ماذا عن إعادة تعويم جبهة النصرة؟

هشام الهبيشان

يقرأ بعض المتابعين أن محاولة قطر وتركيا وفرنسا و«إسرائيل» تبييض صورة جبهة النصرة الرديكالية عبر أدواتهم الإعلامية والمتزامنة مع غزوة إدلب، ومعركة الأمس في أريحا بجنوب غربي ريف إدلب الغربي، هي نقطة البداية لتعويم جبهة النصرة من جديد. هكذا يقرأ معظم المتابعين، فتركيا وفرنسا وقطر و«إسرائيل» تسعى اليوم إلى تبييض صورة جبهة النصرة «فرع تنظيم القاعدة بسورية» من خلال إظهارها كطرف معتدل يحمل مشروعاً إسلامياً معتدلاً ويمثل طيفاً من الشعب السوري وذلك من خلال دمجها كقوة مسيطرة مع ما يسمى «بجيش الفتح»، وجيش الفتح لمن لا يعلم، هو عبارة عن مزيج من منظمات راديكالية الكثير من مقاتليها ليسوا سوريين «النصرة أحرار الشام الجبهة الإسلامية وغيرها»، ولا يضم بالمطلق أي فصيل مما يسمى أميركياً «الجيش الحر» لأن جبهة النصرة قبل أشهر عدة قامت بتصفية جميع الحركات المنضوية ضمن صفوف ما يسمى بـ«الجيش الحر» جبهة ثوار سورية حركة حزم بمناطق إدلب كاملة وبعض مناطق ريف حلب.

ومن خلال تفاصيل ما جرى من أحداث رافقت غزوة محافظة إدلب، يقرأ بعض المطلعين والمتابعين هنا لمسار الاحداث العسكرية بالمحافظة ككل وعلى مختلف ساحات المعارك على الأرض السورية، أن الهدف من وراء الغزوة، هو إتاحة الفرصة أمام بعض أجهزة الاستخبارات عسكرياً وأجهزة الإعلام سياسياً وإعلامياً لإعادة تبييض وتعويم جبهة النصرة من جديد وترتيب أوراقها بالداخل السوري وتجميع قواها بالشمال السوري، لإسقاط مفاهيم جديدة على دور الجبهة بسورية، والسعي لإعادة إحياء وشرعنة دورها كمثل للمجاميع الراديكالية المسلحة بسورية.

اليوم من الواضح أن مسعى بعض الدول «تركيا فرنسا-قطر- «إسرائيل» لإعادة تعويم جبهة النصرة من جديد، قد نجح مرحلياً ببعض المناطق بشمال سورية وبعض مناطق جنوبها، وهذا النجاح لا تسقط مفاهيمه بمعظم مناطق جنوب ووسط سورية، فبعد المعارك الكبرى التي نجح بها الجيش العربي السوري في تحرير مساحات واسعة من مناطق ريفي حماة الشمالي والغربي والتي كانت بمعظمها تخضع لسيطرة جبهة النصرة، وبعد معارك وإنجازات الجيش بالقلمون، يمكن القول إن حركة جبهة النصرة بوسط سورية أصبحت محدودة وهذا الأمر ينطبق إلى حد ما على أجزاء من الجنوب السوري.

وعند الحديث عن الجنوب السوري، فهذه الجبهة شهدت معارك كبرى وخصوصاً بمدن تتصل جغرافياً بالعاصمة دمشق وريفها، فهناك في مدينتي درعا والقنيطرة وريفهما دارت معارك كبرى، ويبدو واضحاً من خلال الحديث عن تصعيد المعارك مستقبلاً بالجنوب السوري أنه في هذه المرحلة بدت ظاهرة للجميع قوة التحالف بين جبهة النصرة كبرى الفصائل المسلحة بالجنوب السوري و«الإسرائيليين»، الذين يديرون ويتحكمون ويدعمون ويمولون ويسلحون معارك بعض المجموعات المسلحة ومن ضمنها جبهة النصرة بالجنوب السوري وخصوصاً مدينة القنيطرة وريفها، وذلك بدا واضحاً من خلال معارك بلدات تل كروم والبعث وخان أرنبة بمدينة القنيطرة، فمع تجدد هذه المعارك برز إلى الواجهة عمق التحالف بين النصرة و«الإسرائيليين».

اختتاماً، إن عملية تعويم جبهة النصرة ترتبط بمجريات معارك واسعة وشاملة تسعى الجبهة وبدعم تركي فرنسي- قطري «إسرائيلي»، إلى إنجازها بالمراحل المقبلة، مع العلم أن هذه المعارك التي تسعى الجبهة لإنجازها لها مجموعة محددات ظرفية وزمانية ومكانية، وليس من السهل التنبؤ بمسار حركتها أو طبيعة وكيفية الحسم فيها، وخصوصاً بعد فتح جبهة النصرة وتحت غطاء جيش الفتح وبدعم تركي – فرنسي لمعارك واسعة في عموم المنطقة الشمالية والغربية لسورية، والهدف من هذه المعارك كما يتحدثون هو منع أي فرصة تسمح باختراق ما ينجزه الجيش العربي السوري يعطي القيادة السياسية السورية أوراق قوة جديدة، ومن هنا سننتظر مسار المعارك على الارض وخصوصاً بالأسابيع الأربعة المقبلة، لنقرأ مسار المعارك بوضوح بعيداً من التكهنات، مع تأكيد أن الجيش العربي السوري ما زال يمسك بزمام المبادرة بمحيط محافظة إدلب وبداخل مدينة حلب وبعض أريافها، وهو الآن يخوض معارك على مشارف بلدات ريف المحافظة. وفي الإطار ذاته، فالجيش العربي السوري حصّن ريف حماه الشمالي وخصوصاً بلدة مورك عسكرياً، خشية من أي اختراق لمحيط بلدة مورك الاستراتيجية مستقبلاً، وهو اليوم يستكمل معارك تحرير القلمون، ويستمر بتوجيه ضربات محكمة وبحرفية عالية لتحركات جبهة النصرة بمحافظتي القنيطرة ودرعا وأريافهما جنوب سورية.

كاتب وناشط سياسي – الأردن

hesham.awamleh yahoo.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى