الانهيار السريع لـ«النصرة» في الجرود يسابق وضع العسكريين وعرسال بري متمسك بالثلثين… وماراتون التعيينات يبدأ مع بصبوص

كتب المحرر السياسي

بعد سبعين يوماً من حرب مجنونة بلا أهداف، ولا خريطة طريق للنصر أو للتراجع، خاضتها السعودية على اليمن بوهم سيطر على عاصفتها التي رست عليها تسمية عاصفة الوهم، بعد سقوط حزمها في وحول الفشل، انطلقت عجلة الحلول السياسية لوقف الحرب، لتقف في يومها الثمانين مع وضع نداء متفق عليه مسبقاً يصدر عن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لهدنة إنسانية تتحوّل مع إقرار بنود الاتفاق التي صارت شبه منجزة، إلى وقف شامل لإطلاق النار.

الاتفاق الذي سيوقف الحرب ويفك الحصار وينهي كلّ أشكال الحضور العسكري للسعودية في التدخل في الشؤون اليمنية، سيتضمن استقالة منصور هادي وتسلّم نائبه خالد بحاح مهام الرئاسة الموقتة، وتشكيل حكومة توافقية يملك فيها الحوثيون حق الفيتو، ويتمثلون بثلث أعضائها، ومع حلفائهم يملكون نصفها، وتتشكل قيادة للجيش بالتوافق تتولى إعادة توحيد قواه، وتسلّم له أسلحته التي وضعت كلّ الأطراف أيديها على بعضها، ويتراجع الجميع من المدن والطرق الرئيسية ليتولى الجيش مهام الأمن، على أن تتولى الحكومة الموقتة التحضير لانتخابات رئاسية وبرلمانية خلال عام. والاتفاق بنصوصه هو أقرب ما يكون إلى الإعلان الدستوري الذي أطلقه الحوثيون يوم استقالة منصور هادي، قبل أن يتراجع عنها بطلب سعودي تمهيداً للحرب.

تزامنت المعلومات الواردة حول التطورات اليمنية المرتقبة، مع إشارات تربط التراجع السعودي بإدراك الطريق المسدود للحرب من جهة، وقرب توقيع التفاهم النووي الإيراني من جهة أخرى، لتتحوّل إلى رسائل ودّية نحو إيران كما وصفها مصدر متابع، لتكتمل هذه الرسائل الودية نحو إيران بما جرى التداول فيه لبنانياً من تخلّ سعودي عن الفيتو على العماد ميشال عون كان أحد أسباب مبادرة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لزيارة الرابية بصورة مفاجئة، والإعلان عن مواقف ودية وإيجابية تجاهه وتجاه طروحاته.

المصدر رأى في الرسائل السعودية كفرضية متداولة، محاولة سعودية استباقية لثني إيران عن الإقدام على توفير دعم نوعي حاسم لسورية وقيل إن طلائعه وصلت، بصورة تهدّد ما نجح التحالف التركي السعودي في الجغرافيا السورية خلال الشهرين الفائتين، ما جعل الحركة السعودية عرضاً ضمنياً للمقايضة مع إيران عنوانها، خذوا مكاسب في اليمن ولبنان ودعوا لنا رسم مصير سورية.

الموقف الإيراني الذي دخل حيّز تنفيذ خطواته الداعمة لسورية على مختلف المستويات، صار حاسماً في النظر إلى سورية أكثر من أيّ وقت مضى، حيث الخطاب الإيراني واحد على كلّ المستويات، سنقف مع سورية حتى النهاية، ولن يشغلنا الملف النووي أو يغرينا بالتلكؤ عن تقديم أيّ دعم تحتاجه سورية.

وفي سورية حيث يترجم قرار الدعم الإيراني ويتواصل تنسيق الحلفاء بمن فيهم روسيا، وعلى الحدود مع لبنان سجلت المقاومة تغييراً كبيراً في الخريطة العسكرية، بحسم السيطرة على الجزء الأهمّ من جرود عرسال تمهيداً لعزل بلدة عرسال عن جرود فليطا من جهة وبلدة عرسال من جهة مقابلة، ما يجعل مصير القوة المقاتلة لـ«جبهة النصرة» التي تنهار تحت الضربات الواثقة للمقاومة والجيش السوري، أمام سباق مع الإسراع في إنهاء قضية العسكريين، وعدم المراهنة على لعب ورقة عرسال، وتفجير أزمة لبنانية داخلية، لأنّ الجيش اللبناني سيكون معنياً حكماً ومن مواقعه التي ينتشر فيها، بالتعامل مع أي تحرك لـ«النصرة» داخل عرسال أو عبرها.

سياسياً فشل رئاسي جديد وجلسة جديدة وتثبيت التمسك بنصاب الثلثين من رئيس المجلس النيابي أمام لجنة نواب بكركي التي حملت مقترح نصاب النصف زائداً واحداً، بينما تدخل الحكومة ماراتون التعيينات مع بلوغ مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص سن التقاعد.جلسة الانتخاب إلى 24 حزيران

للمرة الثالثة والعشرين يفشل المجلس النيابي في انتخاب رئيس جديد، وذلك لانعدام النصاب بسبب عدم التوافق على مرشح مقبول من الجميع، وأرجأ رئيس مجلس النواب نبيه بري مجدداً الجلسة إلى 24 حزيران الجاري.

وخلال استقباله اللجنة المنبثقة من اللقاء النيابي في بكركي والتي كانت قد لوحت باعتماد نصاب النصف زائداً واحداً لانتخاب الرئيس، أكد بري أنه «متمسك بموقفه أن الثلثين هو نصاب الحضور في كل دورات الاقتراع في مجلس النواب وفقاً للمادة 4 من الدستور، مشيراً إلى «أنه عندما كان وزيراً للعدل أصدر مذكرة تفيد أن النصاب لجلسة انتخاب الرئيس يجب أن يكون الثلثين في مطلق الأحوال».

من جهة أخرى، أبدى بري خلال لقاء الأربعاء النيابي قلقه من المناورات التي قام بها العدو «الإسرائيلي»، مبدياً خشيته من توقيت هذه المناورات «الذي يخفي نيات عدوانية إسرائيلية ترتبط بتطورات الوضع في سورية، إذ أن ما يحدث في سورية هو إطباق على حدودها كافة».

مجلس الوزراء يبحث اليوم التعيينات وعرسال

ووسط الأجواء الحكومية الملبدة، يجتمع مجلس الوزراء اليوم لمتابعة البحث في ملف التعيينات الأمنية وقضية عرسال.

ونفى وزير التربية الياس بو صعب أن يكون اليوم يوم بدء العطلة الحكومية، مشيراً إلى أن الأمر يتوقف على إدارة رئيس الحكومة تمام سلام للجلسة شرط أن تكون التعيينات البند الأول حتى لو احتاج الأمر إلى 10 جلسات».

وفي حين يبلغ مدير عام قوى الأمن الداخلي الحالي اللواء إبراهيم بصبوص سن التقاعد، أكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«البناء» «أن لا شيء تغيّر في ملف التعيينات الأمنية والمواقف ما زالت على حالها والجميع يلعب بالنار»، مستبعداً أن يطرح وزير الداخلية نهاد المشنوق في جلسة اليوم أسماء مرشحين لمنصب مدير عام قوى الأمن الداخلي، مشيراً إلى انه حتى لو طرح أسماء فلن تأخذ النصاب اللازم، مرجحاً تكرار ما حصل عند بلوغ اللواء أشرف ريفي سن التقاعد القانوني وتعيين اللواء روجيه سالم الضابط الأقدم رتبة بحسب التراتبية العسكرية في سلك قوى الأمن الداخلي بالوكالة».

واستبعد درباس حصول استقالات لوزراء التيار الوطني الحر، مؤكداً أن «جميع الأطراف متمسكة بالحكومة فيما هناك فريق يتمسك بالحكومة من جهة ويهدد بالاعتكاف أو الاستقالة من جهة أخرى».

وأكدت مصادر وزارية أن «قضية عرسال وجرودها ستبحث في جلسة اليوم لكن الموضوع لا يزال في دائرة الخلاف، وتساءلت المصادر إذا كان حزب الله قد سيطر على الجرود والجيش اللبناني دخل إليها ما يعني أن القضية انتهت ولم تعد بحاجة إلى نقاش في الجلسة».

وتساءلت أيضاً: «كيف لدولة مهددة من التنظيمات الإرهابية وفي جوارها مناطق تتهاوى في قبضة تنظيم داعش ويمكن أن تأتي إلى لبنان وتقتل المواطنين وتذبحهم وتشردهم فيما لا توجد مواقف موحدة في لبنان».

وقال رئيس الحكومة تمام سلام في دردشة مع الإعلاميين في السعودية تعليقاً على التعيينات الأمنية: «نتفهم حصول خلاف كبير في شأن قضية وطنية ولكن من غير المألوف أن تتعرض حكومة للشلل من أجل موظف».

سلام يبحث قضية اللبنانيين في السعودية

وعلى صعيد زيارة سلام برفقة وفدٍ وزاري إلى السعودية، أكدت مصادر مطلعة أن «للزيارة عدة أهداف أبرزها تهنئة ولي العهد محمد بن نايف والإطلاع على دعم الجيش وتسليحه من خلال هبات المليارات السعودية حيث يرافق سلام الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير، كما لها علاقة بالانتقادات التي تعرضت لها السعودية بعد عدوانها على اليمن إضافة إلى بحث قضية اللبنانيين العاملين في السعودية، وأشارت المصادر إلى أن سلام يبذل جهوداً كبيرة من خلال الزيارة لعدم ترحيل اللبنانيين، لافتة إلى أن سلام يلعب في هذه المرحلة العصيبة التي يمر بها لبنان دور الاطفائي وصمام الأمان لعدم أخذ الوضع إلى الهاوية».

اللقاء يحصن الموقف المسيحي

في غضون ذلك، بقي اللقاء الذي جمع رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد عون ورئيس حزب «القوات» اللبنانية سمير جعجع أول من أمس في الرابية محور اهتمام الأوساط السياسية.

في السياق نقل زوار الرئيس بري عنه لـ«البناء» ارتياحه للقاء، آملاً أن يمهد لتفاهم مسيحي مسيحي في ما يتعلق برئاسة الجمهورية».

وأكدت مصادر مطلعة على اللقاء أن «اجتماع الجانبين اللذين يمثلان القوتين الرئيسيتين على الساحة المسيحية هو حاجة ماسة مسيحية ووطنية، مستغرباً ما ورد في الصحف حول هذا اللقاء الذي لم يلامس جوهر اللقاء الذي تمتع بطاقة استراتيجية هائلة لا يراها البعض أو لا يحب أن يراها ويحاول تصويره أنه لقاء محصور في الشكل».

وأشارت إلى أن هذا «اللقاء متن الطاقة المسيحية الكبرى لكي تطلق طروحات استراتيجية في لعبة النظام اللبناني أهمها فرض المناصفة الفعلية بين المسيحيين والمسلمين في الدولة وتكريس انتخاب رئيس الجمهورية القوي واللامركزية الإدارية وبعض اللامركزية المالية وهذه حقوق للمسيحيين».

ولفتت إلى أن «هذه الطروحات تحظى بتأييد 85 في المئة من المسيحيين وإذا قرر الأطراف الآخرون تجاوزهم كما تم تجاوزهم في العام 2005 فإن البلد سيبقى بحالة عدم استقرار وسيبقى المسيحيون طاقة للسعي نحو المطالبة بحقوقهم».

واعتبرت أن «لقاء عون وجعجع يحصن الموقف المسيحي في كل الملفات المطروحة لا سيما ملف التعيينات الأمنية والتشريع النيابي والملف الرئاسي بحيث اتفقوا على مواصفات الرئيس لا سيما القوي في بيئته ما يسقط محاولات الأطراف الأخرى وضع اليد على مكون سياسي لبناني من خلال فرض رئيس عليه، موضحة، أن المسيحيين سيوافقون على أي رئيس قوي مسيحياً إن كان عون أو جعجع».

وشددت المصادر على أن «كلام رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس لم يقصد العماد عون، مؤكداً أن عون لم ولن يهدد أحداً بل وجه كلامه إلى فريق المستقبل الذي يراهن على سقوط النظام في سورية وسقوط العراق وهزيمة حزب الله وإيران لكي يفرض شروطه».

المقاومة تقتحم جرود عرسال

عسكرياً، تواصل المقاومة تقدّمها في جرود عرسال على السلسلة الشرقية اللبنانية، وسيطرت أمس على مرتفعات مجر الحمرا وشميس الحمرا لناحية شمال جرود نحلة وسط مواجهات مع جبهة «النصرة» وسقوط قتلى وجرحى في صفوفها.

كما سيطرت المقاومة على قلعة الشروق ومرتفعات ثلاجات البراج وجوار المحمصة جنوب جرود عرسال وتقدموا على مرتفعات الشروق الاستراتيجية المشرفة على منطقة الرهوة ووادي الخيل ووادي اطنين حيث يتواجد قياديو «النصرة» بينهم أميرها في القلمون «أبو مالك التلي».

وحررت مرتفعات مراد غازي وحرف وادي الهوا، وادي أبو ضاهر ومشرعة الطويل وضليل وادي الديب وقلعة عين فيق وشُعاب الدلمو وكتفين الفيقو وجبل الزاروب الاستراتيجي ومرتفع كنز الرصيف في جرود عرسال، كما أحرز الجيش السوري والمقاومة تقدماً في جرود فليطا.

وتحدثت قناة «المنار» عن فرار كبير لمسلحي «النصرة» في سهل الرهوة وحرقهم لخيمهم العسكرية بعد تقدم المقاومة، وأفادت مصادر في البقاع عن وصول عدد من جرحى المسلحين إلى مستشفى الشيخ مصطفى الحجيري «أبو طاقية» الميداني في عرسال.

وأكد مصدر عسكري لـ«البناء» أن «المقاومة امتلكت المفاتيح الرئيسية للمنطقة بحيث أن الإرهابيين غير قادرين على السيطرة والعمل بحرية كما كانوا في السابق، وان استكمال التطهير مسألة وقت وتحددها المقاومة».

وشدد على أن «معركة جرود عرسال حسمت في خطوطها العامة وإنجازها النهائي هو بيد المقاومة»، موضحاً أن المقاومة تعمل وفقاً لاستراتيجية الوقت الأقصر والخسائر والجهد الأقل والإنتاجية الأكبر».

ولفت إلى أنه بعد الانتهاء من الجرود ستصل المقاومة إلى مشارف بلدة عرسال وعندها تفصل ملف الجرود عن عرسال البلدة الذي سيحل عبر مجلس الوزراء والأهالي».

وأشار المصدر إلى أن المسلحين يحاصرون في رقعة جغرافية ضيقة حيث تقودهم المقاومة إلى الانهيار الميداني فضلاً عن الانهيار المعنوي».

وأكد أن الجيش ملزم بالمحافظة على مراكزه ومنع المسلحين في الجرود من دخول البلدة، لكنه أكد أنه إذا دخلوها ستكون المعركة الأكبر».

وفي الوقت الذي تشهد جرود عرسال معارك ضارية وتتهاوى مواقع النصرة الواحد تلو الآخر، أشار وزير الدفاع سمير مقبل الموجود في السعودية أن «المخابرات اللبنانية أبلغته أن لا صحة للأنباء عن اشتباكات بجرود عرسال، لافتاً إلى أن «الدخول إلى عرسال مكلف وقد يسقط مئات القتلى».

وعلقت مصادر عسكرية مطلعة على كلام مقبل، أن «وزير الدفاع يتبع للرئيس ميشال سليمان ويعمل لدى الأجهزة السعودية وكلامه سياسي وليس عسكرياً وهو يحاول التشويش وحجب الأنظار على انجازات المقاومة»، وأكدت المصادر انه «حيث تعمل المقاومة لا يوجد الجيش اللبناني أصلاً ولا مخابراته»، ورجحت أن «مخابرات الجيش لم تنقل أي معلومات إلى مقبل وكلامه من عالم آخر»، وأكدت أن الجيش غير موجود داخل بلدة عرسال ولا يدخلها لأسباب سياسية».

أهالي العسكريين ينتظرون إنجاز الصفقة

أما على صعيد ملف العسكريين المخطوفين، فقد نفت جبهة «النصرة» أن تكون المفاوضات في شأنهم قد انتهت، وقالت: «أنها علقت المفاوضات منذ فترة بسبب كثرة التلاعب في هذا الملف من قبل المتفاوضين من الطرف اللبناني».

وأشار نظام مغيط شقيق المعاون الأسير إبراهيم مغيط لـ«البناء» إلى أن «الأجواء تفاؤلية وإيجابية بمعزل عن البيان الذي أصدرته جبهة النصرة»، مؤكداً ثقة أهالي المخطوفين العسكريين بالمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي طمأننا إلى تقدم المفاوضات».

وكشف أن «النصرة حملت بعض أهالي العسكريين المخطوفين الذين زاروا أبناءهم في الجرود مؤخراً رسالة إلى أهالي المخطوفين بأن المفاوضات متوقفة وكل ما يصدر عن تقدم في المفاوضات لا أساس له من الصحة»، مؤكداً أن «المسؤولين اللبنانيين طمأنوا الأهالي بأن بيان النصرة هو مجرد ضغوط على الدولة تخفي طلباً بزيادة المبالغ المالية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى