القمة الروحية في دمشق تطالب العالم بالعمل الجدّي لإيجاد حلّ سياسي للحرب العبثية التي تعصف بسورية
اختتمت القمة الروحية للبطاركة الأنطاكيين في الكاتدرائية المريمية في دمشق أعمالها، بمشاركة البطريرك الماروني الكاردينال بشاره الراعي، وبطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي، وبطريرك السريان الأرثوذكس مار اغناطيوس أفرام الثاني كريم، وبطريرك الروك الكاثوليك غريغوريوس الثالث، وبطريرك السريان الكاثوليك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، والسفير البابوي في دمشق المونسنيور ماريو زيناري.
وأصدر المشاركون بياناً دعا «أبناء سورية الحبيبة، بعدما وقع شعبها البريء والمسالم في قبضة إرهاب تستخدمه قوى هذا العالم لتفتيته وطمس، إلى التشبث بوحدة هذا البلد وحق أبنائه في العيش بحرية وكرامة».
وطالب البيان «العالم بالعمل الجدي لإيجاد حلّ سياسي للحرب العبثية التي تعصف بسورية، حلّ يضمن إحلال السلام وعودة المخطوفين والمهجرين والنازحين وحقّ الشعب السوري في تقرير مصيره بحرية تامة وبعيداً من كلّ تدخل خارجي».
وأضاف: «إنّ لبنان هو البلد الرسالة، وندعو أبناءه إلى الإخلاص له وحده، والمسؤولين فيه إلى خدمته وخدمة مصالح شعبه والعمل على انتخاب رئيس للجمهورية يعيد المؤسسات الدستورية ويعمل على بناء وطن يفرح به أبناؤه».
وعن العراق قال البيان: «هدف حمله أبناء العراق منذ وجودهم، لن يخبو أينما حلّوا، هم سيعودون من المهجر إلى موطنهم أقوى وأفعل».
وتابع: «أما موضوع فلسطين فسيظلّ محور اهتمام المجتمعين، ولن يخبو صوتهم بالدفاع عنهم، وهو قضيتهم المحقة مهما حاول العالم تجاهلها وإضعافها من خلال تزكية حروب ونزاعات جانبية الهدف منها أن يعيش مغتصبو الأرض الفلسطينية بسلام وطمأنية.
إنّ المجتمع الدولي الذي اعتاد الكيل بمكيالين نقول له إننا أصيلون في هذه الأرض ومتجذرون بترابها الذي سقي بعرق جبين أبنائنا وأجداننا، ونؤكد أننا باقون فيها أكثر من أي وقت مضى، لنبنيها مع أهلها».
ودعا المجتمعون «كلّ من يدعي الاهتمام بمصيرنا إلى أن يساعدنا على البقاء والتجذر في أرضنا من أجل حراستها وتنميتها والاستفادة من خيراتها، لا أن يسهل نهب تراثنا وخيراتنا وتدمير حضارتنا واستعباد إنساننا أو إرغامه على الهجرة».
يازجي
وكان البطريرك يوحنا العاشر قال في بداية القمة إنّ «اجتماع بطاركة أنطاكية في هذا الظرف في سورية، وفي دمشق تحديداً، هو رسالة صادقة لشعب المشرق والعالم أجمع. أردناه لقاء في دمشق لنطلق من هنا نداء المريمية، ولنطلق في الوقت نفسه نداء سلام ورسالة مصالحة ووقفة تاريخ أمام ما يجرى ويتسارع من أحداث».
وأضاف: «أخاطب من هنا ضمير العالم وكواليس ومنابر الأمم المتحدة وسائر المنظمات الدولية والحكومات، وأقول يكفينا هزاً لسيادة الأوطان في مشرقنا. أخاطب البشرية بكرامة كنيسة أنطاكية المجروحة لخطف كهنتها ومطارنتها، مطراني حلب يوحنا وبولس وتهجير مسيحييها في أكثر من بقعة وتحميلهم الجزية، أخاطبها بأوابد التاريخ المشرقية وأوابد التاريخ، هذه ليست أوابد آثار فحسب، بل هي أوابد وحاضر وقيم».
وتابع: «أخاطبها بأرواح شهداء سورية الموجوعة باستهداف جيشها وناسها وأوابدها، وبحرقة لبنان واللبنانيين الذين ينتظرون عسكرهم المخطوف ورئاستهم المعلقة، وبالعراق المستنزف ومصر وليبيا واليمن الذين يئنون تحت نار الاضطرابات. أخاطبها بجراح فلسطين التي لم تندمل منذ أكثر من 60 عاماً، أخاطبها لا بداعي الخوف مما يحدث، بل بداعي الوجل أمام هذه اللااكتراثية تجاه إنسان هذا المشرق، من أي صنف كان».
وقال: «نطلّ اليوم بمعية الإنسان المحارب بلقمة عيشه، والذي يدفع من حياته فواتير الإرهاب والتكفير والخطف الأعمى والحصار الخانق وفقدان الأحبة وتدمير أوابد العيش المشترك، لنقول كفى دماراً ووأداً للبشرية ولحضارتها في موطنها».
وأكد «أنّ المسيحية وغيرها من أصوات الاعتدال والأقليات والأكثريات تدفع ضريبة غالية من التهجير والإرهاب والتكفير. ورغم ذلك نضع نصب أعيننا أننا أقوياء بالحقّ وبنور الرب وبقوة الإرادة الحق، بالرسوخ بالأرض والدفاع عنها مهما عتا وجه الزمن، وإنّ قوة الإرادة هذه هي التي أوصلت لنا إيمان أجدادنا وأمانتهم منذ ألفي عام».
وأضاف: «لأبنائنا فى هذا المشرق، باسم المجتمعين نبعث سلام قيامة وسلام رجاء. نحن لا نهاب وجه التاريخ، وإذا ما كتبت لنا الأقدار أن نكون أمام سؤال مصيرى أنبقى أم نرحل، فإنّ جوابنا أننا باقون والشدة إلى زوال، عاجلاً أم آجلاً. نقول هذا رغم تفهّمنا لكلّ ما دفع ويدفع كثيراً من أبنائنا إلى الهجرة، ورغم قساوة الأيام الحاضرة. نقول ونكرر إنّ الوطن هوية، والأرض بالنسبة إلينا هوية، فكيف بها إذا كانت أرض المسيح وأرض تلاميذه»؟
الراعي
وقال الراعي، من جهته: «هو فرح كبير أن نلتقى كإخوة مؤتمنين على خدمة شعبنا في هذا المشرق، وحيث هم في العالم، كما أننا سعداء بأن يكون معنا السفير البابوي ومطارنة الأبرشيات في هذه المنطقة، وفرحتنا كبيرة أن نلتقي، وأننا دائماً قلب واحد ونفس واحد، وهذا يساعد شعبنا ويعطيه المزيد من الأمل».
وفي المواقف، علق رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن، في تصريح أمس، على زيارة البطريرك الماروني الكاردينال بشاره الراعي لدمشق، وقال: «بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في مدينة بولس الرسول دمشق إنها زيارة روحية بامتياز، تلبية لدعوة كريمة وجهت له من غبطة البطريرك يوحنا العاشر يازجي في مناسبة انعقاد قمة روحية مسيحية مشرقية لتثبيت المسيحيين في أرضهم وتدشين مركز بطريركي أرثوذكسي في العاصمة السورية، وبالتنسيق مع دوائر الفاتيكان. فلا مجال للاعتراض عليها، لأنّ غبطة البطريرك الراعي سيد نفسه ورعاياه، يزورها متى وأين شاء، ولو في آخر أقاصي الأرض وأدغالها ووعارها، فكيف إذا كانت الزيارة أقرب إلى قلوب المسيحيين المشرقيين المضطهدين مع إخوانهم المسلمين في هذالشرق المعذب».
وختم:»إنها لرسالة شكران توجه إلى راعي الرعية في نطاقه الأنطاكي لتثبيت الدرع المسيحية في أرضها وتاريخها والجذور».