الأميركية الرسمية تجاه رعاياها… مؤخراً وعلى سبيل المثال بعثت مثل هذه التحذيرات الأميركية الى الرياض قبل اندلاع الحرب مع اليمن، إذ حذرت القنصلية الأميركية بشكل مريب رعاياها من زيارة المملكة ما استدعى تساؤلات حينها تبيّن بعدها انها نتيجة المخاطر التي سبّبتها الحرب التي لا تزال مستمرة حتى الساعة على اليمن.
من جهة أخرى تسلّم الجيش اللبناني امس كمية من الصواريخ من نوع «تاو 2» الأميركية المضادة للدروع – ايّ الدبابات والعربات المدرّعة – مع قواعد الإطلاق الخاصة بها، فى إطار المساعدات الأميركية للجيش اللبناني في حضور عدد من ضباط الجيش اللبنانى وضباط من مكتب التعاون الدفاعي الأميركي فى لبنان، ليلتقي على اثرها قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي برئيس مكتب التعاون الدفاعي الأميركي العقيد ريتشارد كويرك، حيث بحثا برنامج المساعدات الأميركية المقرّرة للجيش.
هذا السلاح المقدّم الى لبنان بساعة توقيت أميركية هو السلاح المقرّر استخدامه في المعارك المقبلة على البلاد، وتحديداً في عرسال وجرودها، حيث يكاد يكون قد وصل بالزمان المناسب المقرّر له سلفاً أن يسلك طريقه من أجل استخدامه في هذه المعارك التي لا يبدو الأميركي فيها حريصاً على اللبنانيين ومصيرهم، بل شريك في توريط الجيش في معارك فرضتها تحالفاته ضمن المشهد الجديد الذي تسعى واشنطن إلى ان تبت فيه قبل 30 حزيران موعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران.
عسكرياً فإنّ المجموعات الإرهابية القابعة في عرسال محاصرة حالياً من قبل الجيش اللبناني من جهة، وحزب الله والجيش السوري من جهة اخرى، ولهذا السبب خطتها الوحيدة ستكون سيطرتها على عرسال البلدة، لكن المشهد المبهم اليوم سيصبح أكثر وضوحاً بعد أقلّ من أسبوع، حيث يؤكد مصدر سياسي مطلع لـ«البناء» إنه «لن تكون هناك معركة كبيرة من اليوم حتى 7 حزيران بل ستكون على شكل مناوشات، وذلك بسبب الاستحقاق الانتخابي في تركيا حيث من المتوقع ان يكون الحديث بعد الانتخابات التركية هو حديث جدي ومن نوع آخر، نظراً إلى ارتباط «جبهة النصرة» ومصيرها بحكم حزب العدالة والتنمية حالياً، وأجهزة الاستخبارات التركية المرتبطة، وبالتالي فإنّ مصير أردوغان ونتائج الانتخابات البرلمانية التي ستحسم وضعه في الداخل ستحسم أيضاً مشهد المعارك التي خاضتها «جبهة النصرة» وكالة عن تركيا.
ويضيف المصدر «حتى انّ حلف المقاومة: إيران سورية حزب الله، يدرك جيداً أنّ المعركة مع «النصرة» بوضع تركي داخلي جديد ومختلف يعني أيضاً معركة في وجه مختلف، خصوصاً على سبيل المثال إذا دخل الأكراد بقوة إلى البرلمان التركي، وانخفضت إمكانية ان يتصدّر حزب العدالة والتنمية المقاعد ليشكل حكومة قوية من لون واحد.