عدم تسريح الضباط لا يلغي واجب تعيين بدلاء منهم

حسين حمّود

قسّمت مسألة التعيينات الأمنية للقادة العسكريين الذين شارفت ولاية بعضهم على الانتهاء لاقترابه من سن التقاعد مثل قائد الجيش العماد جان قهوجي ولاية ممدّدة حتى أيلول ورئيس الأركان اللواء وليد سلمان آب ، وبعضهم الآخر الذي بلغ هذه السن بالفعل مثل المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، البلد إلى قسمين: واحد يطالب بضرورة تعيين قادة جدد بحسب ما تقضي به القوانين، وآخر يرى أنّ الظرف الأمني والسياسي غير ملائم لإجراء تعيينات جديدة، لا سيما في ظلّ الشغور الرئاسي، ويجنح هذا الفريق بدل التعيين إلى تمديد ولاية القادة الموجودين.

وبالفعل تجيز المادة 55 من قانون الدفاع الوطني لوزير الدفاع أن يتخذ قراراً، بناءً على اقتراح قائد الجيش، يؤجل بموجبه تسريح العسكريين المتطوّعين بمن فيهم الضباط، حتى لو بلغوا السن القانونية، وذلك في ثلاث حالات هي: دخول البلاد في حالة حرب أو في حالة طوارئ معلنة، أو عندما يكون الجيش مكلفاً بحفظ الأمن.

لا يرى الفريق الأول المطالِب بالتعيينات، وعلى رأسه التيار الوطني الحر، أنّ الظروف التي تمرّ بها البلاد، تقتضي التمديد، معترضاً أصلاً على أداء بعض القادة، ولا سيما قائد الجيش، أثناء الحرب مع الجماعات الإرهابية، وتحديداً في معارك عرسال التي شهدتها البلدة في الثاني من آب العام الماضي، والتي انتهت بانسحاب المسلحين من البلدة إلى جرودها حاملين معهم أسرى من الجيش وقوى الأمن الداخلي.

ويورد التيار سبباً آخر للمطالبة بتعيين قائد جديد للجيش وهو أحقية ضباط آخرين بتولي هذا المنصب لتحاشي حال الإحباط لدى هؤلاء لحرمانهم من هذا الحقّ لأسباب سياسية، وبالتالي تأثير اعتماد مبدأ التمديد السلبي على معنويات الضباط والجيش في شكل عام.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى، يؤكد قانونيّو التيار الوطني الحر أنّ المادة 55 لا تنطبق على قائد الجيش، لأنّ قرار تأجيل تسريح الضباط يأتي بناء على اقتراح قائد الجيش نفسه، فلا يمكن والحال هذه أن يقترح القائد الحالي التمديد لنفسه، ما يعني أنه يستغلّ القانون للإفادة منه شخصياً، بحسب قانونيّي التيار.

لا يردّ الفريق الآخر على هذا التفسير للمادة 55، بل يعتبر أنّ ما يحول دون تعيين قادة جدد هو عدم التوافق على البدلاء المطروحين، ولا سيما بالنسبة إلى قيادة الجيش، لكنّ القطبة المخفية والمعلنة في آن في هذا الموضوع هي ربط التعيين بموضوع رئاسة الجمهورية وتقديم تنازلات متبادلة فيه، من دون العودة إلى آلية التعيين المتبعة.

لكن على هامش هذا السجال المتفاقم إلى حدّ إعلان التيار الوطني الحرّ رفضه البحث في أيّ موضوع مهما كان حجمه وأهميته وتداعياته، في مجلس الوزراء قبل حسم مسألة التعيينات الأمنية، وبمعنى آخر تجميد العمل الحكومي، تبرز مسألة قانونية لم تجر مقاربتها، وهي هل يعني تأجيل تسريح ضابط بقاءه في الموقع الذي هو فيه؟ وعليه هل يؤدّي قرار المشنوق بتأجيل تسريح اللواء بصبوص إلى إبقائه حكماً مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي؟

يرى البعض أنّ عدم تسريح ضابط معيّن سبببه التمسك به في موقعه، وإلاً لا حاجة إلى التمديد له، لكن من دون سند قانوني. فيما يعتبر فريق آخر أنّ هذا الأمر ليس ضرورياً، إذ أنّ قانون الدفاع الوطني لا ينصّ على ذلك ولا يفرضه ويجب أن تفسّر المادة 55 بحرفيتها. فهذه المادة تذكر فقط موضوع تأجيل تسريح الضباط من الخدمة لكنها لم تقل ببقاء هؤلاء في وظائفهم. فالمادة المذكورة لم تذكر ضباطاً في اختصاصهم أو في صفتهم أو المركز العاملين فيه، بل جاء النصّ عاماً بتسمية الضباط فقط، وهي الصفة الأساس والوظيفة التي يقومون بها، أما المراكز التي يتنقلون فيها فهي طارئة على الوظيفة الأساس.

انّ التطبيق الحرفي للقانون بمواده المختلفة يقتضي في حال عدم تسريح الضباط المنتهية ولايتهم لاعتبارات يقدّرها المعنيون وفقاً لنصوص المواد القانونية، لا يطال ولا يعلق المسؤولية الحكمية على مجلس الوزراء باعتبار مراكزهم القيادية شاغرة مع نهاية ولايتهم وتعيين بدلاء منهم ووضعهم كخبرات لا يتسغنى عنها بتصرف الوزراء المشرفين على المؤسسات التي يرأسونها طالما رأوا أنّ عدم التسريح ضرورة مؤسساتية، لكن الولاية القانونية للموقع القيادي شأن لا نص على شموله بالتمديد بل هو من نوع مهلة الإسقاط للولاية بنهايتها حكماً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى