السعودية… الانقلاب السلماني لم ينته بعد!
د.نسيب حطيط
بدأ الملك سلمان عهده بالانقلاب بعد وفاة الملك عبدالله وأطاح بالأمير متعب والطاقم المؤيد له وعين شقيقه الأمير مقرن ولياً للعهد والأمير محمد بن نايف ولياً لولي العهد ومع انتهاء «المئة يوم» نفذ الانقلاب الثاني، فأطاح بالأمير مقرن والأمير سعود الفيصل بعد أن كان وزيراً للخارجية لأربعين سنةً وعين محمد بن نايف ولياً للعهد وولده محمد ولياً لولي العهد بالتزامن مع إبعاد الحرس الوطني وزجه في العدوان على اليمن للتخلص منه داخلياً، لكن التيار الانقلابي لم يتوقف فالمرحلة الثالثة تقتضي الإطاحة بولي العهد محمد بن نايف وتقدم محمد بن سلمان إلى مرتبة ولاية العهد للبدء بتأسيس المملكة «السلمانية»، بدلاً من السعودية في استنساخ لدور المؤسس ووفق المنهجية ذات المعتمدة على الغزو عبر «الإخوان الوهابية» الذين غزوا الكويت والعراق وصولاً إلى أسوار دمشق عام 1810م التي انهزموا أمامها ويعيد الملك سلمان الغزو والانقلاب مرة ثانية، كما انقلب الملك عبد العزيز على الأمير عبدالله بن جلوي بعد قتل عجلان حاكم الرياض فقتله بن جلوي وأخذ الحكم عبد العزيز.
إن المرحلة الثالثة من الانقلاب قد بدأت بالعمليات الانتحارية التي تنفذها «داعش» ضد المواطنين السعوديين في القطيف وغيرها لإضعاف ولي العهد محمد بن نايف وإظهاره إما متواطئاً مع «داعش» أو ضعيفاً في محاربته للقاعدة والتي تمثل ورقته الأقوى عند الإدارة الأميركية والمراهنة عليه في الداخل السعودي وإذا نجح محمد بن سلمان وبندر بن سلطان تقاطع المصالح ، فإن بندر الراعي الرسمي للجماعات التكفيرية سيكمل توجيه اللكمات الانتحارية واغتيال عناصر الشرطة وتهديد موسم الحج المقبل، ما يفسح المجال ويعطي المبرر لآل سلمان للإنقضاض على محمد بن نايف وإقالته من ولاية العهد، ليحل مكانه محمد بن سلمان في تكرار للسيناريو القطري مع الأمير حمد بن خليفة وولده الأمير تميم وبرضى أميركي أو تكراراً لما حصل مع الملك سعود بن عبد العزيز، عندما انقلب عليه الملك فيصل بن عبد العزيز واستصدر قراراً من مفتي المملكة بعد اجتماع العلماء والأمراء الذين اتخذوا قراراً بنقل سلطات الملك سعود إلى نائبه الملك فيصل بسبب عجزه الصحي والمعروف أن الملك سلمان يعاني من الزهايمر.
لقد أغرق الملك سلمان خلال أشهر عدة من توليه الحكم بالمشاكل الداخلية والخارجية عبر قرارات عصفت بالمملكة وفق التالي:
الانقلاب المتدحرج داخل العائلة المالكة وبشكل قاس ومتسرع لم تعهده العائلة خلال تاريخها السلطوي والمتناحر.
إقحام المملكة بما سمي عدوان عاصفة الحزام التي عصفت بالمملكة عسكرياً واقتصادياً وسياسياً حيث انكشفت العورة السعودية بزعامتها للعالم الإسلامي السني ، فوجدت نفسها وحيدة في المستنقع اليمني وبدل أن تدخل برياً إلى اليمن تجاوز اليمنيون الحدود المفترضة لتحرير أراضيهم المحتلة في نجران وعسير وميزان وانكشفت هشاشة الجيش السعودي والمنظومة العسكرية السعودية.
الفتنة المذهبية عبر تفجيرات المنطقة الشرقية ضد الشيعة واعتراف السعوديين بوجود «داعش» الكبير والمنتشر في كل السعودية التي قسمتها داعش إلى خمس مناطق عسكرية، ما يؤشر إلى ضخامة أعداد التكفيريين وتغلغلهم في الجيش والإدارة بشكل خطر على العائلة المالكة والتي لن تستطيع تقييد حركة التكفيريين الذين رعتهم ومولتهم.
في الأساطير الشعبية، المشعوذون دينياً يقولون بقدرتهم على جمع «الجن» وتسخيره لحل المشاكل وإن أخطأ المشعوذ أو أغضب «الجن» فإنه لا يستطيع تفريقهم وإعادتهم إلى أماكنهم، فينقضوا عليه ضرباً وتأديباً فيقضوا عليه أو يصيبوه بالجنون… والظاهر أن السعودية جمعت الجن التكفيري ولن تستطيع تفريقه أو إعادته إلى أماكنه وسيبدأ الضرب بها أو إصابتها بالجنون والانفعال والارتباك.
هل تؤدي «السلمانية» المتهورة إلى دفع السعودية نحو الفوضى والتفكك على طريق السقوط لشرب كأس التقسيم الذي تساهم السعودية في إسقائه للعراق وسورية وليبيا واليمن وغيرها؟
هل بدأ الربيع العربي الأسود يزهر في السعودية بسيارات مفخخة وانتحاريين كما فعلت السعودية بسورية والعراق ولبنان وتفعله الآن في اليمن؟
دعاؤنا للشعب السعودي بالخير وأن يستيقظ حكامه من غرورهم وطموحاتهم وأضغاث أحلامهم فينقذوا أنفسهم وما تبقى من العالم العربي أو فليهاجروا مع أموالهم وإمائهم وجواريهم إلى من يحبون في أميركا وأوروبا!
الحرمان الشريفان بحماية الله سبحانه. وسيغلب خدمه الحقيقيون من المؤمنين الخدم المزيف عاجلاً أم آجلاً.
سياسي لبناني