14 آذار: مرة جديدة رهان على الغرب المهزوم
حسين حمّود
ولا مرّة نظر فريق «14 آذار» إلى قوة لبنان الذاتية. لم يعر اهتماماً أو احتراماً لوطنه، في موقف أو قضية، علماً أنه يصف نفسه بأنه الفريق السيادي في البلد مخوّناً الفريق الآخر متهماً الأخير، ولا سيما حزب الله بتنفيذ أجندات ومشاريع أجنبية.
إلا انّ الوقائع تثبت عكس ذلك. فحزب الله، ومعه حلفاؤه، كان ولا يزال يدعو إلى عدم الاتكاء على الخارج، لا أمنياً ولا سياسياً، مشدّداً على ضرورة النظر إلى الداخل والاستفادة من القدرات العسكرية التي يملكها الشعب اللبناني في مواجهة الأخطار المتربّصة بالبلد.
لكن يبدو أنّ «الفريق السيادي» لا يعنيه هذا الأمر وهو الذي اعتاد التقليل من شأن وطنه، على كلّ المستويات، من القدرة على اتخاذ قراره المستقلّ، إلى المحافظة على أمنه وسيادته في وجه العدو «الإسرائيلي»، وصولاً إلى الجيش ثمّ القضاء الوطني بنوعيه العدلي والعسكري.
وبعد تكرار طلب قوى «14 آذار» انتشار قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب على الحدود اللبنانية السورية، تنفيذاً للقرار 1701، بحسب اجتهادات الفريق المذكور، وإهمال الحكومة اللبنانية هذا التفسير للقرار ورفض الأمم المتحدة له أيضاً مشدّدة على أنّ ولاية 1701 لا تشمل الحدود اللبنانية السورية. بعد كلّ ذلك تفتقت «سيادية» الأمانة العامة لقوى 14 آذار ومنسّقها النائب السابق فارس سعيد عن أنّ حماية لبنان وتحديداً بلدة عرسال من الإرهاب التكفيري من قبل الجيش اللبناني والشرعية اللبنانية والشرعية الدولية»، لافتاً إلى توقيع «لبنان بالأحرف الأولى على اتفاق يفيد أنه جزء من تحالف دولي»، وهو التحالف الذي أنشئ في أواخر آب 2014 خلال اجتماع عشر دول في جدة في السعودية، لمحاربة «داعش» برئاسة الولايات المتحدة، وتوسّع هذا التحالف ليضمّ أربعين دولة خارج مظلة الأمم المتحدة.
هذا الطلب برأي مصادر سياسية يؤدّي من جهة إلى استباحة السيادة اللبنانية بواسطة قوات أجنبية لا يحتاجها لبنان طالما أنّ الجيش وبالتعاون مع المقاومة وأهالي عرسال والبقاع عموماً، ضمن ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة المنصوص عنها في البيان الوزاري، قادرون على القيام بهذه المهمة. وقد أثبتت الوقائع الميدانية في الجرود هذا الأمر من خلال المواجهات الجارية بين المقاومة و «جبهة النصرة» و «داعش». علماً انّ حزب الله لم يعلن في تصريح أو خطاب انه سيدخل إلى بلدة عرسال.
هذا من جهة ومن جهة ثانية، يبدو أنّ «قوى 14 آذار» لا تتابع مجريات الحرب التي قال التحالف الدولي إنه يشنّها على «داعش» غافلاً عن قصد جبهة النصرة ، والتي تقتصر على الغارات الجوية لبعض مواقع التنظيم الإرهابي، والتي لم تؤدّ إلى أيّ نتائج لمصلحة التحالف والدول التي تمدّد فيها التنظيم في سورية والعراق. بل على العكس، احتلّ الارهابيون مدناً جديدة، كما حصل في الرمادي والأنبار والموصل العراقية والرقة وتدمر في سورية، وعملوا ذبحاً في أهليهما ودمّروا مما تحتويه من أثار ومعالم ثقافية.
وأشارت معلومات في هذا السياق، أنه منذ سيطر «داعش» على الموصل العراقية والرقة السورية الصيف الماضي، أخذ عدد المقاتلين المجنّدين في صفوفه في الارتفاع، قدّرتهم مصادر غربية بنحو 30 إلى 50 ألف شخص. وبات التنظيم يسيطر بحسب المصادر، على منطقة تضاهي مساحة بريطانيا ويقطنها ما بين 10 إلى 12 مليون شخص.
من جهة أخرى، أكد معهد دراسة الحرب الأميركي، في تقرير له أنّ نتائج الحرب الجوية الذي يقوده ما يُسمّى بالتحالف الدولي على «داعش» ما زالت سلبية.
وجاء في التقرير انه «بعد أكثر من 300 يوم من بدء التحالف الدولي الذي تقوده أميركا بشن حملة جوية ضدّ أهداف «داعش» في العراق وسورية، وبعد أكثر من 3800 غارة جوية شنها التحالف ضد التنظيم، مازالت نتائج هذه الحرب الجوية سلبية».
وأضاف التقرير أنه «لا يبدو انّ التحالف الدولي قادر على إضعاف قدرات «داعش» وتدميره، حسبما تعهّد الرئيس باراك أوباما في أيلول الماضي». وأشار التقرير إلى أنه «رغم الادّعاء أنه تمّ قتل أكثر من عشرة آلاف مقاتل تابعين لـ«داعش» حتى الآن، لكن التنظيم توسّع في واقع المساحة التي يسيطر عليها في العراق وسورية في الأشهر العشرة الماضية».
أما بالنسبة إلى لبنان فإنّ التنظيم الإرهابي، قد لا يكتفي ببلدة عرسال وجرودها وجرود رأس بعلبك، بل قد يتجه شرقاً نحو جبيل فلا تروق له قلعتها الأثرية، فيستريح مسلحوه على حطامها، غير آبهين للفارس الذي يفكّر بحمايتها بواسطة التحالف الدولي.