هزيمة 67 تناسب العرب و«الإسرائيليين»
ناصر قنديل
– بعد سنتين سيحتفل العرب و«الإسرائيليون» بمرور نصف قرن على هزيمة العام 1967، وخلال هذه الحقبة الممتدّة على تغيّر عهود حاكمة وتطورات عاصفة على مستوى المنطقة برمّتها، وعلى الضفتين «الإسرائيلية» والعربية، وما هو أبعد منهما، بدا أنّ هذا الحدث لم يكن مجرّد حرب انتهت بمنتصر ومهزوم، بل سياق وإطار لانتظام موازين قوى تحفظ الاستقرار في الشرق الأوسط لعقود وعقود، فما جرى منذ ذلك التاريخ يؤكد أنّ كلّ التطورات والمبادرات والحركات التي انطلقت لتصويب المسار العربي بعكس اتجاه الخامس من حزيران قد نالها من الاستهداف والتصويب والمثابرة على الاستهداف والتصويب حتى تسقط ويعود مسار الخامس من حزيران إلى الواجهة كسياق ضامن للاستقرار.
– على الضفة «الإسرائيلية» بدا أنّ «إسرائيل» تصير غير قابلة للحياة، وتفقد توازنها عندما تفقد نكهة الخامس من حزيران وما توفره لها من شعور بالتفوّق والقدرة، وأنّ أي أمل بالسلام سيكون معدوماً مع «إسرائيل» إذا حُرمت من هذا الشعور، واهتزت ثقتها بأمنها وقدرتها على خوض الحروب والانتصار فيها، وأنّ كلّ تصحيح لمسار الخامس من حزيران هو طريق لتآكل السياسة في «إسرائيل» وغياب لمركز القرار القادر على صنع السلام… أو الحرب، ولكنها بداية لحروب لا تنتهي إلا إذا صار الهدف هو إنهاء «إسرائيل» وليس جلبها إلى طاولة التفاوض فالسلام، وأنّ «إسرائيل» يمكن أن تتفكك أو تذهب إلى الانتحار أو تنهار لكنها لن تذهب إلى السلام وقد خسرت شعور الخامس من حزيران، بينما ثمة فرضية قد تقول بفرصة مجيء «إسرائيل» إلى السلام على خلفية الشعور بالقوة والأمن والقدرة على الحرب، وهو ما تختصره معاني الانتصار «الإسرائيلي» عام 1967.
– على الضفة العربية، خرجت ثلاث ظواهر تتمرّد على الخامس من حزيران، أولاها حركة تصحيح مسار التيار القومي العربي المهزوم مباشرة وفي الصميم في الخامس من حزيران، وقد بدأها الرئيس جمال عبد الناصر في حرب الاستنزاف حتى رحيله عام 1970، وتسلّم الرئيس حافظ الأسد الراية بحركته التصحيحية التي مهّدت الطريق لحرب تشرين 1973، التي غيّرت معادلة 1967 وأعادت التوازن النفسي والعسكري بين العرب و«إسرائيل»، لكن الاغتيال السريع لنتائج حرب تشرين بذهاب أنور السادات إلى «كامب ديفيد» من جهة، وحجم التآمر الذي تعرّض له الرئيس حافظ الأسد عربياً حتى رحيله في العام 2000 من جهة أخرى، يقولان إنّ العرب لا يستطيعون أن يعيشوا في زمن عنوانه العزة في وجه التفوّق «الإسرائيلي»، وإنهم تأقلموا وتموضعوا على ضفة الشعور بالهوان، وإلا ضاع توازنهم النفسي، والظاهرة الثانية كانت المقاومة الفلسطينية التي بقيت تحت منظار التصويب حتى جرى تعليبها ضمن منظومة ثنائية سعودية قطرية تمسك بحركتي «فتح» و«حماس» وتجعل مهمتها التحكم بمساراتها التي لا تكسر معادلة 1967، بل تسمح بإعادة إنتاجها، أما الظاهرة الثالثة فكانت المقاومة التي تولّدت من خيار استراتيجي مثله انتصار الثورة الإسلامية في إيران التي كانت في بعض أسبابها واعتباراتها رفضاً لنتائج حرب 1967، كردّ اعتبار لمكانة هذا البلد الإسلامي الكبير الجار للعرب في الصراع مع «إسرائيل»، ومعها تحول رؤية سورية بعد كامب ديفيد من الاستثمار على حرب الجيوش إلى حرب الجيوش والمقاومات كما تصوّرها الرئيس حافظ الأسد وطوّرها الرئيس بشار الأسد، ومعهما مقاومة الشعب اللبناني بنخبه الطليعية التي توّجتها تجربة المقاومة الإسلامية بالقيادة التاريخية للسيد حسن نصرالله، ومنذ ثلاثين عاماً وهذه التجربة التي أذلت «إسرائيل» وكسرت مهابتها مرات عدة، وأذاقتها المرّ والأمرّ منه، لكنها تتعرّض لمؤامرة مستمرة وجهها الرئيسي عربي ومالها عربي وعناوينها عربية.
– النظام العربي والنخب والشرائح الشعبية المساندة له والتي تقودها السعودية، يملكون استراتيجية واحدة هي إعادة الأمور إلى نصاب استقرار اكتشفوا أنه يناسبهم، ويخشون تغييره أكثر مما يخشاه «الإسرائيليون» هو نصاب 5 حزيران 1967.
– لم تكن نكسة ولا هزيمة بل كانت خياراً.
– القومية العربية أو العروبة لها عنوان واحد وهو كسر مسار الخامس من حزيران وقد صار يعني السير في حروب مفتوحة حتى زوال «إسرائيل» وسقوط الحقبة السعودية… فمن يجرؤ؟
برقية التهنئة الخاصة بالصديق الدكتور زياد حافظ لانتخابه أميناً عاماً للمؤتمر القومي العربي.