«العربية» بين القلب والقالب… «رأي» أسود و«رأي آخر» أصفر؟!
فاديا مطر
منذ أن نشأ الإعلام كان دوره الصحيح هو في عملية تكاملية تنقل المعلومات والأخبار من مكان إلى آخر في شكل يوصل السمع والرؤية للناس بحلقة صادقة ومعبرة وتواصلية بين أطياف المجتمع واصحاب القرار، في شكل يجعل المستمع والمشاهد يثق بكل ما يدور حوله، لكن أن ينتقل الإعلام إلى أخطر موقع كمحرك للأحداث في تفتيت المجتمع وبث سموم التضليل إلى حد الإشباع بالحقد والكراهية وترويج الأباطيل، فهو نقل للصورة بعيداً من مفهوم المهنة والإنسانية، حتى «قناة العربية» السعودية التبعية التي أنشأت عام 1999 لم تغب عن مشهد الوصف السابق من تخبط وفشل في الفكرة والمهنة والطريقة في ما تنشره عن إيران من أكاذيب بطريقة «ديماغوجية» لتصويرها عدواً للشعوب العربية في شكل أمبراطوري كقوة تريد التهام المنطقة عبر أدوار توسعية طمعاً بالنفط والجغرافيا العربية، في تحويل للنظر عن العدو «الإسرائيلي» كعدو لتصوير إيران هي العدو القادم والأخطر بتركيز تضليلي، فقد نشرت قناة «العربية نت» في 5 حزيران الجاري عن اللواء سعيد قاسمي القيادي السابق في الحرس الثوري والقيادي الحالي بقوات «أنصار حزب الله» قوله إن «تنظيم داعش أستلهم فكرة العمليات الانتحارية من فكر الإمام الخميني»، فهو دور تصويري لإيران التي تكافح الإرهاب التكفيري ـ «الإسرائيلي» كدور مشبوه، وهي مهمة تولتها قناة «العربية» السعودية التي دعمت في شكل واضح دور المجموعات التكفيرية في كل من سورية ولبنان والعراق واليمن في تصوير الأحداث، وهي التي نقلت عن لسان ضابط هيئة اركان العدو «الإسرائيلي» قوله في 4 حزيران الجاري أن «الوضع في سورية يتفكك وجيش النظام وصل إلى أسوأ نقطة منذ أربع سنوات» وأشار الضابط «الإسرائيلي» عبر نقل «العربية» أن «حوالى 3 في المئة من مقاتلي حزب الله في سورية فُقد وبلغ عدد القتلى 700 وأن إيران تدرك عمق المأزق في سورية» وهو تصوير آخر لمشهد أحداث كاذب منقول عن الكيان الصهيوني نشرته «العربية نت»، ففي 6 أيار الماضي نشرت «العربية» أن الرئيس الأسد خلال ذكرى عيد الشهداء اعترف «بهزائم الجيش العربي السوري»، وهو تصوير يتحد في إيديولوجيته الإعلامية مع ما تصوره الصحافة «الإسرائيلية» والغربية عموماً ومواقع التواصل الخاصة بالمجموعات التكفيرية، فـ «العربية» اقتادت الدور المركزي في إظهار التراجع الإيراني، هذا عدوان «عاصفة الحزم» السعودية ـ الأميركية عبر وصف إيران بالجائعة والمفلسة والضعيفة وبالتخلي عن حلفائها في مقابل التفاهم النووي كثمن، رغم التأكيد الإيراني من كل المستويات لدعم الحلفاء في حربهم على الإرهاب بكل جغرافية تواجده، فالجبيري وبلسان خارجيته قال في 1 حزيران الجاري «لن نقف مكتوفي الأيدي حيال تدخل إيران في الشأن العربي» وهو دور يتمازج في ظاهره وباطنه مع الدور الصهيوـأميركي العائم في المنطقة والباحث عن تدخلات في الشأن الإيراني عبر ما رفضته إيران من تفتيش لمنشآتها العسكرية في تصريح لمساعد الأركان العامة في القوات المسلحة الإيرانية مسعود جزائري الجمعة الماضي، وهي محاولة من المحاولات الأميركية الكثيرة للتدخل في الشأن الإيراني بكل ألوانه قبل نهاية حزيران الجاري، في محاولة لكسب تنازلات إيرانية تخفّض الشروط على مختلف الملفات التي تتصاعد قوتها الواضحة مع انتصارات القلمون والدعم الإيراني المادي واللوجستي العسكري بمقاتلين وفرق من الحرس الثوري والتدريب التكتيكي للحشد الشعبي العراقي والقوات التي تحارب «الإرهاب السعودي» في سورية ولبنان وهو ما ذكرته «العربية» في 10 آذار الماضي نقلاً عن لسان مستشار القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء حسين همداني من تحرير لأراضٍ سورية والكلام الذي نشرته عن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليمان عن «مفاجئات قادمة في سورية ضد الارهاب»، المدعوم صهيو ـ سعودياً في 3 حزيران الجاري، فهذا يضعنا أمام استفهامات كبيرة على شاشات قناة «العربية» لجهة ماذا سنصدق وأين كانت «العربية» تكذب وفي أي جزء تخفي الحقائق البارزة؟ لتتحول إلى غرفة لصناعة الموت والدمار في كل ميادين محاربة الإرهاب في رأي أو رأيين لا نعرف أيهما الصادق أو الصحيح في فهم ما تبثه هذه القناة المسمومة الموجهة سياسياً واستخباراتياً لمساندة المؤامرة الصهيو ـ أميركية التي تنبش دروسها الماضية قناة «العربية» لتجنيدها في استثمار فاضح يحولها إلى غرفة عمليات في عواصم التأثير الاعلامي وانتقالها الواضح إلى ساحة الحرب الواقعة بين الكلمة والموقف السياسي الداعم للإرهاب مع غياب الحدود وسيطرة العولمة الموجهة لتعويم حالة تكذيب الصدق المتجاوزة لأبسط قواعد الإعلام في أقوى مهمة له من مهنية وأخلاق … هل هذا «الرأي والرأي الآخر» برأيهم..؟