شتاينماير: «السبع الكبار» بحاجة إلى روسيا في حل القضايا الدولية

أكدت ألمانيا ضرورة العودة إلى صيغة «الثماني الكبار» في أقرب وقت لبحث أهم القضايا الدولية، مؤكدة أن الدول السبع تحتاج إلى روسيا بصورة ماسة.

وقال وزير الخارجية الألماني فرانك شتاينماير إنه ليس من مصلحة الدول السبع أن تعقد القمم بصيغة «السبع الكبار» إلى أبد الآبدين، وأضاف: «على العكس، نحن بحاجة إلى مساعدة روسيا في جهود تسوية الصراعات المجمدة في أوروبا وسورية والعراق وليبيا وفي المفاوضات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني».

وفي هذا السياق، أعرب الوزير عن أمله في أن تساعد الضغوطات السياسية والاقتصادية على روسيا من جهة، والمساعي لإقامة حوار مع موسكو من جهة أخرى، في «إيجاد مخرج من هذا الوضع في أوكرانيا الذي يهدد أوروبا برمتها».

وأعرب شتاينماير عن قلقه من تدهور الوضع الأمني في شرق أوكرانيا، وقال: «قد يخرج الوضع عن نطاق السيطرة في أية لحظة».

وفي تصريح صحافي إثر اجتماع عقده أمس في برلين مع نظيره الأوكراني بافيل كليمكين، حذر الوزير الألماني من المخاطر التي تنطوي عليها الأحداث الأخيرة، معتبراً أنها قد تجر الطرفين إلى تصعيد عسكري جديد. وتابع: «إننا ننتظر من الجميع أن يلتزموا اتفاقات مينسك». ودعا موسكو إلى إرسال إشارات ملحة بهذا الشأن إلى خصوم كييف في شرق أوكرانيا، مشدداً على عدم وجود أي بديل من تطبيق اتفاقات مينسك.

إلى ذلك، أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه من تصعيد الوضع الميداني في شرق أوكرانيا، داعياً الطرفين كليهما إلى التزام نظام وقف إطلاق النار بحسب اتفاقات مينسك.

وقالت مايا كوسيانتشيتش المتحدثة باسم مكتب الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي في تصريح صحافي أمس: «نحن قلقون من القصف على بلدة ماريينكا وتصعيد العنف. ويجب أن يكون الالتزام بوقف إطلاق النار شاملاً».

وأضافت: «تعد المعارك التي دارت أمس في محيط بلدة ماريينكا القريبة من دونيتسك أكبر انتهاك لنظام وقف إطلاق النار في ضوء اتفاقات مينسك. وهناك خطر من أن يطلق هذا التصعيد دوامة جديدة من العنف والمعاناة. ونحن ندعو الطرفين كليهما إلى التزام اتفاقات مينسك، علماً بأنها الحل الوحيد للأزمة».

يأتي ذلك على خلفية تبادل الاتهامات بين كييف وجمهورية دونيتسك الشعبية باستخدام الأسلحة الثقيلة وتكثيف عمليات القصف على خط التماس، فيما اشتدت المعارك في محيط بلدة ماريينكا الخاضعة لسيطرة القوات الأوكرانية.

من جهة أخرى، أعربت باريس عن قلقها من التصعيد الميداني الأخير في شرق أوكرانيا. وجاء في بيان صدر عن وزارة الخارجية: «يجب وضع حدّ للصدامات بكل أشكالها فوراً. لا يمكن التوصل إلى تسوية سلمية وطويلة الأمد في شرق أوكرانيا، إلا عبر التطبيق الشامل لبنود اتفاقات مينسك».

وأعلن دميتري بيسكوف السكرتير الصحافي للرئيس الروسي أن الكرملين يشعر بقلق عميق إزاء تصعيد الوضع في منطقة دونباس، محملاً القوات الأوكرانية مسؤولية الاستفزاز، وقال: «بطبيعة الحال، إن موسكو تتابع بانتباه وتشعر بقلق بالغ حيال الممارسات الاستفزازية من قبل القوات الأوكرانية».

ورداً على سؤال عما إذا كانت روسيا تنتظر مزيداً من التصعيد شرق أوكرانيا، قال بيسكوف: «ننتظر تنفيذ اتفاقات مينسك بشكل غير مشروط»، مضيفاً أن روسيا تشعر «بقلق عميق إزاء استمرار القصف الذي يستهدف المناطق السكنية في دونباس، ما يؤدي إلى مقتل الناس، ومنهم أطفال، ولهذا السبب نتابع حالياً بانتباه بالغ تطورات الأوضاع، وستتم بلورة موقفنا استناداً إلى التطورات».

وأصدرت بعثة المراقبة الخاصة التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا تقريراً خاصاً حول القتال في منطقة بلدة ماريينكا.

وأظهر التقرير أن المنطقة التي تقع على خط التماس شهدت خرقاً لهدنة مينسك إذ تعرضت أكثر من 100 مرة من جهة الغرب والشمال الغربي لإطلاق نيران بأسلحة خفيفة وثقيلة من مواقع تقع على بعد 1 إلى 5 كيلومترات من موقعهم.

كما تحدث التقرير عن تحرك آليات عسكرية ثقيلة بمنطقة تحت سيطرة «دونيتسك الشعبية»، بينها دبابات من نوع «تي-64» و«تي-72» ومدفعية من عيار 122 ميليمتراً وقافلة من المصفحات وشاحنات عسكرية تحمل منظومات للدفاع الجوي.

وأضاف التقرير أن دورية بعثة المراقبة شهدت شرق ماريينكا 7 دبابات من نوع «تي-64» تتجه إلى الغرب وسمعت كذلك أصوات إطلاق النار من راجمات الصواريخ والهاون وكذلك إطلاق صواريخ من نوع «غراد».

ولم يتمكن المراقبون، بحسب تقريرهم، من الاتصال بكبار مسؤولي «دونيتسك الشعبية» في محاولة لوقف القتال في منطقة ماريينكا.

من جهة أخرى، أشار التقرير إلى أن بعثة المراقبة الخاصة تلقت رسالة من وزارة الدفاع الأوكرانية أكدت أن القوات الأوكرانية ستنشر أسلحة ثقيلة على خط التماس لاستخدامها في حال مواجهة «خطر حقيقي» بسبب القتال في ماريينكا، الذي بدأ بحسب وزارة الدفاع الأوكرانية في الساعة السادسة صباح الأربعاء.

وأكد الجانب الأوكراني في وقت سابق أنه استخدم الأسلحة الثقيلة للتصدي لهجوم «دونيتسك الشعبية».

وبحسب التقرير فإن ممثل القوات المسلحة الروسية في المركز الخاص للمراقبة والتنسيق أعلن أن نظام الهدنة في منطقة ماريينكا سيدخل حيز التنفيذ في الساعة الخامسة مساء الأربعاء. وأكدت قيادة العملية الأمنية الأوكرانية وكذلك وزارة الدفاع لـ«دونيتسك الشعبية» مساء الأربعاء أن ماريينكا تخضع لسيطرة الحكومة الأوكرانية.

وفي شأن متصل، أعلن الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو أن مجال الأمن الأوكراني سيكون بالكامل متطابقاً مع معايير «الناتو»، مؤكداً أن قضية انضمام البلاد إلى الحلف يجب البتّ فيها عبر استفتاء عام.

وقال بوروشينكو في خطابه السنوي للبرلمان أمس: «كل ما نسعى للقيام به في مجال الأمن سيجري تكييفه لمعايير الناتو. ومهمتنا تتمثل في تحقيق كل الشروط المطلوبة للانضمام إلى الحلف ».

وأشار إلى أن استطلاعات الرأي العام تظهر أن عدد الراغبين في انضمام البلاد إلى «الناتو» تجاوز لأول مرة في التاريخ عدد المعارضين لذلك، مؤكداً في الوقت ذاته وجود خلافات جدية بين مختلف المناطق بهذا الشأن. كما قال إن «العديد من شركاء أوكرانيا في الغرب لا يرحبون كثيراً بمثل هذه التقلبات الجذرية والسريعة في الرأي العام ولا يسعون إلى فتح أبواب الناتو أمام كييف في اللحظة الراهنة».

وأضاف: «في هذه القضية لن ننظر إلى موسكو، لكننا لا نستطيع تجاهل رأي شركائنا الغربيين، وسندافع بصرامة عن مصالحنا»، مذكّراً بأن أوكرانيا ألغت مبدأ الحيادية في القانون الأوكراني حول مبادئ السياسة الداخلية والخارجية وتبنت استراتيجية جديدة للأمن الوطني تهدف إلى حصول البلاد على العضوية الكاملة في حلف شمال الأطلسي.

وأعلن بوروشينكو خطة زيادة حجم القوات المسلحة إلى 250 ألف شخص وزيادة تمويل الجيش في عام 2016 المقبل بسبب خطر استمرار القتال في منطقة دونباس وكذلك خطر «التدخل الشامل على طول الحدود مع روسيا»، داعياً إلى تحديث الجيش وإنتاج أنواع حديثة من الأسلحة والآليات العسكرية. وأضاف أن تطوير قطاع الإنتاج العسكري سيعطي زخماً لتطوير الاقتصاد.

في سياق آخر، أقر نواب البرلمان الأوكراني قانوناً يسمح بالاستعانة بقوات أجنبية لحفظ «السلام والأمن في البلاد»، وأوضح ملحق القانون المذكور أن «إجراء عملية دولية لحفظ السلام والأمن في أوكرانيا سيضمن تنفيذ بروتوكول ختامي لمشاورات مجموعة الاتصال بفعالية».

وبشأن الحصار الاقتصادي على المناطق غير التابعة لسيطرة كييف في شرق البلاد أكد الرئيس الأوكراني أنه لا يمكن استعادة العلاقات الاقتصادية والاجتماعية مع تلك المناطق ما لم تتمكن السلطات الأوكرانية من فرض سيطرتها على كامل حدودها مع روسيا.

وقال بوروشينكو إن مستوى العلاقات الاقتصادية مع المناطق غير الخاضعة لسيطرة كييف يبقى على ما هو عليه حتى تحقيق تقدم ملموس في تنفيذ اتفاقات مينسك، مضيفاً أن الحد الأقصى لما يمكن أن تفعله كييف الآن يتمثل في تقديم مساعدات إنسانية أوكرانية وتصريف المعاشات لمن سجل في المناطق التابعة لكييف، مشيراً إلى أن شركاء أوكرانيا من الخارج مستعدون لمساعدة دونباس «كجزء لا يتجزأ» من أراضي البلاد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى