«هيئة علماء المسلمين»… بين الصدمات و«الفيتو الأزرق»
يوسف الصايغ
أيام قليلة تفصل «هيئة علماء المسلمين» عن مؤتمرها الثالث الذي سارعت إلى الإعلان عنه بإيعاز تركي قطري لكي تظهر أنها الجهة الحاضنة للتيارات الإسلامية في لبنان، ولا سيما بعد القمة الإسلامية في دار الفتوى، وطمعاً بكسب الرضى السعودي، ولقطع الطريق أمام أي محاولة قد يقوم بها الإتحاد العالمي لعلماء المقاومة لجهة الدعوة إلى اجتماع إسلامي موسّع.
لكن الرياح تجري عكس ما تشتهي سفن الهيئة التي أرادت أن تستثمر مؤتمرها السنوي لإعطاء الزخم لقيادتها الجديدة ولتعويض فترة الترهّل التي مرّت بها أثناء تولي الشيخ سالم الرافعي رئاسة الهيئة، لكن حسابات حقل الهيئة جاءت مغايرة لحسابات البيدر.
أولى الصدمات جاءت عبر مفتي زحلة والبقاع الشيخ خليل الميس الذي أرادت الهيئة تكريمه خلال مؤتمرها، إلا أنه اعتذر بحجة الارتباط بمواعيد مُسبقة يوم الأحد المقبل، أيّ في يوم انعقاد المؤتمر. وفي محاولة لتخطي أولى العقبات حاولت الهيئة التعويض عن الميس عبر التواصل مع مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو لكن ردّه على طلب الهيئة كان عبارة عن وعد منه بدراسة الموضوع، وبحسب المعلومات فإنّ الجوزو غير متحمّس للحضور ما لم يطرأ أيّ مستجد يدفعه الى المشاركة شخصياً، لكنّ الأجواء توحي بأنه سيرسل من يمثله إلى مؤتمر الهيئة ليتسلم درع التكريم التي ستمنح له.
صدمات الهيئة لم تقتصر على الميس والجوزو، فقد تلقت صدمة جديدة مصدرها مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان الذي استقبل بعض مشايخ الهيئة قبل أيام وحمّلهم عتبه الشديد على قيادة الهيئة الجديدة لعدم اختيارها له في موضوع التكريم، وتوجيه الدعوة إليه لحضور المؤتمر فقط، وبالتالي يمكن إدراج موقف سوسان في خانة الغضب «المستقبلي» على رئاسة الهيئة بقيادة الشيخ أحمد العمري الذي خلف الشيخ سالم الرافعي قبيل انتهاء فترته الرئاسية.
وفي تفاصيل «الفيتو المستقبلي» فإنّ العمري الذي يرأس تجمّع الجمعيات الإغاثية في لبنان والمقرّب من النظام الإخواني في تركيا هو أحد القياديين في الجماعة الإسلامية، وهذا ما دفع بالتيار الأزرق إلى فرملة انطلاقة العمري لمنعه من استثمار موقعه في تعويم الجماعة سياسياً على حساب تيار المستقبل الذي يعاني من تراجع أسهمه على الساحة السنيّة في شكل عام، وفي أوساط التيارات الإسلامية في شكل خاص، وترجم «المستقبل» موقفه بالضغط على مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان لتأخير لقائه بالقيادة الجديدة لهيئة العلماء، وذلك لقطع الطريق أمام أيّ محاولة للتقارب بين دريان والهيئة.
ما يمكن قوله هو أنّ الهيئة لم تفلح في تخطي العقبات التي كانت تواجهها في عهد الرافعي، الأمر الذي أحرجها في سلسلة المواقف التي كان يصدرها دعماً للجماعات المسلحة التي قاتلت الجيش اللبناني في الشمال، إلى جانب ما يتمّ تداوله مؤخراً عن إيوائه للإرهابي الفارّ من وجه العدالة أحمد الأسير، مع الإشارة إلى أنّ الهيئة انتخبت الرافعي نائباً أول للعمري في محاولة منها لاستيعاب الجناح السلفي العريض في داخلها، ومن جهة ثانية عمدت إلى استيعاب الصقور من أعضاء الهيئة، خاصة الذين يؤيدون «جبهة النصرة»، ولهذه الغاية تم انتخاب الشيخ حسن قاطرجي نائباً ثانياً لرئيس الهيئة الجديد.