مَن المستفيد من إعادة التوتّرات إلى الداخل اللبنانيّ؟!

أحمد طيّ

مَن ذا الذي لا يستسيغ استتباب الأمن في لبنان؟ ربما يكون هذا السؤال عاماً إلى حدٍّ بعيد، لكننا إذا ما أسقطناه على ما جرى خلال اليومين السابقين، لوجدنا أنّ المرامي متشعّبة، والأهداف خبيثة، والمقصود واضح المعالم ولا يختلف حوله عاقلان.

منذ فترة، شهدت مدينة طرابلس اشتباكات عنيفة بين جبل محسن والتبانة، وسُلّطت الأضواء كثيراً على مَن أُطلق عليهم مسمّى «قادة المحاور»، منهم من تحدّى الدولة بجيشها ودركها وسياسييها، ومنهم من لم يأبه بهذه الدولة، ومنهم من أعلن جهاراً قيام الخلافة الإسلامية الداعشية في طرابلس، ومنهم من بدّل العلم اللبنانيّ ببيرق «القاعدة»، ومنهم من قتل وخطف وأطلق النيران على أرجل المواطنين، ومنهم من بلغت «الوقاحة» لديه حدّ التقاط صورة له وهو يجلس في المقعد خلف مكتب مسؤول في قوى الأمن الداخلي في طرابلس. منهم من فُتحت له أبواب الفضائيات اللبنانية والعربية تماماً كما فُتحت له أبواب الفردوس بحور العين فيها وعداً إذا ما «استُشهد»، ومنهم من أملى على الدولة شروطاً ومطالب، ومنهم من نال دعماً وتأييداً من بعض سياسيي طرابلس، ومنهم ومنهم ومنهم… وفي ليلة واحدة، هبط «الوحي الأمني»، وانفرط عقد المحاور، وتوارى «القادة» هاربين، والسياسيون الداعمون أمس «شالوا إيدهم» من «الورطة» اليوم، فعُجّل في تطبيق الخطة الأمنية، ودخل الجيش المَحاوِرَ منفّذاً مداهمات واعتقالات، وعاد الأمن والأمان إلى شهباء الشمال، وتلاها البقاع الشمالي الذي كان سهله في اللبوة والعين والنبي عثمان يُمطَر يومياً بصواريخ «داعشية» بمنصات عرسالية… ولكن!

وفي مخيم عين الحلوة، الذي أراده البعض منفّذاً لأجندة أحمد الأسير بعد تواريه عن الأنظار مختبئاً من عقابه على قتل جنود الجيش اللبنانيّ وضباطه، استطاعت القوى والفصائل الفلسطينية، بالتعاون مع القوى الأمنية اللبنانية، ضبط الوضع فيه، لأنه لا يحتمل العودة إلى عين عاصفةٍ أرادها أسيرٌ وقاعديون… ولكن!

هذه الـ«لكن» الكافرة التي تُبرِز فور حضورها استثناءً قد لا يكون حميداً، حضرت خلال اليومين الماضيين، حاملةً معها محاولات للعودة إلى ما قبل الأمن والأمان في طرابلس، وإلى ما قبل الهدوء في البقاع، وإلى ما قبل «الصحو» في مخيم عين الحلوة… ولكن!

أمّا هذه الـ«لكن» الجديدة، فحضورها إيجابيّ، إذ سُجّل أمس إنجازان أمنيان، تمثّل الأول باعتقال أحد الإرهابيين من الجنسية العراقية في منطقة حارة حريك، أما الثاني، فاعتقال إرهابيّ أردنيّ في المطار، كان ينوي إخراج كمّية من المتفجّرات بعد خلطها بـ… الفلفل!

نبدأ من طرابلس، إذ سجّل منتصف ليل الإثنين ـ الثلاثاء، حادثاً حمل في طيّاته أسئلةً كثيرة طرحنا بعضها في ما تقدّم. فبينما كانت دورية مؤللة تابعة للجيش تنفّذ سلسلة مداهمات في التبانة، أمطرها مسلّحون بوابل من الرصاص وقذائف الـ«آر بي جي»، ما أوقع عدداً من الجرحى في صفوف الجيش، بينهم ضابط برتبة ملازم. كما تضرّرت آلية من نوع «هامر». وعلى الفور، استقدم الجيش تعزيزات إضافية وطوّق المنطقة بكاملها وفرض حصاراً محكماً في «شارع سورية» وقطع الطرقات بحثاً عن مطلقي النار. وما لبث أن عاد الهدوء إلى المنطقة بعد ليلة شهدت اشتبكات عنيفة في شارع البازار وسوق الخضار ببن الجيش اللبناني ومسلّحين على خلفية توقيف مطلوبين.

وأصدرت قيادة الجيش ـ مديرية التوجيه بياناً جاء فيه، أنّه عند الساعة الواحدة والنصف من بعد منتصف ليل الإثنين ـ الثلاثاء، تعرّضت دورية مؤللة تابعة للجيش في محلة التبانة ـ طرابلس، لإطلاق نار كثيف وقذائف صاروخية من قبل مسلّحين، مصدرها المحلة المذكورة، ما أدّى إلى إصابة ثمانية عسكريين بجروح مختلفة، بينهم ضابط برتبة ملازم، ونُقلوا إلى المستشفيات للمعالجة.

وردّ الجيش على النار بالمثل، كما باشر بتنفيذ عمليات دهم واسعة شملت مصادر إطلاق النار، وتعقّب المعتدين لإلقاء القبض عليهم.

ولم يكد الوضع يهدأ، حتى أقدم مجهول عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر أمس على رمي مفرقعة، أحدث صوتها دوياً كالقنبلة، وذلك عند روضة أبي سمراء، قرب ساحة الشراع التي يتمركز فيها الجيش اللبناني، ما أدّى إلى هلع الأطفال والمواطنين.

إلى البقاع، حيث سقط في سهل بريتال صاروخ مصدره السلسلة الشرقية، وذلك حوالى الساعة الرابعة من فجر أمس، على مقربة من منزل المواطن غالب مظلوم، وأفادت معلوما أنّ الصاروخ لم ينفجر.

قنبلة في الرميلة

كما عُثر أمس على قنبلة مربوطة بصاعق وبغالون من البنزين، في أحد الأحياء السكنية في بلدة الرميلة. وحضرت القوى الأمنية إلى المكان وقطعت الطريق البحرية القديمة في البلدة، فارضةً طوقاً أمنياً في انتظار وصل الخبير العسكري.

ولما حضر الأخير، عمل على تفكيك القنبلة، وصودرت، ثمّ فتحت الطريق.

توقيف أردنيّ في المطار

أوقفت فصيلة تفتيشات المطار، الأردني الجنسية «معتصم غ.»، بعدما عُثر معه على كيس كبير يحتوي على بودرة الفلفل الحار، وتبلغ زنته 25 كيلوغراماً، تضمّ نسبة 18 في المئة من مادة «TNT»، و23 في المئة من مادة «NG»، و11 في المئة من مادة «MDEA»، وكلّها مواد خطيرة وممنوعة وتشكّل خطراً على سلامة الطيران.

وكان الموقوف في طريق مغادرته لبنان إلى الكويت على متن خطوط «الجزيرة» الجوّية. وطلب القضاء توقيفه وضبط المواد الممنوعة، وإحالته إلى التحقيق لدى الشرطة العسكرية في جبل لبنان.

… وعراقيّ في حارة حريك

أوقفت وحدة من الجيش في محلة حارة حريك ـ الضاحية الجنوبية، العراقي عماد فوزي علي الساعدي، المطلوب إلى العدالة لقيامه بنشاطات إرهابية، ولقيادته سيارة جيب من نوع «BMX5» من دون أوراق قانونية. وسُلّم الموقوف مع السيارة إلى المرجع المختص لإجراء اللازم.

ابراهيم يبحث ووفد فلسطينيّ أوضاع «عين الحلوة»

أفادت معلومات عن لقاء عُقد بين مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم في مكتب المديرية في بيروت، وبين وفد قياديّ من القوى والفصائل الفلسطينية في لبنان، لبحث موضوع الوضع الأمنيّ المتوتر في عين الحلوة.

مَن المستفيد؟!

أسئلة كثيرة تُطرح حول المستفيد من عودة الأوضاع الأمنية إلى سابق توترها، ولعل الأنظار كلّها متوجّهة إلى ذلك الذي لا يستسيغ الأمن في لبنان، ولا يريد أن يمرّ استحقاق الانتخابات الرئاسية على سلام، ولا يريد من السوريين الموجودين في لبنان أن يتوجّهوا إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم بعد أيام من أجل اختيار رئيس للجمهورية في بلادهم. ولعلّ المستفيد ذلك الذي يراهن في بداية نهاية «الداعشية»، أن ينتقم من الجيش اللبنانيّ وأبطاله.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى