«خان أسعد باشا» في دمشق يستضيف مهرجان «مقاومون»

انطلقت في «خان أسعد باشا» ـ دمشق القديمة، فعاليات مهرجان الثقافة والفن المقاومَين، تحت عنوان «مقاومون»، الذي تقيمه المستشارية الثقافية لسفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في سورية، بالتعاون مع «جمعية الصداقة الإيرانية ـ الفلسطينية»، و«بصمة شباب سورية»، لمناسبة حلول الذكرى السادسة والعشرين لرحيل الإمام الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

تضمّن المهرجان معرضاً للكتاب بمشاركة اتحاد الكتّاب العرب ودور نشر لبنانية، ومعرضاً فنياً بمشاركة فنانين سوريين وفلسطينيين وإيرانيين، ضمّ لوحات تشكيلية ولوحات كاريكاتور وصوراً ضوئية ومعرضاً للصناعات اليدوية.

واعتبر المستشار الثقافي الإيراني في السفارة الايرانية في دمشق أنور حبيبي خلال كلمة ألقاها في افتتاح المهرجان، أن هذه الفعالية التي تقام في دمشق ـ أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ ـ تهدف إلى استعادة ذكرى الإمام الخميني الذي أحيا الكرامة الإنسانية ومنحها معنى وروحاً جديدين، نهلهما من تعاليم الأديان السماوية ومن الصلاح والسلام ضد الاستكبار والاستبداد العالمي وقهر الشعوب.

وقال حبيبي إن الصمود الذي أظهره الشعب والدولة في سورية أمام الحرب الكونية الشرسة منذ أكثر من أربع سنوات، لم يكن بالأمر العسير عليهم، لأنهم أصحاب المقاومة ويمثّلون الصمود الذي يتجلى فيهم. مشيراً إلى أن ثقافة المقاومة لا تشمل الدفاع عن الأرض فحسب، بل هي ثقافة للحياة والعيش الكريم ورفض الاستبداد والظلم والتمسك بالوحدة واحترام حقوق الآخرين.

ولفت حبيبي إلى أن سورية كانت دائماً نموذجاً للتعايش السلمي على مستوى العالم، وأن ما تواجهه اليوم سببه الفكر الاستبدادي العالمي الذي يريد الموت والمذلة للشعوب، وصولاً إلى تحقيق هدف حَمَلته في محو رسالة الإسلام وإنسانية الإنسان. داعياً إلى الوقوف بحزم في وجه هذا التوحش والتخريب، وعدم التقاعس وترك المسؤولية تلقى على عاتق الجيوش الوطنية وحركات المقاومة وحدها، ونشر فكر المقاومة، لا سيما أن أعداءنا ينشرون فكرهم الظلامي في عقول شبابنا لإبعادهم عن عدونا الحقيقي الذي يستهدفنا تاريخاً وحضارة ووجوداً.

وفي كلمة المقاومة الوطنية اللبنانية، قال الشيخ علي دعموش إن المقاومة كانت حصيلة الثقافة ونتاج انتمائنا الحضاري والفكري، لتثبت نفسها كظاهرة حضارية وعلمية وثقافية استطاعت أن تحقق الانتصار. مضيفاً أن هذا المهرجان يعبّر عن خيار المقاومة بالصورة والرسم والإعلام والأدب.

وقال دعموش إن التصدي للإرهاب يجب أن يحتل الأولوية في أي عمل مقاوم لأن هذا الفكر خطر على الجميع وعلى كل مكونات المنطقة بلا استثناء، بمن فيهم من يقف وراءه من أنظمة عربية وإقليمية عدا الاحتلال «الاسرائيلي» الذي يبدي قدراً من المرونة والتنسيق مع الجماعات الإرهابية التي تعيث في المنطقة قتلاً. مؤكداً أن الخيار الوحيد أمام شعوب المنطقة للتصدي لهذا المشروع الظلامي أن تعتمد على قدراتها الذاتية وأن تتّحد في ما بينها وأن تثق بقدارتها.

ورأى أن من جعل سورية تصمد في وجه أعتى حرب كونية تواجهها، جيشها واحتضانه من قبل الشعب، معتبراً أن التصدي للجماعات الإرهابية التي تجابهها سورية ودول أخرى في المنطقة، واجب أخلاقي وإنساني، لأن هذه الجماعات عبارة عن مجموعة من القتلة والمجرمين، وأدوات «إسرائيلية» وأميركية لتخريب بلداننا وتمزيق شعوبنا.

أما عبد الكريم الشرقي، رئيس «جمعية الصداقة الإيرانية ـ الفلسطينية» فقال إن العلاقة السورية ـ الإيرانية أنتجت صموداً ثورياً أفشل كل المؤامرات وأنتج الانتصارات التي حققتها المقاومة في لبنان وفي فلسطين.

ورأى الشرقي أن ما تتعرض له سورية من حرب كونية سببه وجودها في محور المقاومة. مشيراً إلى السلوك الخاطئ لدى بعض القيادات الفلسطينية إزاء ما تتعرض له سورية وأيضاً اليمن، وإلى أن الفلسطينيين لا يمكنهم أن يحرروا القدس إلا إذا كانوا ضمن محور المقاومة. وأن هذه الأصوات التي تخرج لا تمثل حقيقة الشعب الفلسطيني.

وأوضح أنس محمد يونس، رئيس مجلس الأمناء في مؤسسة «بصمة شباب سورية»، أن دور المؤسسة في الفعالية ينبثق من حقيقة الشباب السوري كفئة متعلمة واعية مسؤولة ومقاوِمة من خلال ما يقومون به في مختلف المجالات دفاعاً عن الوطن وتعبيراً عن إيمانهم بفكر المقاومة وبحقيقة النصر المؤكدة.

وقدّمت بعد ذلك فرقة «آرام» المسرحية عرضاً غنائياً وتمثيلياً راقصاً بعنوان «سيف الحق»، تغنّى المشاركون فيه بتاريخ دمشق الزاهي وبالتلاحم السوري ـ الفلسطيني ـ اللبناني الذي تجلى في مناسبات عدّة دفاعاً عن الأرض. بمصاحبة شخصية الحكواتي التي كانت تروي فصولاً من التاريخ السوري.

وتضمن المعرض الفني نحو 88 عملاً، وتنوّعت الأعمال بين الرسم التعبيري والبانورامي والكاريكاتيري، قدم المشاركون فيه من سورية وفلسطين وإيران فناً يتماهى مع المقاومة وروحها المتجسدة في رموزنا الوطنية والإنسانية.

وعن مشاركته في المعرض قال التشكيلي عبد المعطي أبو زيد، رئيس اتحاد التشكيليين الفلسطينيين، إن اللوحة كانت دائماً رديفة الكفاح الفلسطيني والمرآة العاكسة والمتفاعلة مع كل نضالات الشعب الفلسطيني. والفنان التشكيلي حينما يلتقط بريشته صوراً من واقعه، فإنه لا ينقلها بحرفيتها، إنما يعطيها الانطباع العاطفي الفردي لدى الإنسان. مشيراً إلى أن مشاركة الفنانين الفلسطينيين في الفعاليات الفنية المقامة في سورية تأتي انطلاقاً من قناعتهم بأن ما يتعرض له هذا البلد شأن وطنيّ فلسطينيّ، وأن نصر سورية على هذه المؤامرة مقدّمة لتحرير فلسطين.

كما خُصّص في المهرجان جناح للحِرف اليدوية المصنوعة من مواد تالفة، إذ تحدّثت الفنانة ازدهار يونس عن مشاركتها موضحة أن غالبية المواد مصنوعة من الزجاج المكسور بسبب الاعتداءات الإرهابية، في رسالة واضحة مفادها أننا نصنع من آلامنا حياة جديدة. إضافة إلى فخاريات لُوّنت بالعلم السوري، ومفاتيح عليها العلم الفلسطيني رمزاً للعودة.

يشار إلى أن المهرجان مستمر حتّة يوم غد الأربعاء.

أدب المقاومة

وضمن فعاليات المهرجان الثقافة، أقيمت ظهر أمس ندوة أدبية وشعرية بعنوان «أدب المقاومة» شارك فيها مجموعة من الشعراء والأدباء السوريين والفلسطينيين والإيرانيين وذلك في «خان أسعد باشا» في دمشق.

وألقى الشاعر الدكتور نزار بني المرجة مجموعة من قصائده الوطنية التي حيّا من خلالها شهداء المقاومة في كل مكان، سواء كانوا في لبنان أو فلسطين أو سورية. موجّهاً التحية لأرواحهم الطاهرة، واستخدم موسيقى التفعيلة التي أراد لها أن تكون متوازية مع عاطفته وألفاظه العفوية التي كوّنت نسيج القصيدة بأسلوب سهل ممتع يصل إلى ذائقة المتلقي. إذ قال في قصيدته «قانا»:

قان دمك قان دمي ودماء

قانا… قانية … أشلاؤنا

شكل جديد للحياة

هم عابرون

هم زائلون

ونحن روح باقية

أما الشاعر الفلسطيني صالح هواري، فوجد أن غزة هي مدينة الجلال والتقدير وتستحق التضحية والفداء لأنها جزء من الوطن المحتل، وذلك عبر أسلوبه الرمزي وتفعيلاته الموشاة بالإيحاءات والرموز كقوله في قصيدة «تبارك شعبي في غزة»:

يا رصاص الجبانَ اليهوديَّ طارد

كم تشتهي ضحكة الورد

في فمي كل صغير بريء

سيأتي عليك ظلام رديء رديء

وقدّم الأديب حسن حميد بحثاً أدبياً في أدب المقاومة الفلسطينية سلّط خلاله الضوء على جوانب نضالية كثيرة في حياة الفلسطينيين وأدبهم، معتبراً أن الكلمة في مكوّناتها الأدبية هي في مكان مهم، وقد تفعل كرصاص في أي مجال قتالي، ولولا ذلك لما استشهد نفر من أهم أدباء فلسطين كغسان كنفاني وماجد أبو شرار وغيرهما.

وعن الأدب الإيراني المقاوم قدّم الأديب الدكتور محمد خاقاني بحثاً رأى فيه أن هناك أدباء إيرانيين كثيرين صوّروا المقاومة ضدّ الظلم وضدّ الكيان الصهيوني بأشكال أدبية وفكرية. مشيراً إلى أن النتاج الأدبي في إيران حفل بإنجازات مهمة كثيرة ترسّخ ثقافة المقاومة وأدبها.

أما الناقد الدكتور نضال الصالح، فسلّط الضوء في مداخلته على ملامح الأدب الفلسطيني المقاوم، بأسلوب منهجي ومترابط وذي نزعة أدبية تذهب إلى التحليل المنطقي لدى الأدباء وسلوكهم الأدبي والثقافي.

وعن رأيه بالأمسية، أشار رئيس اللجنة الثقافية في «جمعية الصداقة الفلسطينية ـ الإيرانية» عمر جمعة إلى أهمية الحفاظ على ثقافة المقاومة لأنها أصبحت ضرورة ملحّة بسبب ما تتعرض له فلسطين وسورية وكل دول الممانعة من مؤامرات تحاك ضدها. مشيراً إلى أهمية الكلمة التي دفع ثمنها أدباء فلسطينيون كثيرون، إذ كان الشعر الفلسطيني صورة حقيقية لنضال الشعب الفلسطيني.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى