السفير الأميركي: همّنا أن يكون الفراغ الرئاسي مضبوط الإيقاع
شادي جواد
إذا أردت أن تعرف ماذا يجري على خط الانتخابات الرئاسية، عليك أن تعرف ماذا يحصل على الضفة الإيرانية الأميركية، والسعودية الإيرانية؟ فطالما لم تدخل الحرارة بعد عمق هذه العلاقات، وطالما لا تزال الأمور مقتصرة على تبادل رسائل الإعجاب فحسب، فإن الاستحقاق الرئاسي سيبقى بارداً في الحدّ الأدنى لشهر أو شهرين.
إن المعطيات كلّها التي تحكم الاتصالات والمشاورات في هذا الصدد لا تفيد بأنّ ثمة واقعاً خارجياً جدياً في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية، بل إن ثمة هرباً الى الأمام، وعكس هذا الهرب السفير الأميركي ديفيد هِلْ بقوله أمام بعض الشخصيات اللبنانية التي التقاها في غضون الـ 72 ساعة الماضية: لا تحمّلوا الولايات المتحدة الأميركية وزر ما لستم قادرين على القيام به، فأنتم مسؤولون عن مصير الاستحقاق الرئاسي ونشعر بأنها المرة الأولى التي يمكن أن تنتجوا فيها استحقاقاً رئاسياً لبنانياً، أعلى من كلّ المرات السابقة، إذ كانت الإرادة الخارجية ماضياً هي الطاغية.
ترى مصادر سياسية واسعة الاطلاع أنّ ظروف الانتخابات الرئاسية لم تنضج بعد، لا في الداخل ولا في الخارج، ولو نضجت لكان «تيار المستقبل» عبّر صراحة عن رغبته في إجراء الانتخابات في موعدها، ولكان تخلى عن ترشيح سمير جعجع وهو العليم بأنّ وصوله الى سدة الرئاسة مستحيل لاعتبارات داخلية وخارجية عديدة.
تعتقد المصادر أنّ المواقف الملتبسة التي يدلي بها الرئيس سعد الحريري أمام الذين يلتقيهم في دارته في باريس هي تأكيد على أنّ السعودية ليست جاهزة الآن لخوض غمار الاستحقاق الرئاسي، وأنها تقارب هذه المسألة بحذر شديد، وهذا السلوك السعودي نابع من كون المملكة ليست في وارد تجاوز واشنطن في تحديد موقف واضح من العملية الانتخابية ومن شخص الرئيس الذي سيتولى سدة الحكم على مدى ست سنوات، فالأميركي حتى اليوم يبني خطته المستقبلية على أساس أنّ الفراغ في لبنان بات حتمياً، وبالتالي فإنّ البحث في الوقت الراهن لا يدور حول الانتخابات بل حول كيفية إدارة الفراغ، كي لا يؤدي هذا الفراغ الى توتر سياسي واحتقان في الشارع، فالهمّ الأميركي في هذه المرحلة هو الاستقرار قبل الأسماء المرشحة للرئاسة. وتلفت المصادر النظر الى أنّ تحركات السفير الأميركي الأخيرة في اتجاه المسؤولين اللبنانيين ترمي الى الاطلاع واستمزاج الرأي، وأكد لهم صراحة ضرورة بقاء الفراغ مضبوط الإيقاع، وألاّ يتفلّت من عقاله، لأنّ حصول ذلك سيكون ثمنه باهظاً على لبنان الذي يعيش في منطقة تتقلّب على صفيح ملتهب.
بحسب المصادر، توجّه السفير هِلْ بسؤال واحد إلى من التقاهم: هل أولوية اللبنانيين هي الاستقرار أو الانتخابات؟ وأضاف أنه إذا كان الفراغ لا يترافق مع أي ضغط أمني ليست هناك أي مشكلة الى حين نضوج التسوية في المنطقة.
تعتقد المصادر أنّ الأسماء المرشحة للرئاسة هي تفاصيل لدى الإدارة الاميركية التي تركز اهتمامها على عدم انفلات الوضع السياسي والأمني وخروجه عن إطاره الطبيعي، فهذا لا يخدم الاتصالات والمشاورات إنْ في شأن الملف النووي الإيراني أو محاولة ترميم الجسور الإيرانية السعودية.
حول قنوات التواصل المفتوحة بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر وما إذا كان ذلك يساهم في خلق أجواء مواتية للانتخابات، ترى المصادر أنّ تيار المستقبل أثبت من خلال محطات كثيرة وتجارب سابقة أنه بارع في «الزجل النفاقي» ولا الوفاقي، وبالتالي فإنّ ما يحصل لا يؤدّي الى أي نتيجة والكلام الذي نقل عن لسان سعود الفيصل في حق العماد عون دليل واضح على عدم جدية انفتاح المستقبل على عون، وأن ما يحصل يأتي في سياق حفلة التكاذب والرهانات واللعب على عامل الوقت الذي يصرّ الرئيس الحريري على المشاركة فيه.